قضية حضانة طفل اللواء إبراهيم تشغل الرأي العام اللبناني

المحامية في منظمة "كفى" ليلى عواضة لـ"جنوبية" : "المشكلة الحقيقية تكمن في قانون الأحوال الشخصية الذي يميز الرجل عن المرأة، كما أن فصل الأم عن أطفالها يشكل أزمة للطفل والأم ليس في عمر السنتين، بل في كل المراحل العمرية".

يتحول تنفيذ قرارات المحاكم الشرعية في لبنان وحق حضانة الأطفال، إلى قضايا رأي عام، بحيث يحق للأم في المحاكم الشرعية الجعفرية حضانة طفلها حتى عمر السنتين والفتاة حتى عمر السبع سنوات، ونشهد في الآونة الاخيرة تكرار مقاطع فيديو ولقطات تظهر انتزاع طفل من والدته بالقوة، وتبدو فيه الأم في موقف مذلّ ومهين، وهي تهرع خلف رجال قوى الأمن باكية مشتكية غير مكترثة بكرامتها الشخصية التي سُحلت بفعل عاطفة الأمومة.

اقرأ أيضاً: «ضديّ» إنتاج «كفى»: قصص سبع نساء مع المحاكم الشرعية والروحية

توجهت المحامية فاطمة زعرور طليقة مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم اليوم إلى الرأي العام والمحاكم الشرعية الجعفرية تحديدا، من خلال تسجيل مصور تطلب فيه إنصاف أمومتها وتقدير ألم انتزاع وحيدها، متأسفة من إشهار تفاصيل القضية نظرا لموقع طليقها الاجتماعي والأمني الحساس.

مصدر مطلع على حيثيات قضية زعرور أكد لـ”جنوبية” أن “فاطمة زعرور من بلدة نميرية الجنوبية، كانت تعمل كمضيفة طيران وتعرفت على اللواء إبراهيم منذ أربع سنوات خلال رحلة جمعتهما على متن طائرة واحدة، ليتزوجا فيما بعد وينجبا طفلا، وبطبيعة الحال تركت فاطمة عملها، وهي حائزة على شهادة الحقوق وتعمل حاليا في سلك المحاماة”.

وتعليقاً على ما أثير، أوضح وكيل اللواء إبراهيم أن هذه المسألة هي شخصية وخاصة، وقد سلكت الطرق القانونية والشرعية، وتتعلق بالمعنيين مباشرة وبالقضاء الشرعي المختص الذي أصدر حكمه في هذا الشأن.

وتبعا للقوانين في المحاكم الجعفرية، تكون الحضانة مع الأم لعمر السنتين إذا كان الطفل ذكراً، وسبع سنوات إذا كانت طفلة.

الطفل بقي مع والدته، إلا أن الوالد لم ير ابنه إلا أربع مرات خلال السنتين، ما اضطر الوالد إلى اللجوء إلى القضاء الشرعي لينقل حق الحضانة إليه تبعا لقوانين المحاكم الجعفرية، مع أنه لم يرفض لها حتى طلب بقاء الطفل في حضانتها في حال سمحت له بحق المشاهدة، إلا انها أخلت بالاتفاق وهربت بالطفل من بئر حسن إلى بلدة الريحان في جزين، حيث وصلت إليها القوى الأمنية لتنفيذ أمر قضائي صادر عن مدعي عام الجنوب القاضي رهيف رمضان في حقها.

فاطمة زعرور نفت بشكل قاطع أنها لم تسمح للّواء إبراهيم أن يرى طفله، مستشهدة بوجود ثياب وألعاب تخص الطفل “عباس” في منزله. كما ذكرت مصادر إعلامية أن إجراءات التنفيذ تشوبها ثغرات لناحية عدم مراعاة الأصول القانونية، كاستدعاء زعرور للتحقيق رغم حصانتها كمحامية، وتوقيفها دون إذن من نقيب المحامين، وعدم مرافقة ممثل عن مصلحة حماية الأحداث للقوى الامنية خلال المداهمة بحسب التعميم الصادر عن وزارة العدل الذي ينص حول إلزامية ذلك.

