كامل قيادات حزب الله على لائحة العقوبات وسط صمت لبناني

ترامب
عكس الصمت الرسمي والسياسي حيال العقوبات الاميركية والخليجية على قيادة "حزب الله" والتي أعلنت ليل الاربعاء وتواصلت أمس أميركياً في منحى تصاعدي، اتجاهات داخلية متناقضة في شأن هذا التطور ان من حيث رغبة الفريق المستهدف بالعقوبات في تقليل أهميتها وأثرها، أو من حيث تجنب الأفرقاء الآخرين الغوص في ردود فعل متسرعة على تداعياتها.

سجلت الحزمة الأخيرة من العقوبات الأميركية والخليجية على “حزب الله” اللبناني، أعلى مستوى من العقوبات وأكثرها شمولاً، بالنظر إلى أنها لم تفرّق بين الجناحين السياسي والعسكري، وطالت مختلف الشخصيات القيادية في العمل السياسي، وهو ما رأى فيه باحثون معارضون للحزب بحسب “الشرق الأوسط”  أنه “يحمل رسائل مهمة لطهران وللبنانيين والأوروبيين حول جدية العقوبات” و”منع هامش المناورة بين جناحي الحزب”.

إقرأ ايضًا: ماذا بعد استهداف نصرالله والجناح السياسي لـ«حزب الله» بالعقوبات الاميركية؟

وللمرة الأولى في تاريخ “حزب الله”، توضع أسماء كامل قيادته السياسية على لوائح العقوبات التي أصدرتها المملكة العربية السعودية وشركاؤها في مركز استهداف تمويل الإرهاب. وتشمل العقوبات تجميد أرصدة هذه العناصر، وفي مقدمهم حسن نصر الله، ونائبه نعيم قاسم، ومحمد يزبك، وحسين خليل، وإبراهيم أمين السيد وطلال حمية.

وبدا واضحاً لـ “النهار” ان أوساطاً معنية في تحالف 8 آذار تنظر الى العقوبات على أنها امتداد للصراع الأميركي – الايراني من جهة وتعمد اميركي خليجي لاختراق اللحظة اللبنانية الخارجة لتوها من الانتخابات بسلاح محاصرة “حزب الله” من جهة أخرى. وقالت هذه الأوساط ان الاتصالات الداخلية الجارية أثبتت ان الجميع ماضون نحو اتمام الاستحقاقات بما يعني التعامل مع العقوبات باعتبارها وسيلة ضاغطة على الحزب معنويا ومحاولة للتذكير بوجود توازنات خارجية تعوض أي مكاسب للحزب داخلياً.

وقد صرّح مساعد وزير الخزانة الاميركية مارشال بيلغنسلي من واشنطن، لـ “النهار”، بان الادارة الاميركية “عمدت الى اصدار العقوبات في اطار استراتيجيتها الرامية الى مكافحة تمويل الارهاب وقطع التمويل عن “حزب الله” بهدف وقف نشاطاتها الارهابية التي تتجاوز الحدود اللبنانية لتصل الى دول عدة مستنداً الى ممولين كبار يقومون بمده بالأموال، ضمنهم الاسمان الصادران أخيراً ضمن لائحة لن تتوقف عند هذا الحد”. وقال انه “سيكون هناك المزيد قريباً” من غير ان يحدد موعداً لذلك، عازياً الامر الى “التحقيقات الجارية والتي نتعاون فيها مع السلطات اللبنانية وتتم بكثير من الدقة والنزاهة”. وأشار الى ان “هناك تأثيراً أكيداً على الحزب وهناك قلق لديه من بدء شح تمويله”.

وعن الانتخابات الاخيرة التي أعطت الحزب اكثرية مريحة في مجلس النواب وشرعية تمثيلية قال: “نحن نراقب هذا الامر وقلقون منه. ولكن يهمني القول إن “حزب الله” بالنسبة الينا هو منظمة ارهابية ولا نفرق بين ذراع سياسية وذراع عسكريّة. وعقوباتنا لا تستهدف تأليف الحكومة بل هي موجهة حصراً نحو منع ولوج الحزب الى النظام المالي وسنتابع جهودنا في هذا السبيل”.

