بعد انتصارها الانتخابي: «القوات» عصية على التحجيم

القوات اللبنانية
هل تستطيع "القوات اللبنانية" مقاومة محاولات عزلها وتحجيمها؟

بعد مخاض الإستحقاق النيابي، بدأ العدّ التنازلي لإنطلاق مسار تشكيل الحكومة، التي برزت ملامحها امس مع اللقاءات المكوكية التي بدأت تعمل على فتح قنوات المشاورات بين أكثر من طرف، وذلك في إطار ترتيب بعض العلاقات والتحالفات التي أفسدتها الإنتخابات، تمهيداً لتفاهمات تتناول تشكيل الحكومة العتيدة وتوازناتها.

وإلى جانب اللقاء الذي جمع بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس نبيه برّي، جاءت الزيارة المفاجئة لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لبيت الوسط لتشكّل خطوة لـ”إصلاح ذات البين” بين الحلفاء السابقين، ولتغيّر وجهة الحدث سيما أنها تأتي بعد فتور العلاقة بين الجانبين بعد أزمة إستقالة الرئيس الحريري وكذلك الندوب التي خلّفتها جروح الإنتخابات.

اقرأ أيضاً: لقاءات ما قبل تشكيل الحكومة تتسارع.. وتوزيع الحقائب على نار حامية

وقد ربطت الأوساط المراقبة بين هذه الزيارة وبين التوتر في الشارع المسيحي، نتيجة تمكّن القوات بمفردها من إنتزاع عدد من المقاعد النيابية من “التيار الوطني الحر”، وبالتالي مضاعفة تمثيلها البرلماني الى 16 مقعدا، وهو ما خلق ريبة لدى “التيار البرتقالي” من تقاسم الزعامة المسيحية مع “حليفهم – الخصم”، وجعل الأخير يشهر سلاحه ويشن حملات متواصلة على القوات في الآونة الأخيرة عبر الوزير جبران باسيل، ما خلق مخاوف لدى القوات من محاولة محاصرتهم سياسيا وقطع الطريق عليهم بحصص وازنة في الحكومة القادمة.

كما رأت الأوساط أن زيارة جعجع للحريري هي بمثابة خطوة إستباقية ومحاولة للتقرب من التيار الأزرق، بغية قطع الطريق أمام أي محاولة لتحجيمهم مسيحيا، سيما مع تأكيد جعجع بعد اللقاء ان الحريري كان “مستمعًا” لرأيه في تشكيل الحكومة.

فما الذي دار بين الزعيمين أمس، وهل جرى إتفاق ما حول شكل الحكومة الجديدة؟

أكّد القيادي في تيار “المستقبل” النائب السابق مصطفى علوش لـ “جنوبية” أن “هناك مرحلة جديدة يقبل عليها لبنان، وعلى المستوى الإستراتيجي نعلم ان جعجع اعتبر ان أقرب طرف للقوات هو “تيار المستقبل” وكذلك قواعد الأخير تلتقي أيضا معه”، وتابع “أما على المستوى الحكومي، يبدو أن هناك توجّه لدى الجميع وحتى لدى “حزب الله” للإسراع بتأمين الإستقرار من خلال تشكيل حكومة لأن الوضع الإقليمي هو الذي سيقرر مسار الأمور”، مشيرا إلى أن “هناك محاولة لوضع خطوط عريضة بين القيادات الأساسية لتأليف الحكومة “.

وفيما يتعلّق بتمثيل القوات في الحكومة المقبلة، شدد على أنه “من حق القوات أن تطالب بعدد مقاعد وزارية يتناسب مع حجم تمثيلها النيابي الجديد”، وقال “لا شك اننا مقبلون على مرحلة تجاذب وأخذ ورد حول توزيع الحقائب بين جميع القوى السياسية التي ستشارك في الحكومة ومن ضمنها القوات “.

