القدس قضية وطنية قومية أم دينية؟

«القدس - فلسطين»
القدس إحدى أكبر و أقدم المدن المأهولة في العالم و أكثرها أهميّةً دينيّةً، مدينة أورشليم أو أورسالم معناها إله كنعاني حامي المدينة. و قيل أنّها مدينة السّلام، لقد اكتسبت المدينة قدسيّتها على ما يبدو يوم فتحها النّبي الملك داوود و جعل منها عاصمة لمملكة إسرائيل الموحّدة منذ ما يقارب الألف سنةً قبل الميلاد.

وبالتّرتيب التّاريخي موقعاً جغرافياً مقدّساً صلب السّيد المسيح على تلة الجلجثة بعد حوالي ثلاثين سنةً من الميلاد وفيها قام. هي ثالث أقدس المدن عند أتباع النّبي المصطفى محمد بعد مكة والمدينة وقبلتهم لثلاثة عشرة سنة بعد النّبوة.

وحدهم المسيحيون و المسلمون يتحمّلون مسؤولية خسارتها لصالح اليهود، هي خسرت مكانتها عند المسيحيين عندما صارت قبلة حجّهم الأولى إلى الفاتيكان. وعندما لم تعد وبأمر من الله و رسوله قبلة المسلمين، لقد تخلّوا فعلاً وليس قولاً عن قدسيّتها لصالح أخرى في مركز قوّتهم وعرين سلطانهم. واستمر هذا التّنازل مع شيعٍ وجماعات وأتباع تفرّعت منهم أو انفصلت عنهم أخذت تزيد من أماكن العبادة ومراقد الأولياء وتبحث عنها في جغرافيّتها، بل تحثّ النّاس وتدفعهم إلى زيارتها وتجعلها سبيلاً سهلاً وأمراً مستطاع.

اقرأ أيضاً: موسم القدس الذي لا يُفوّت

لقد حكم العالم ولوقتٍ طويلٍ قطب واحد، حكمته جغرافيا متّحدة مؤلّفة من عدّة ولايات، تدور في فلكها وتعمل معها وتخدمها ممالك وإمارات ودول وجمهوريات، إلى أن أتت أغرب إنتخابات، وبالغصب انتخب فيها شخص اسمه دونالد وارث منظّمة آل ترامب، من حينها تكشّف للعالم أن من سيحكمه في القادم من الأيام هو الثري المهووس رقم 544 المصفر الشّعر المصارع المصاب عقله بالجفاء. أداؤه ميكي موسي يثير الكثير من الريبة و الإشمئزاز.

إنحدار من القمة قابله تحرّك بالغريزة لدولٍ عندها أطماع تدغدغ عقول رؤسائها أضغاث أحلام، لقد أيقظ الرئيس الظاهرة جمهورياتٍ كانت نائمة، جعل قادتها يلبسون ثياب القياصرة والسّلاطين ويضعون على رؤوسهم وهماً التيجان المرصّعة بالزمرد والزبرجد والأكوامارين، وعلى صدورهم النياشين.

لقد أيقظ سيد البيت الأبيض شهوة العاجز وأسال لعاب العجوز، حتّى القطط نطقت فقالت إن أجدادي أسود. كلّ ذلك بسبب ضعف و انقسام العرب و المسلمين مضاف إليه طريقة تفكير الأقليات الخائفة دوماً من المستقبل المجهول.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تعتقل.. العرب يستنكرون.. و«هايلي» تسخر

تاريخ القدس قديم و قائم ومستمر وطويل، حاراتها كثيرة، فيها حارة للأرمن وحارة للنصارى، ومن بين حاراتها أيضاً حارة لليهود يقال لها حارة الشّرف وحارة أخرى للمسلمين لم تظهر إلا في أوائل القرن التاسع عشر، مدينة قديمة مشكلتها أنها جوكر الأديان، سرّها دائماً مجهول ولا أحد يدري لمن ستسلم الروح، احتكارها مستحيل و لا علاقة للأخلاق بالضم ولا للعلم بالتّاريخ، نحن كبشر نأخذ بالظواهر لكي نصل إلى الحقيقة التي وعلى عكس ما اعتاد أجدادنا هي لا ولن تأتي في زماننا بالدعاء ولا بالتمني وسنخسرها ونخسر قيمتنا إذا ما اعتنقنا بالكامل مذهب القدرية والرضى والتّسليم.

السابق
الإتفاق بين القوات والتيار الحرّ لا يعني وجوب التحالف في الانتخابات
التالي
تعرّفوا على «مطار سوفياتي مهجور في أوكرانيا» الذي أكله الصدأ!