القانون رقم 10: يعرقل عودة النازحين السوريين ويشرعن الفرز الطائفي

النازحين السوريين
كيف يمكن أن يترجم القانون رقم 10 في لبنان، وهل هو فعلا يغلق الباب أمام عودة الغالبيّة العظمى من اللاجئين إلى أراضيهم؟ وما هي إفادة النظام السوري من إقرار مثل هذا القانون؟

في ظلّ لجوء ملايين السوريين إلى خارج سوريا هربا من الحرب الدامية التي بدأت قبل سبع سنوات، أقرّ الرئيس السوري بشار الأسد القانون رقم عشرة في الثاني من نيسان 2018 “القاضي بجواز إحداث منطقة تنظيميّة أو أكثر ضمن المخطّط التنظيميّ العام للوحدات الإداريّة” و”تعديل بعض مواد المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012 الذي ينص على إحداث منطقتين تنظيميّتين في نطاق محافظة دمشق، وبينما هدف المرسوم إلى إنشاء “مدن نموذجيّة”، جاء القانون رقم عشرة ليوسّع إنشاء هذه المدن لتشمل الأراضي السوريّة كافّة.

وفي المادّة 1/5 من القانون الجديد، تطلب الوحدة الإداريّة من الجهات المعنيّة وخلال مدة أسبوع من تاريخ صدور مرسوم إحداث المنطقة التنظيميّة، إعداد جدول بأسماء أصحاب العقارات مطابقة للقيود العقاريّة. وتدعو في المادة 2/6 الوحدة الإداريّة المالكين وأصحاب الحقوق العينيّة للتصريح عنها عبر التقدّم إليها خلال ثلاثين يوماً من الإعلان برفع طلب يحددون فيه محلّ إقامتهم المختار.

اقرأ أيضاً: التعليم الرسمي في عهد النازحين السوريين يزداد تسيُّبا

من حيث الشكل يبدو هذا القانون وكانه محاولة لبدأ عملية إعادة الإعمار، في حين ترى أوساط متابعة أنّه يمنح الدولة الحق في مصادرة أملاك النازحين غير الراغبين بالعودة بعد إحداث المنطقة التنظيمية .

وقد عبّر اللبنانيون عن إعتراضهم على هذا القانون بإعتباره يمهد لتوطين مئات آلاف السوريين في لبنان، وفي مقدمهم رئيس الحكومة سعد الحريري الذي رأى أن ” القانون رقم عشرة يقول للنازحين”إبقوا في لبنان”.

فكيف يمكن أن يترجم هذا القانون في لبنان، وهل هو فعلا يغلق الباب أمام عودة الغالبيّة العظمى من اللاجئين إلى أراضيهم؟ والى ماذا يرمي النظام السوري من وراء إقرار مثل هذا القانون؟

رأى الوزير السابق والكاتب السياسي سجعان القزي في حديث لـ “جنوبية” أن “أحد أهداف الحرب في سوريا هو تغيير هوية هذا البلد وليس فقط النظام في سوريا، وهذا الهدف أصبح جديا أكثر وأكثر مع طبيعة المعارك العسكرية التي حصلت منذ عام 2011 إلى اليوم والتي إتخذت طابع الفرز المذهبي والطائفي”، وبالتالي “كان من الطبيعي أن نعلم سلفا أن عودة النازحين السوريين إلى سوريا قد تكون ممكنة ولكن عودتهم إلى مناطقهم وقراهم ليست كلها ممكنة لأنه قبل صدور القرار رقم عشرة تم حرق وإتلاف لكل الوثائق الشخصية الثبوتية والعقارية في عدد كبير من المناطق على أساس مذهبي وطائفي”.

وأشار إلى أن “هناك سنّة في مناطق علويّة تم محو أثار وجودهم العقاري وهناك علويون وإسماعليون وشيعة ومسيحيون وأقليات أخرى في المناطق السنية حصل أيضا إتلاف لأوراقهم، وبالتالي القانون رقم عشرة يأتي لشرعنة طبيعة الفرز الطائفي والمذهبي الذي حصل طوال الحرب”.

