تعقيباً على مقالات حسن صبرا(2): ملاحظات على المجلس الشيعي والإفتاء والمحاكم الجعفرية

كي لا يكون كلامي بالعموميات فالأجدى أن أتوقف عند بعض المواضيع التفصيلية التي أثارها الأستاذ صبرا حول المجلس الشيعي، والإفتاء الجعفري، والمحاكم الجعفرية.

تناولت “الشراع” في العديد من المرات قضايا الفساد المنتشرة في المؤسسات الدينية الرسمية، كما تعرّض الأستاذ صبرا للخلل القائم في المجلس الشيعي، مطالباً بإصلاحه، وتفعيل دوره.. وهذا مطلب محق، وسيسجل في ميزان حسناته يوم القيامة، لا سيما ما كتبه في العدد 1845، الصادر بتاريخ 16 نيسان 2018.

وقد كنتُ حملت لواء الإصلاح في هذه المؤسسات منذ قرابة العقدين من الزمن، وكلي أمل بأن ثمار جهودنا ستظهر في المدى المنظور.

اقرأ أيضاً: تعقيباً على مقالات حسن صبرا(1): المؤسسات الدينية غير معصومة وإصلاحها واجب شرعي

ومع تمنياتي بطول العمر للرئيس نبيه بري وللشيخ عبد الأمير قبلان (وهما في الثمانينات من عمرهما) إلا أن الدعوى التي أقمتُها في مجلس شورى الدولة لا زالت قائمة.. ولا بدّ أن تظهر الحقيقة يوماً ما، في كل الملفات، كما ينبغي إعادة المال العام المنهوب، والذي تمكّنا من رصد جزء منه، وسنتابع رصد ما تبقى، في كل ما يتعلّق بالتفريط بالمال الشرعي والأوقاف..

ولا شكّ سنتمكن من إرجاع ولو جزء من تلك الحقوق، بإذنه تعالى، سواء في العقارات المنهوبة من الوقف، والتي سجّلت على أسماء أشخاص، أو عقارات الوقف التي لا يتم دفع أجارها للوقف.. أو حتى الثروات المجموعة على حساب المال الشرعي والأوقاف ومؤسسات الدولة الدينية الرسمية.. هذا مع العلم بأن بعض الملفات القضائية”مجمّدة” لكن في نهاية المطاف “لا يصح إلا الصحيح”.

وبالعودة لمقال الأستاذ صبرا “لمصلحة مَنْ يستورد المجلس الشيعي ملابس نسائية ؟!” فأهم ما طالب به على هذا الصعيد هو بإحكام الرقابة، وتعزيز دور المؤسسة الدينية الرسمية، بما يؤهّلها للعب دور أبوي في الطائفة.. وهذا ما نؤيده تماماً.

ولو كان لدى القائمين على المجلس الشيعي أدنى حسّ أخلاقي أو إنساني – ولن نتحدث عن التقوى الدينية التي يفتقدونها – لاستقالوا من مناصبهم، نتيجة موبقاتهم وإساءتهم للأمانة، واستغلالهم لنفوذهم وامتيازاتهم في سبيل جني المكاسب والأموال..!

أي مستوى منحط وصلت إليه القيادة الدينية الشيعية حينما تحصر اهتماماتها بتجميع الثروات، وبالإحتيال على القانون..!
وكم هو الفارق شاسع بين المكانة الوطنية والعربية والإسلامية التي كان يضطلع بها المجلس الشيعي في عهد الإمامين السيد موسى الصدر والشيخ محمد مهدى شمس الدين، وبين هذا المستوى الوضيع الذي آلت إليه، حيث جل اهتمام المجلس الشيعي هو إدخال سلع من الخارج دون جمرك، نتيجة سمسرة لبعض “أولادهم”.. ولماذا زجّ المجلس الشيعي ب”تجارة الأحذية” و”غرف النوم” و”ألعاب الأطفال” و”ثياب باله”..!!

لن نزيد من التفاصيل والمعلومات التي نمتلك منها الكثير الكثير، لكنني أضم صوتي لصوت الأستاذ صبرا الذي عبّر عنه في رسالته المفتوحة لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، متمنياً عليه القيام بمسؤولياته كاملة في حفظ المجلس الشيعي وأخويه (دار الإفتاء الجعفري، والمحاكم الشرعية) من ألاعيب الصغار، خاتماً له: فساد بيتنا الداخلي أولى بالإصلاح من إصلاح الفساد خارجه، وإذا كانت الموبقات في مؤسسات الدولة تتحمل مسؤوليتها الطبقة السياسية الحاكمة كاملةً؛ فإنّ موبقات مؤسسات الشيعة يتحمل مسؤوليتها قادة الشيعة حصراً، وتالياً يتحملون مسؤوليات إصلاحها.

وقد أورد الأستاذ صبرا معلومات خطيرة في مقاله “المجلس الشيعي: مؤامرة من الداخل” في العدد 1852 (الصادر بتاريخ 4 حزيران 2018) حيث الفضائح الإضافية في الهدر، مع مؤامرة من ضمن البيت الداخلي للمجلس الشيعي لمحاولة إعاقة تسيير أموره بشكل طبيعي.

اقرأ أيضاً: إسمع يا دولة الرئيس (١٣): المجلس الشيعي في عهدكما

وهذا الأمر ليس جديداً على الشيخ أحمد قبلان الذي ما زال يمنع النائب الأول لرئيس المجلس الشيعي من استلام مهامه المنصوص عليها في القانون، في رئاسة دوائر الإفتاء الجعفري.
فقد نصّ القرار الصادر عن الإمام السيد موسى الصدر بتاريخ 1970/11/18 على أنه: (يتولى النائب الأول لرئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى رئاسة جهاز دوائر الإفتاء الجعفري، وإدارة هذه الدوائر وتنسيق الأعمال فيما بينها). ولكن هذا القرار عطّله الشيخ أحمد قبلان، ولم يسلّم مهام رئاسة الإفتاء للنائب الأول لرئيس المجلس الشيعي الشيخ علي الخطيب، الذي انتخب (والأصح عُيّن) في شهر آذار 2017 .

ناهيك عن كون الشيخ أحمد قبلان يتبوّأ منصباً غير قانوني، حيث تمّ تعيينه بصورة غير قانونية، بل مخالفة لأبسط القوانين.. ولا شكّ بأنّ صوت الحقيقة والعدالة سيصدح يوماً ما من مؤسسات الدولة القضائية، حيث كنّا قدّمنا طعناً بذلك.

السابق
رقص وغناء في سيارة نانسي عجرم.. ما القصة؟
التالي
جعجع: لسنا نحن من نتلقى مئات الملايين من الدولارات سنويا، ونقاتل من أجلها في سوريا