التسجيل المسبق قبل الانتخاب… بين الضرورات والتعرّض للضغوطات

ما وراء رفض بعض القوى السياسية التسجيل المسبق قبيل الانتخابات النيابية؟

حتى الآن لم تُفك عقدة قانون الإنتخاب “العجائبي”، وعلى الرغم من أن الإستحقاق النيابي دخل في سباق مع الوقت إلّا أن المماطلة سيدة الموقف إذ يستمر الكباش السياسي بين القوى السياسية منذ وضع القانون طوال أشهر من الانقسام والتعارض والتنقل من صيغة إلى سواها حتى بلغ التشابك حول الاجراءات التنفيذية للانتخابات.
ولا تزال عقدة البطاقة “البيومترية” مستعصية، ولا سيما لجهة رفض التلزيم بالتراضي من قبل “حزب الله” و”حركة أمل”، ومن جهة أخرى الامر الاكثر تعقيداً يتمثّل في التسجيل المسبق للمقترعين في أماكن سكنهم، الذي ما زال محلّ جدال وأخذٍ ورد في اللجنة مع اعتراض “التيار الوطني الحر” ممثلاً بالوزير جبران باسيل.

اقرأ أيضاً: المشنوق يردّ «الصاع صاعين» لباسيل.. ويرمي الكرة في ملعبه!

وتعقد اللجنة الوزارية المكلفة البحث في سبل تطبيق القانون الانتخابي اجتماعاً بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء بعد ظهر اليوم (الخميس) وسط هذه الأجواء المتوترة والتي بلغت ذروتها بعد هجوم باسيل على وزير الداخلية نهاد المشنوق والردّ عليه وهذا ما يطرح مصير اجراء الانتخابات النيابية على “المحك”.

ولا توحي الأجواء بإحراز اي خرق في ظل إصرار التيار الوطني على عدم تجاوز البيومترية دون التسجيل المسبق في خلاف مع باقي القوى السياسية فيما المادي المادة 95 من قانوت الإنتخاب تمكن العودة الى الانتخاب في مكان القيد ببطاقة الهوية او جواز السفر وبالتالي ليس هناك عقبة بالتخلي عن هاذين البندين في ظلّ عدم التوافق. وهو ما يطرح تساؤل فيما الجميع يؤكّد على إجراء الإنتخابات في موعدها لما الخلاف فيما الحلّ موجود؟ وبالتالي ما وراء رفض التسجيل المسبق؟

لا تستبعد مصادر متابعة لملف الإنتخابات أن سبب رفض التسجيل المسبق للمقترعين في أماكن سكنهم هي الخوف لدى القوى السياسية لجهة تحرير الناخب من القيود عبر تمكينه من الإقتراع في مكان سكنه دون العودة إلى مكان قيده وبالتالي لا يتأثر المقترع بالدعاية السياسية او الضغوط التي يمارسها المرشح في هذه الدائرة.
وقد إستطلعت “جنوبية” رأي الاستاذ محمد شمس الدين الباحث في الشركة الدولية للمعلومات والخبير في الشأن الإنتخابي الذي أشار أن “قانون الإقتراع الجديد نصّ على إمكانية الإقتراع بواسطة الهوية أو بجواز السفر الصالح كما نصت مادة أخرى على إمكانية إستحداث بطاقة ممغنطة بمشروع تعده الحكومة ويقرّه مجلس النواب وتسهّل هذه البطاقة الإقتراع للمواطنين عبر الإنتخاب في أماكن سكنهم أو في أماكن قيدهم”.

وتابع “لكن الحكومة ذهبت إلى ما هو أبعد من البطاقة الممغنطة للإنتخاب إلى بطاقة هوية بيومترية تحلّ مكان بطاقة الإنتخاب والهوية الحالية أيضًا لجهة أن الحكومة كانت مقررة منذ سبع سنوات تقريبا إعتماد هوية شخصية جديدة تحوي على مزيد من البيانات تحدّ من إمكانية تزويرها. وجاء المقترح أن بدلا من انجاز بطاقة الإنتخاب حاليا ومن ثم قيام ببطاقة بيومتري بعد سنتين يتم إنجاز بطاقة بيومترية تستخدم كهوية وكبطاقة إنتخاب دفهة واحدة”. مشيرا إلى أن “هذا الأمر ظهر أنه ليس هذه البساطة حيث من المفترض إنجاز أكثر من 20 أو 30 مركز لإصدار بطاقات لحوالي 4 ملايين ناخب مسجلين على القوائم الإنتخابية وهو ما أدّى إلى أن تصبح الأمور بالتراضي دون أن تترفع الكلفة إلى 130 مليون دولار التي تقدرها الحكومة لإنجاز هذه البطاقة “.


وأكّد أن “إقتراع الناخبين ماكن سكنهم وليس في مكان قيّدهم مسألة مهمة جدا وهو إجراء إيجابي لتحسين قانون الإنتخاب، لكن أمام الثغرات التي يحتويها هذا القانون كطريقة تقسيم الدوائر ال 15 على أساس محاصصة طائفية وسياسية ورفع صقف الإنفاق المالي للمرشحين إذ يسمح لمرشح ان ينفق في دوائر معينة ما يقارب مليارين ونصف ليرة ما يعني أن العملية الإنتخابية ستشهد عمليات رشوة كبيرة، تصبح لا قيمة لنتائج هذا الإجراء التحسيني المهم لأن هناك أخطاء أكبر منه كان يجب تداركها”.

اقرأ أيضاً: هل من قضية وطنية في الانتخابات النيابية المقبلة؟

وأشار شمس الدين أنه “عمليا حتى لو تمّ إعتماد البطاقة البيومترية لا يستطيع المقترع أن ينتخب أينما يريد دون أن يكون هناك تسجيل مسبق لمعرفة عدد المقترعين في كل مركز ما يجعل العملية أقل تعقيدا، وهي الطريقة المعتمدة في كلّ دول العالم لذا لا بدّ من التسجيل المسبق. ومن هنا عند إعتماد هذه الآلية تفقد البطاقة البيومترية قيمتها لأنه يتمّ تسجيل أسماء المقترعين ما يساعد بمعرفة فيما لو كانت هذه البطاقة مزورة أو لا”. ولفت إلى أن “بعض القوى السياسية إختلقت حجة أن التسجيل المسبق يؤدّي إلى معرفة كل مقترع أين سينتخب ما قد يعرضهم للضغط “. ورأى أن “الناخب اللبناني لا يتعرّض للضغط إنّما هو من يضع نفسه قابلا للأخذ والردّ حسب مشيئة المرشح”.
وخلص شمس الدين بالتأكيد إلى أن “إقتراع الناخبين في أمكان سكنهم أمر مهم للغاية إلّا انه إذ كانت كلفتها ستكون عالية كثيرا يفترض أن تؤجل إلى الدورة القادمة”. وأضاف ” لا أعتقد أنه في حال إمكانية إجراء الإنتخاب بمكان السكن بوسطة التسجيل المسبق أن تُمارس ضغوط على الناخبين. وإستبعد فكرة أن الإقتراع في مكان السكن تقلل من الضغط الذي تمارسه أحزاب معينة على الناخب في حال إقترع في مكان قيده”.

السابق
بيان من مكتب ميريام فارس يعلن تعرضها لحادث لم يكشف عن تفاصيله بعد
التالي
فيديو الحريري «هلا بالخميس»يثير ضجّة