اجماع لبناني على رفض بيان بروكسل بسبب خطر التوطين

بدأ يتضح شيئا فشيئا أن هاجس "التوطين" أصبح أمرا واقعا، وبأن المخاوف اللبنانية من خطر تجنيس اللاجئين السوريين عادت بقوة بسبب البيان المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي في مؤتمر بروكسل- 2 حول العودة الطوعية للنازحين.

وفي الداخل اللبناني، برزت ترددات مفاجئة لملف النازحين السوريين غداة مؤتمر بروكسيل وذلك مع رفض لبنان الرسمي المتمثل برئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي وكذلك وزارة الخارجية بيان بروكسل، واعتبر انه يتعارض مع الدستور، ويضمر التوطين ويعرّض الوطن للخطر‎.‎ ما يرسم ملامح مواجهة بين الحكم والأسرة الدولية عن هذا الملف من جهة وأركان السطة من جهة ثانية. خصوصا أن رئيس الحكومة سعد الحريري الذي كان ممثلا للبنان في المؤتمر، لم يعترض على البيان الاممي المشترك ولم يشأ التعليق عليه. ما أسفر عن ردود فعل منتقدة من قبل الرئيسان عون وبري وكذلك الوزير باسيل للبيان وللوزراء اللبنانيين الذين شاركوا في المؤتمر ولم يعترضوا عليه.

وكان اللافت في البيان المشترك العبارت التي وردت فيه عن “العودة الطوعية” للنازحين و”العودة المؤقتة” و”ارادة البقاء” و”الانخراط في سوق العمل” وهو ما قد يمهّد لتوطين النازحين السوريين فيما بعد، وهو ما لم ينكره المجتمع الدولي في المؤتمر إذ ورد في الفقرة رقم 20 بأنه ” تم الإقرار بدور إعادة التوطين كأداة حماية أساسية للاجئين المعرضين لمخاطر عالية في مجال الحماية ..”.

اقرأ أيضاً: مشروع «الانفاق الاستثماري» يسفر عن توظيف 70% من النازحين السوريين!

[11:42, 4/29/2018] Suhajaffal:
[11:42, 4/29/2018] Suhajaffal: في هذا السياق، كان لـ “جنوبية” حديث مع وزير العمل السابق سجعان القزّي الذي قال “أساسا انا مؤمن بأن المجتمع الدَّولي أكانت الأمم المتحدة أو الدول المانحة اختار مشروع دمج النازحين واللاجئين والمهجرين في كل الأوطان التي استقبلتهم”. مشددا على أن “هذا القول ليس تخمينا أو تحليلا إنما يستند على التقرير الذي قدّمه سنة 2015 أمين عام الأمم المتحدة السابق بان كي مون في فيينا والذي أكّد فيه أن لا حلّ لموضوع النازحين في العالم ومن ضمنهم النازحين السوريين إلّا بدمجهم في المجتمعات المضيفة وصولا إلى إعطائهم الجنسية”. وتابع “نحن لسنا هنا أمام توطين مبطن كما يظن البعض، إنما أمام توطين واضح ووقح”!

وأشار قزي إلى أنه “يؤيّد البيان الصادر عن رئيس الجمهورية ردا على بيان بروكسل وكذلك البيان الصادر عن وزارة الخارجية. متسائلا “ماذا ينتظر رئيس الحكومة سعد الحريري الذي كان رئيسا للوفد اللبناني لكي يدلي برأيه الواضح حيال هذا الموضوع؟!”

 

 

 

ولفت قزي إلى أن “الكلام الذي يقال في بعض الدوائر اللبنانية بأن البيان صدر ولم يطّلع عليه الوفد اللبناني. فهو عذرٌ أقبح من ذنب، لأن البيانات التي تصدر عن مثل هذه المؤتمرات توزّع على رؤساء الوفود كافة قبل صدورها. وبالتالي فإن الوفد اللبناني يُفترض أن يكون قد اطلع على البيان. وإذا لم يكن مطلعا فهذا يعني أنه لم يقم بواجبه في المؤتر”. وفي كل الأحوال لماذا لم يصدر بياناً لاحقًا ولِمَ لم يؤيد بيان رئيس الجمهورية كما فعل الرئيس نبيه بري. وأوضح قزي: ” في الأصل، قبل بيان بروكسل، إن موقف الحكومة اللبنانية واضح حيال النازحين السوريين وهو: “أعطونا مالا ونحن نتكفّل بإيوائهم”. عوض أن يكون الموقف اللبناني السليم:”خذوهم ولا نريد مالا”.