المحامية في منظمة “كفى” ليلى عواضة تحدثت لـ”جنوبية” حول الإجحاف الذي يطال المرأة الام في لبنان جراء تسلط القضاء والمحاكم في هذا المجال، واعتماد تنفيذ القرارات القضائية من خلال دخول رجال الأمن وأخذهم الطفل بالقوة.

قالت عواضة “لا يوجد في لبنان رجل غير مدعوم، بغض النظر عن مركزه الاجتماعي، وهم في معظمهم يتبعون لأحزاب سياسية، وما يحصل مع فاطمة يحصل مع الأخريات من كل الطوائف والمذاهب، فمثلا المحكمة السنية هي من أصدرت القرار في فصل ميساء منصور ومداهمة منزلها على الرغم من أن زوجها ليس مسؤولا أو منتظما في أي حزب، وشهدنا العديد من التهديدات التي تعرضت لها سيدات تنتمين إلى الطائفة المسيحية، باقتحام بيوتهن وأخذ اطفالهن بالقوة”.

ورأت عواضة انه “على الرغم من تعدد المحاكم وتنوع جهات القرارات الدينية والمذهبية إلا أن الضحايا هم في النهاية الامهات، فالتمييز القانوني في المحاكم الشرعية ضد النساء في هذا الإطار بات أمرا معلوما”.

واعتبرت عواضة أن “المشكلة الحقيقية تكمن في قانون الأحوال الشخصية الذي يميز الرجل عن المرأة، كما أن فصل الأم عن أطفالها يشكل أزمة للأم والطفل معاً ليس بعمر السنتين بل في كل المراحل العمرية ” مضيفة “الطوائف ومحاكمها تعمل وفق معايير حسابية تتعلق بعمر الطفل، ولا تأخذ بعين الاعتبار مراعاة الوضع النفسي للأم والطفل بعيدا عن تقارير المختصين النفسيين والاجتماعيين”.

وبرأي عواضة فإن “موضوع الحضانة لا يتعلق بالمحاكم الشرعية ولا بالطوائف بل يجب أن يكون من اختصاص القانون والدولة ومنظمات حقوق الطفل” معتبرة أن “المرأة تُحارَب أولا بأمومتها على الرغم من الاعتراض على قيامها بأدوار اجتماعية أخرى” مؤكدة أن ” الحالات التي تتعرض فيها المرأة للظلم لا تصل كلها إلى الإعلام”.

وختمت عواضة “واقع النساء لن يتغير في لبنان في ظل هذه القوانين الشرعية والقضاء الذكوري، ما لم يتوحد القانون المدني وينصف النساء وفق منطق حقوقي عادل يأخذ في عين الاعتبار مصلحة الطفل الفضلى”.

اقرأ أيضاً: حقّ الحضانة..بين الانفعالية وغياب المصلحة؟

من جهة أخرى، أشار الشيخ محمد الحاج العاملي لموقع جنوبية إلى أن “موضوع سن الحضانة هو أمر اجتهادي، يوجب مراعاة مصلحة الطفل الفضلى أولا”.

الشيخ محمد علي الحاج العاملي

وللشهيد السعيد الشيخ زين العابدين الجبعي العاملي تعبير مأثور في هذا الشأن وضع منذ خمسة قرون يدل على رقيه الفكري والإنساني حين قال عن الحضانة إنها “أليق بالأنثى منها إلى الرجل، وذلك لمزيد شفقتها ولكون خلقها معد لذلك”.

وأكد الشيخ العلامة محمد الحاج أن “الهجوم على المحاكم الشرعية وخاصة المحكمة الجعفرية أمر خاطئ، فهي ليست الجهة المنوط بها تعديل القانون، فالمجلس الشيعي الأعلى هو صاحب السلطة الوحيدة لرفع سن الحضانة وفقا للمادة 30 من القانون الأساسي”.

السابق
في كفرا: المعلومات ألقت القبض على أخيه… فهدّد بتفجير نفسه
التالي
رأي سماحة السيد محمد حسن الأمين بشأن الحضانة