وبرأي القزّي انه ” من شأن هذا الأمر بغض النظر عما إذا كنا مع النظام أو ضدّه أن يعرقل عودة النازحين السوريين لذلك فإن على الدولة اللبنانية إذا كانت فعلا جديّة بإعادة النازحين وليس فقط إعلاميا بهدف الإستهلاك السياسي والإنتخابي، عليها أن تعيد النازحين إلى أوّل كيلومتر سوري داخل الحدود السورية بغض النظرعن إنتماءاتهم المناطقية والقروية، بمعنى آخر لا يهمنا كلبنانيين أن يعود إبن حلب إلى حلب بل يهمنا أن يعود إبن حلب إلى سوريا ويبقى على النظام السوري التكفّل بعودته الآمنه إلى قريته”، محذرا ” وإلا سنقع بما وقعنا به مع إخواننا اللاجئين الفلسطينيين الذين ربطوا عودته ليس إلى فلسطين بل إلى قراهم في فلسطين وكان ذلك ذريعة للبقاء في لبنان”.

من جهة اخرى، أكّد الخبير القانوني والدستوري أنطوان سعد لـ “جنوبية” أنه “لا يجوز إستملاك الدولة السورية لأملاك النازحين وإعطائهم مهل غير كافية دوليا لتمكنهم من العودة إلى بلدهم” موضحا “لا يمكن عودتهم في حال لم تضع الدولة السورية ضمانات كافية لعودة النازحين توافق عليها الأمم المتحدة فما الذي يضمن لهم عدم إعتقالهم اوعدم اخضاعهم لمحاكمات تعسفية أو حتى تأمين ظروف معيشية مناسبة لهم”، ولفت إلى أن “الخطر يقع على النازح المعارض للنظام”.

وفيما يتعلّق بعودة اللاجئين السوريين قال إن “لعودتهم أصول، فكما جرى في آخر نزوح كبير في جورجيا آنذاك كانت العودة بإشراف الأمم المتحدة لضمان الممرات الآمنة ولعدم إجراء محاكمات وإعتقالات تعسفية وكذلك تأمين ظروف معيشية مناسبة، وبقي هناك لجنة من الأمم المتحدة لمتاعبة شكاوى المواطنين، الامر الذي حصل أيضا في الموصل التي شهدت نزوحا داخليا كبيرا بإتجاه مناطق الحكم الذاتي الكردستاني، حينها قامت الحكومة الكردستانية بالتنسيق مع الحكومة العراقية بإعادة النازحين أيضا بإشراف الأمم المتحدة”.

اقرأ أيضاً: مشروع «الانفاق الاستثماري» يسفر عن توظيف 70% من النازحين السوريين!

واضاف “النزوح في سوريا الذي أصبح في كافة اصقاع الأرض يمثل أكبر عملية نزوح في القرن العشرين، لذلك فإن عودة الناجين لا يجب أن تتم إلا بإشراف الأمم المتحدة او تكون تلك العودة محكومة بآليات وأسلوب الحكم التي يعتمدها النظام والتي ربما تكون جيدة ومشجعة لمؤيدي النظام، أما بالنسبة للمعارضين قد تلحق بهم أضرارا لا يمكن تفاديها لاحقا”.

وختم القانوني سعد “في حال كان الهدف من هذا القانون هو الإستملاك غير المباشر، على الأقل يجب عند وضع اليد على هذه الأملاك دفع الأثمان والبدلات على أن يبقى المبلغ في الخزينة السورية إلى حين عودة النازح ليأخذ ثمنها، لأن السلطة لديها إمكانية إستملاك الملكية العامة لكن ليس في المجان، فالملكية هي في حمى القانون وهو ما تنصّ عليه شرعة حقوق الإنسان والدساتير، ويفترض ان يحترم الدستور السوري شرعة حقوق الإنسان”.

السابق
علم الدين تحصل على دكتوراه مع مرتبة الشرف
التالي
المقداد: انسحاب ايران من سوريا او بقاءها هو شأن يخص دمشق وغير مطروح للنقاش