وحول وضع القوات شروطا حكومية مقابل تسمية الحريري رئيسا للمجلس، إستبعد علوش “دخول الطرفين في مثل هذه المقايضة”.

كيف ينظر “القوات” الى مستقبل علاقاته مع التيار الازرق؟

رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب “القوات اللبنانية” شارل جبّور أكّد أن “زيارة بيت الوسط أمس، تأتي في سياق مرحلة جديدة يقبل عليها لبنان بعد الإنتخابات، وهي مرحلة تستدعي فتح قنوات مع القوى السياسية تمهيدا لهذه المرحلة”، معتبرا أن “حزبه سبق أن ذكر أن مرحلة ما بعد الإنتخابات ليس كما قبلها”، واضاف “نحن مددنا يدنا للقاءات سياسية، وهذا أول لقاء كان مع الرئيس الحريري وهناك لقاءات أخرى مع قوى سياسية أخرى”.

ولفت جبور إلى أن “الحديث الذي جرى عام لانه من المبكر الدخول بتفاصيل تشكيل الحكومة وتوازناتها فهذا الأمر يبدأ رسميا مع مشاورات التأليف” معتبرا أن اللقاء لا يعدو كونه “تمهيدا للإتفاق على عناوين عريضة سوف تحكم المرحلة الجديدة”.

ولدى سؤاله عما إذا تم كسر الجليد بين الفريقين أجاب جبور “لم يتم التطرق للمرحلة الفائتة وتعقيداتها، فلا هو عاتبنا ولا نحن عاتبناه، وتابع “جرى التعاطي مع المرحلة الماضية كأنها لم تكن، والحديث إنطلق على أساس أننا أمام مرحلة جديدة ويجب تجسيد آمال وتطلعات الناخبين”.

واذ اعتبر جبور ان حزبه لا يتعاطى مع التيار الحر على اساس ان الاخير يسعى لمحاصرته سياسيا، قال “نحن ننطلق من مبدأ الإنفتاح على باقي القوى، فكما فتحنا قنوات تواصل مع المستقبل، نحن بصدد فتح قنوات تواصل مع التيار الوطني ايضا”.

اقرأ أيضاً: الاف الأوراق البيضاء اقترعها الجنوبيون.. فهل وصلت الرسالة؟

“أن هناك محاولات لمحاصرة القوات سياسيا، لكن لا يستطيع أي طرف سياسي ان يقوم بذلك” يقول جبور ” أولا بسبب حجمها السياسي والشعبي التي خرجت به في الإنتخابات، ثانيًا لأن القوات تشكّل قوة توازن على المستوى السياسي، ولا يمكن لأي طرف القفز فوقها وأي حكومة تتشكّل من دون القوات سوف يعتريها خلل ونقص على المستوى السيادي داخل الحكومة، لأن القوات بالنسبة للرأي العام اللبناني هي قوة دفع إصلاحية كبرى لا يمكن إستثناءها، و في حال تغييب القوات سيعتبره الرأي العام اللبناني يهدف إلى تمرير مشاريع مشبوهة لا يمكن تمريرها بوجود القوات” واضاف جبور ” السبب الرابع هو امتلاكنا شبكة علاقات واسعة مع أكثر من طرف سياسي، ولا يمكن الإستفراد بحزبنا أو تحجيمه، وبالتالي سوف يتمثل بالحجم الذي يناسبه وزيادة “حبة مسك” ،سيما أن القوات كانت طرفا في التسوية السياسية “.

وفي الختام، رأى جبّور ان هجوم باسيل المتواصل على القوات مؤخرا “له مفعول رجعي يتعلّق بالإنتخابات ولا يتعلق بالمرحلة المستقبلية ، مستبعدا أن “يكون لباسيل مصلحة بمعاداة القوات في المرحلة القادمة”.

السابق
فتوى الشيخ قباني بالجهاد في فلسطين بين الواجب واستحالة التطبيق
التالي
التربويون يرفضون إلغاء «الشهادة المتوسطة»: مستوى التعليم في خطر!