وفي حين لم يصدر اي تعليق لـ “حزب الله” على العقوبات، واي موقف لبناني رسمي، قالت مصادر سياسية  لـ “الأنوار” ان التعيينات والعقوبات السابقة التي اعلنتها واشنطن، لم تؤثر على الواقع السياسي الداخلي الذي يتهيأ للاستحقاقين البرلماني والحكومي.

وتابعت المصادر ان المصلحة الوطنية العليا تفرض على الاطراف السياسية كافة ابقاء الامور على حالها وانجاز الاستحقاقات البرلمانية والحكومية على قاعدة مراعاة ما انتجته صناديق الاقتراع، بعيدا من العقوبات.

واوضحت مصادر ديبلوماسية اميركية لـ”وكالة الانباء المركزية” “ان صدور العقوبات امر متوقع بعد تلويح الرئيس دونالد ترامب منذ بداية العام الجاري، وبدأ المسؤولون الايرانيون يتصرفون على اساس فرضية الانسحاب من “النووي”، بالتفاوض مع الروس والاوروبيين لابقاء ممرات النفط والغاز مفتوحة الى روسيا والاتحاد الاوروبي، بالتوازي مع مفاوضات جرت بين واشنطن والزعماء الاوروبيين منذ ما يقارب الخمسة اشهر، فكان الاقتراح الاوروبي بفرض العقوبات على ايران مع التوقيع على ملحق من دون الانسحاب من الاتفاق، الامر الذي رفضه الايرانيون على حد سواء، ولم يتمكن الجانب الاميركي بالتعاون مع الاوروبيين من التوصل اليه”.

ولفتت الى “ان طهران التي لم يرق لها ما سمعته في مفاوضاتها مع الاوروبيين، عمدت الى تدارك العقوبات المتجددة بتجميد صرف الاموال للمنظمات التي تتبع لها وتعمل لصالحها ابرزها “حزب الله” الذي اريد منه اعتماد سياسة المواربة، لكن وزارة الخزانة تقوم بمهامها الدقيقة بتتبع الاموال ورصد مورديها الى تلك المنظمات واستهداف شبكات الدعم المالي التي يشتبه بتهديدها الأمن القومي الاميركي. وستتابع بوتيرة حاسمة دورها في تنفيذ العقوبات الاقتصادية ضد التهديدات الخارجية للولايات المتحدة، على رأسها التهديد الايراني ومعه “حزب الله” من خلال اعادة العقوبات على كيانات وشخصيات اخرى”.

إقرأ ايضًا: عقوبات أميركية وعربية جديدة على «حزب الله»: ونصرالله في رأس القائمة
وكشفت المصادر الاميركية “عن مزيد من الاسماء ستُدرج تباعا حتى مطلع آب المقبل بناء على تعليمات ترامب الى وزارة الخزانة، وستضم القائمة المزيد من القياديين في “حزب الله”، بالتعاون مع شركاء الولايات المتحدة الدوليين منها الدول الـ 17 الاعضاء في مركز استهداف تمويل الإرهاب”.

إلى ذلك توقّعت مصادر وزارية  في “الجمهورية” “أن ينعكس التصعيد الأميركي الخليجي ضد “حزب الله” تشنّجاتٍ، ليس على تشكيل الحكومة بمقدار ما سينعكس على الإعداد مسبَقاً لبيانها الوزاري، لأنّ القضية هذه المرّة ليست قضية اسماء وحقائب، بل اسماء وحقائب وسياسة.

وهي رسالة الى من يشكّلون الحكومة، أكانوا في الرئاسة الاولى أم الثانية،  ورأى المصدر “أنّ إحراج الرئيس سعد الحريري سيؤخّر الحكومة أو سيُعدّل في تشكيلها لكي تأتي وسطية، وسيفرض على البيان الوزاري السير بين الألغام والنقاط”.

ووفق مصادر سياسية متابعة، فإنّ العقوبات “ستُحرِج الحريري بالتأكيد، لأنه سيكون امام مشكلة جديدة مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الاميركية في حال ترَأسَ حكومةً يشارك فيها “حزب الله””.

السابق
للمرة الاولى إمرأة على رأس وكالة الاستخبارات الاميركية
التالي
حكومة الشعب لا حكومة الأحزاب