عودة 14 آذار بين الواجب الوطني وحتميّة المواجهة (2-3)

أحمد الأيوبي
السعودية تعيد الإعتبار لأولوية مجابهة الإرهاب الإيراني إقليمياً ودولياً

توسيع تحالف السيادة والإستقلال نحو القوى الوسطية

نشَرَ “حزب الله” إرهابه في العراق تحت ستار “المستشارين” ورفع شعار المقاومة ضد الإحتلال الأميركي، رغم أن كل أحزاب إيران دخلت السلطة على الدبابات الأميركية وكوّنت معادلة حكمٍ جمعت الإضطهاد للسنة وتدمير مدنهم مع فسادٍ مستشرٍ غير مسبوق، أدى إنتفاضة سياسيةٍ واسعة منحت معارضي إيران قصب السبق في الإنتخابات النيابية ووضعت نوري المالكي في الدرك الأسفل من الخريطة السياسية العراقية.

إقرأ ايضا: عودة 14 آذار بين الواجب الوطني وحتمية المواجهة(1/3)

إرهاب “حزب الله”.. ثابتٌ ومستمر

مَـدّ “حزب الله” شبكة إرهابه إلى اليمن متسبباً بتحويل هذا البلد إلى ساحة حرب إقليمية، مما أوجب على المملكة العربية السعودية التدخل لحماية أمنها الإقليمي..

لم يكتفِ “حزب الله” بالتخريب في البحرين والكويت، بل مدّ ذراع إرهابه إلى المغرب متسلّلاً لدعم جبهة بوليساريو، ومتسبباً في قطع العلاقة بين الرباط وطهران.

أمام مشهد إجتياح الميلشيات الإيرانية للعالم العربي وإستغلال طهران فرصة حكم باراك أوباما المتواطئ معها، بلغ المدُّ الإيراني ذرزته مزاحِماً القوى الدولية ومحاوِلاً فرض سيطرته الكاملة على سوريا ناسفاً كل فرص التسوية، وساعياً إلى فرض غلبة الأقلية الحاكمة على الأغلبية السنية المضطهدة من عصر حافظ الأسد حتى اليوم..

مسار المواجهة عربياً

خاضت الدبلوماسية السعودية غمار المواجهة مع إيران، لكنها إصطدمت بحدار أوباما الحامي لطهران، والذي حرف تركيا عن مسار الدعم الفاعل للثورة السورية إلى التعاون مع روسيا وإيران، مع قناعة القيادة التركية بتورّط واشنطن في الإنقلاب على الرئيس رجب طيب أردوغان والإصرار على إحتضان عبد الله غولن.

لمس العرب أن مواجهة خطر إيران له أولوية لأنه سيؤدي إلى تمزيق العالم العربي وتشظيه من خلال الفتن المذهبية والطائفية التي تحرّكها طهران، وباتت تهدّد مكة المكرمة بصواريخها المنطلقة من اليمن.

من هذا المنطلق، وضعت الدبلوماسية السعودية الأولوية لإحداث التحوّل في مركز القرار الدولي الأول، وتحويل الموقف الأميركي من الدعم لإيران إلى إعادة الوعي لمخاطر سياسات الإرهاب الإيرانية ومخاطرها على العرب والعالم.

ومن الواضح أن الجهود السعودية نجحت في إعادة الإعتبار لرؤيتها في السياسات الإقليمية ومخاطر الإرهاب الإيرانية. وهذا ما بلغ ذروته بإلغاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب للإتفاق النووي مع طهران وتدشين مرحلة مواجهة مفتوحة لإجبار القيادة الإيرانية على إعادة التفاوض حول الملف النووي وكمح جماح إنفلاتها في العالم العربي.

آفاق المرحلة

تغرق إيران في أزمةٍ إقتصادية خانقة وتتدهور قيمة عملتها (التومان) إلى أدنى مستوياتها ولم تفلح جهود الإتحاد الأوروبي في إقناع شركات دوله في البقاء فبدأت تنسحب خوفاً من سيف العقوبات الأميركية، وتتضاعف قرارات الحصار على ميليشيات الولي الفقيه.

المواجهة لا تزال في بدايتها وهي لا شكّ مكلفة ، لكنها تبقى أقل كلفة من ترك المشروع الإيراني يحرز المزيد من التجذر، لأن الثمن عندها سيكون أضعافاً مضاعفة.

مؤشران على إنكسار المشروع الإيراني

من خلال متابعة التطورات يبرز مؤشران على بداية إنكسار المشروع الإيراني:

ــ المؤشر الأول: هو التحولات الهامة التي تشهدُها اليمن، وإنكسار شوكة العصابات الحوثية وإعلان قبائل صعدة تخليها عن الحوثي وتفكّك منظومته المسيطرة، والإنفراط العملي لتحالفه مع حزب المؤتمر الشعبي، مما يجعل الحسم قاب قوسين أو أدنى، ومن المتوقع أن نشهد إنكسار المشروع الإيراني في اليمن قريباً.

ــ المؤشر الثاني: هو هزيمة أتباع إيران في العراق، وتقدم معارضيها، وعلى رأسهم السيد مقتدى الصدر والتيار الشيعي العربي، الأمر الذي دفع قاسم سليماني إلى إشهار تدخله المباشر في التحالفات بين الكتل لضمان فوز شيعة إيران، وأياً تكن النتائج، فإن كتلة عربية لها أفضل العلاقات مع المحيط العربي وخاصة السعودية، قد ولدت ولن تتمكن إيران من وأدها.

إقرأ ايضا: هل صناعة العدالة بيد فقهاء الأديان وأحزابهم؟

أبعاد الموقف السعودي

لم تكن التصريحات السعودية حول إرهاب إيران وأحزابها مجرد مواقف دعائية أو سياسية فقط، بل إنها كانت تراكم في إتجاهين:
ــ الأول: سياسي، يهدف إلى تأكيد موقف المملكة من الوقائع الجرمية للطرف الإيراني وخلق وقائع دبلوماسية تسهم في توضيح حقيقة الجرائم الإيرانية.
ــ الثاني: إعلامي – نفسي، غايته إعادة تشكيل المشهد والتذكير وتوضيح مخاطر الإرهاب الإيراني على النسيج الإجتماعي للدول العربية وعلى العلاقات الدولية، بعد موجة تضليلٍ إيرانية كانت “داعش” رافعتها الأساس.

السابق
حروف على حظوظ الفرزلي
التالي
خلافات سياسية ونيابية في أسبوع الإستحقاقات