محاولات الإنتحار في لبنان… لا تزال ضمن المعدلات الطبيعيّة!

المنتحر يفقد إدراكه ويتصرّف بوعي ناقص نتيجة خلل في الوظائف العقلية التي تحدّ من التصرف السليم. هذا هو التعريف. فما سر انتشار حالات االانتحار ومحاولات الانتحار كثيرا؟

رغم ان القرآن الكريم حذّر من كل عمل يؤدي الى ازهاق النفس، وان كل من يُقدم على الانتحار يذهب الى النار. الا ان دراسات اكاديمية أظهرت أن نسبة محاولات الإنتحار في لبنان وصلت الى 2% من إجمالي عدد السكّان. حيث ان عدد المسلمين فيه هو النصف تقريبا من اصل عدد سكانه البالغ أربعة ملايين نسمة.

إقرأ ايضا: فاجعة انتحار الناشطة «نورهان» تشغل الرأي العام اللبناني

فالإنتحار، الذي يُعد مصدر قلق في مجال الصحة، تشير إحصائيات قوى الأمن الداخلي إلى ان حالة انتحار واحدة تقع كل يومين ونصف في لبنان، ومحاولة انتحار واحدة كل ست ساعات.

ففي العام 2014، شهد لبنان ارتفاعا في معدّلات الإنتحار حيث بلغ 30% مقارنة بالعام 2013، اما العام 2017 فشهد نسبة قريبة، بحسب دراسة إحصائية لقوى الأمن الداخلي.

من هنا، تم إنشاء السجل الوطني للصحّة النفسيّة في العام 2016 لرصد الاتّجاهات في مجال الاضطرابات النفسيّة والعلاجات، فتبيّن ان هناك حوالي 779 شخصاً يعانون اضطرابات نفسيّة في فترة ست أشهر العام الماضي فقط.

ومن بين العيّنة، هناك 116 أقدموا على محاولة الانتحار 15% من هؤلاء هم نساء. ونحو 10 % لم يتخطوا سن الـ18. أما بالنسبة للتشخيص فإنّ 44 % منهم يعانون الكآبة، و20 % لديهم فصام، و15 % يعانون اضطرابات القلق.

ووفق آخر إحصائيّة رسميّة لقوى الأمن الداخلي لعام 2018 سُجِّلت في لبنان 25 حالة وُصّفت بالإنتحار منها 14 للبنانيّين و11 لأجانب كالعاملات الأجنبيات. اما في العام 2014 فقد سجل 143 حالة انتحار.

الدكتور في علم النفس أنطوان سعد
الدكتور في علم النفس أنطوان سعد

المتخصص بالطب النفسي، الدكتور أنطوان سعد، أكد لـ”جنوبية” ردا على سؤال حول “ظاهرة” حالات الانتحار التي ارتفعت مؤخرا في لبنان، فقال “انها علامة أكيد، وتدل على انه هناك شيء يجب ان يُحكى عنه، ويشتغل عليه، خاصة اذا كان من 1/1000 فبات 15/1000 المنتحرين”.

إقرأ ايضا: الشاب اياد أبو علي: أنباء عن الانتحار وتسجيل صوتي يكشف تورط امرأة!

ويتابع الدكتور انطوان سعد، بالقول “لذا، يجب ان ندرس ذلك، واذا كان هناك احصاء صحيح ودقيق حول الاسباب الحقيقية للوفاة، يمكن الوصول الى رقم محدد، لأنه غالبا ما يتم تخبئة الاسباب، ولا يسجل السبب الحقيقي. فخلال ثلاثة اسابيع هناك ثلاثة حالات انتحار في منطقة واحدة”.

ويسأل “من المسؤول، وماذا يجب ان نفعل، وهذا خطر على الشخص الميؤوس منه. وضع المجتمعات الشرقية أخطر بكثير من المجتمعات الغربية، لأن الاسباب مختلفة. والغربيون ينتحرون بسبب انعدام الروابط الاجتماعية، لكن نحن، كشرقيين يتم الانتحار عندنا بوجود الروابط، وهذا أسوأ بكثير. لذا يجب ان نطلق الصرخة من ان ثمة مشكلة يعيشها المجتمع، لذا علينا إيجاد حلّ لها”.

وردا على سؤال، قال “لا يمكن اتهام الاعلام بالترويج لحالات الانتحار، ولا يمكن معرفة السبب الحقيقي الا من يعرف الشخص جيدا، ولا يجب ان نطلق الاقوال دون ان نكون مطلّعين على الحقيقة”.

ويؤكد، الدكتور أنطوان سعد، بالقول “التسرّع من قبل الإعلام يتم لأن الإعلام يسعى وراء السبق الصحفي المتعلق بالصدمات العاطفية، وهذا يضرّ. ويجب على وسائل الاعلام عدم التحليل والتفسير الشخصي عند نقل أي خبر، بل الإكتفاء بالخبر”.

الدكتور فضل شحيمي
الدكتور فضل شحيمي

من جهة ثانية، الدكتورالمتخصص في الأمراض النفسية، فضل شحيمي، قال لـ”جنوبية” ردا على سؤال حول ظاهرة الانتحار في لبنان، انه “لا تزال الارقام طبيعية فيما يتعلق بأرقام الانتحار، ولا يمكن ان نحكيّ عن ظاهرة”.

إقرأ ايضا: حالة انتحار في النويري مجهولة السبب

ويتابع، مؤكدا، انه “لا علاقة لحالات الانتحار بالبيئة المحافظة، فالحالة النفسيّة تصيب الكل. طبعا الدين والالتزام يشكّلا عاملي حصانة، وعاملا” ايجابيا” اضافيّا”، لكنه لا يحمي كليّا من الانتحار، وهو نتيجة حالة نفسية معينة كالقلق والاضطراب في مرحلة ما بعد الصدمة.

ويختم، الدكتور فضل شحيمي، بالقول “في لبنان لا زلنا ضمن الارقام الطبيعية، لكنها بازدياد”.

السابق
هل يطال منع استيراد أصناف بضائع من تركيا… الصين أيضا؟
التالي
صفقة بوتين – الأسد مع اسرائيل تطرد إيران من جنوب سوريا