مجموعة الدعم تتبنى حماية لبنان ومحاولة لم تفلح لتغييب 1701 و 1559عن البيان الختامي

جرعة دعم سياسي جديدة للبنان، الخارج لتوّه من ازمة سياسية كان يترنّح على حبالها منذ شهر من خلال اجتماع مجموعة الدعم الدولية في مقر وزارة الشؤون الاوروبية والخارجية الفرنسية في باريس برئاسة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي كانت له اليد الطولى في تجاوز ازمة استقالة الرئيس سعد الحريري و"تثبيت" سياسة النأي بالنفس عن صراعات المنطقة وعودة الانتظام الى عمل الحكومة.

عُقد اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان برئاسة الأمم المتحدة وفرنسا وبحضور رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في باريس أمس (الجمعة) . شارك في هذا الاجتماع كلٌّ من الصين ومصر وألمانيا وإيطاليا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومكتب منسّق الأمم المتحدة الخاص لشؤون لبنان والبنك الدولي.

إقرأ ايضًا: مؤتمر دعم لبنان ينعقد في باريس: اللاجئون والاستقرار السياسي والإقتصادي

وأشارت “النهار” أن التطور الابرز الذي توقف عنده متتبعو الاجتماع ونتائجه تمثل في اتساع البيان لاعادة صياغة دقيقة للالتزامات التي تتناول مسائل حساسة لبنانياً مثل القرار 1559 الذي يعنى بالسلاح غير الشرعي. وبدا واضحاً ان تضمين البيان الختامي هذا القرار الى جانب القرار 1701 لم يرض احدى الجهات اللبنانية المعنية، فكان ان وزع من بيروت نص البيان الختامي مترجما الى العربية خالياً من الاشارة الى القرار 1559 خلافا للنصين بالفرنسي والانكليزي. ولاحقا أعاد الجانب الفرنسي توزيع الترجمة العربية الحرفية متضمنة القرار 1559.
والواقع ان البيان الختامي اتسم باهمية توازي أهمية المواقف التي أعلنها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لدى افتتاحه الاجتماع. فقد شددت مجموعة الدعم الدولية على “ضرورة حماية لبنان من الازمات التي تزعزع استقرار الشرق الاوسط ” ودعت جميع الدول والمنظمات الاقليمية الى “العمل من أجل حفظ الاستقرار والامن السياسيين والاجتماعيين والماليين في لبنان”. وأبدت “ارتياحها لعودة رئيس الوزراء السيد سعد الحريري الى بيروت فهو يمثل شريكاً رئيساً لصون وحدة لبنان واستقراره”. كما نوهت بقرار مجلس الوزراء “المتمثل بالنأي بالنفس عن الصراعات والحروب الاقليمية وعن التدخل في شؤون البلدان العربية”. وأعلنت انها “ستولي اهتماما خاصا لتنفيذ جميع الاطراف اللبنانيين قرار مجلس الوزراء… وفقا لما ورد في الاعلانات السابقة وتحديدا في اعلان بعبدا لعام 2012 “. وبعدما كررت ضرورة تطبيق القرارات الصادرة عن مجلس الامن والتقيد بها على نحو تام “بما فيها القرارن 1559 و1701، لفتت الى ضرورة عدم حيازة اي اسلحة غير اسلحة الدولة اللبنانية ودعت الاطراف الى معاودة المناقشات للتوافق على خطة الدفاع الوطنية.

 

بينما لفتت “الجمهورية إلى  انّ التباساً أحاط الترجمة العربية لبيان مؤتمر باريس، حيث لوحظ انّ السفارة الفرنسية في لبنان تَولّت توزيع 3 نسخ للبيان الختامي لمجموعة الدعم، باللغات الفرنسية والانكليزية والعربية. ولفت في النسختين الفرنسية والانكليزية ورود القرار 1559 الى جانب القرار 1701، فيما خَلت النسخة العربية من أي ذكر له، مُكتفية بالنص على القرار 1701.
الّا انّ السفارة الفرنسية عادت بعد فترة وجيزة الى توزيع نسخة ثانية عن البيان باللغة العربية، معدّلة عن الاولى بحيث أضيف فيها القرار 1559 الى جانب القرار 1701.
وقد أحدثَ هذا الامر استغراباً لدى اوساط سياسية، وتساءلت حول سرّ حذف القرار 1559 من النسخة العربية الاولى، واتهمت السلطة اللبنانية ووزارة الخارجية بـ”تزوير” النسخة العربية عبر حذف القرار 1559 من متن البيان الختامي، الأمر الذي دفع السفارة الفرنسية الى توزيع السنخة الثانية.