ورأى قزي “نحن هنا أمام مؤامرة جديدة على لبنان، تذكّرنا بأواخر الستينات ومطلع السبعينات من القرن الماضي”.

وفي سؤالنا عن إمكانية رفض الدولة اللبنانية أي قرار دولي يسبب بتوطين اللاجئين، قال قزي ” لنا ثقة برئيس الجمهورية الذي لديه نبض وطني واضح، لكن طبعا هذا النبض لا يكفي إنما يجب أن يترجم بموقف عملي بالبدء بإعادة النازحين فورًا وتدريجًا. ولفت “وإذا كانت الدولة ستتلكأ عن اتخاذ الموقف العملي، فعلى الشعب أن يتحرّك”. وأضاف “وقد سبق أن تحركنا وقاومنا بكل الوسائل حفاظا على هوية لبنان وتوازن صيغة التعايش الإسلامية – المسيحية”.

وفي الختام، كشف قزي أن “كلّ المؤتمرات التي إنعقدت منذ عام 2014 إلى اليوم، كلّها كان عنوانها كيفية تمرير عملية دمج النازحين السوريين في لبنان. ومن المؤسف أن لدينا بعض المسؤولين يفكرون بالمال وليس بالوطن”. متمنيا “أن تتحمّل الدولة مسؤوليتها قبل أن ينتفض الشعب مثل ما انتفض ضدّ التوطين الفلسطيني سنة 1975 في الجنوب وضدّ الاحتلال الإسرائيلي سنة 2000، وضد الوصاية السورية سنة 2005″.

كما رأت مصادر متابعة أن موقف الرئيس عون والوزير باسيل وعدد من الشخصيات المسيحية هي مواقف إنتخابية رهن هذه المرحلة، تؤدي لاتخاذ موقف رافض وصارم من البيان. لكن السؤال هل سوف تبقى هذه المواقف على حالها بعد الإنتخابات النيابية أو أنه سوف يتمّ الإنصياع للمقررات الدولية؟”.

وقد إستدعى إستنفار لبنان الرسمي، إصدار بعثة الاتحاد الأوروبي، في لبنان ومكتب المنسق الأمم المتحدة، أمس، بيانا توضيحيا، شدّد على ان موقف الأسرة الدولية من لبنان “لم يتغير” وان وجود اللاجئين السوريين في لبنان “مؤقت”، وان المشاركة في سوق العمل حصراً يُمكن ان تتم وفقاً لاحكام القانون اللبناني”.

اقرأ أيضاً: مصير ديموغرافية لبنان بخطر: هل يتكرر سيناريو «الدلهمية»!

فهل تستطيع الهيئات الدولية أن تفرض توطين اللاجئين، وهل يستطيع لبنان رفض هذا القرار؟

أكّد رئيس مؤسسة جوستيسيا المحامي الدكتور بول مرقص لـ “جنوبية” أنّه “من غير الممكن أن يصدر مثل هذا القرار عن المنظمات الدولية بحسب القانون الدولي ولا يمكن إلزام الدول به”. لافتا إلى أنه “قرار سيادي يتعلّق بسيادة كل دولة وحقها في تقدير مصالحها الوطنية وفي تقرير مصيرها”.

بول مرقص

وأشار مرقص أن “هاجس التوطين يرتبط بالخشية من أن يصبح هناك إتجاهات دولية في هذا الإطار تسفر أن يصبح التوطين أمرا واقعا لهؤلاء نتيجة السياسيات الدولية، وبالتالي يتم التوطين الواقعي للاجئين بسبب عدم تمكينهم من العودة إلى بلادهم”.

السابق
الأميرة نورة.. أيقونة الموضة في السعودية
التالي
«حزب الله» وبرنامجه الاصلاحي لما بعد الانتخابات: فاقد الشيء لا يعطيه