ونقلت “الشرق الأوسط” وألقى الحريري كلمة أمام المؤتمر الوزاري لمجموعة الدعم الدولية، شكر فيها الرئيس الفرنسي على عقد “هذا الاجتماع المهم لمجموعة الدعم الدولية “. وأضاف: “لقد عبر لبنان للتو أزمة كان من شأنها أن ترتد على استقراره السياسي والاقتصادي والأمني”. وأكد الحريري أن جميع التشكيلات السياسية اللبنانية قامت بإعادة تأكيد التزامها احترام مبدأ النأي بالنفس عن النزاعات الإقليمية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية.

 

وتابع: “وعلى أساس هذا الالتزام، قررت سحب استقالتي، وعلى حكومتي الآن أن تكرس نفسها لمهمة الحفاظ على أفضل العلاقات مع الدول العربية ومع المجتمع الدولي، على أساس احترام قرارات مجلس الأمن، وبخاصة القرار 1701 الذي يساهم بضمان الاستقرار والأمن على حدودنا الجنوبية منذ 11 عاما”.

وأوضح الحريري أن على حكومته استئناف برنامجها للاستقرار والأمن الداخلي في لبنان، وللاستجابة لحاجات مواطنينا الأساسية، وفي الوقت نفسه مواجهة التحديات التي تفرضها أزمة النازحين السوريين على لبنان. وعليها أيضا مواصلة الإصلاحات وعقد الانتخابات النيابية المحدد موعدها في مايو (أيار) المقبل.

في هذا السياق، قالت مصادر مواكبة لاجتماع مجموعة دعم لبنان لـ”الجمهورية”: إنّ المشكلة الاساسية التي قد تواجه لبنان وتحول دون حصوله على حصّة وازنة من المساعدات الاقتصادية، هي عدم تلبيته لالتزاماته السابقة التي قدّمها في مؤتمرات الدعم من باريس 1 الى باريس 3.
وكانت الدول المانحة ربطت بعض الهبات والقروض بالتزامات إصلاحية تَعهّدَ لبنان القيام بها، ليتبيّن اليوم أنه لم يَفِ بأيّ من هذه الالتزامات. وبالتالي، سيكون صعباً توقّع الحصول على مساعدات كافية في أي مؤتمر مُقبل للمانحين، على رغم توافر الرغبة في دعم لبنان من قبل أكثر من بلد صديق.

وأشارت المصادر الى انّ المؤتمر المخصّص لدعم لبنان في ملف النازحين، سيكون فرصة لكي يُعيد لبنان تقديم أوراقه لجهة المشاريع التي يحتاجها لتعويض الخسائر والاضرار التي لحقت به جرّاء وجود هذا العدد الهائل من النازحين. ومن المتوقع ان يكون الحصول على مساعدات في هذا الملف أسهل بالنظر الى حساسية الموضوع، وحماسة الدول لضمان عدم تسرّب النازحين الى أراضيها.

وقالت “اللواء” أنه من أبرز اللقاءات التي عقدت على هامش المؤتمر، الاجتماع بين الرئيس الحريري والوزير الأميركي ريكس تيلرسون والذي استمر لمدة نصف ساعة، وأجرى مراجعة للعلاقات اللبنانية – الأميركية من الجوانب كافة لا سيما الالتزام بتقديم ما يلزم من مساعدات عسكرية للجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى. وشدّد تيلرسون على التزام بلاده باستقرار لبنان ودعم اقتصاده.

إقرأ ايضًا: لبنان من الحاضنة السعودية الخشنة الى الحضن الغربي الناعم

في إطار متصل، علمت “اللواء” من مصادر دبلوماسية غربية ان نائب الرئيس الأميركي مايك بنس يدرس زيارة لبنان في إطار جولة يقوم بها في المنطقة، ومن ضمنها إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث رفضت السلطة الفلسطينية استقباله، قبل ان تتراجع إدارة ترامب عن القرار بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل.

وأوضحت المصادر رداً على سؤال ان قرار الزيارة كان متخذاً، لكن تعديلاً ما طرأ، وقضى بتأجيل الزيارة، في ضوء تصاعد حملات الغضب ضد الإدارة الأميركية، بعد قرار ترامب.

السابق
غارة اسرائيلية على غزة
التالي
500 متطرّف فرنسي لازالو في سوريا والعراق