الحكمة البرّية في القضايا الدستورية

قرار المجلس الدستوري بإبطال قانون الضرائب البرّية جاء بمثابة فضيحة خصوصاً بالنسبة لرئيس المجلس المتمادي منذ خمسة وعشرين سنة في هذا المركز ورغم ذلك جاء القانون المقر مخالفاً لمقدمة الدستور ومخالفاً لثلاثة مواد من الدستور وكذلك مخالفاً للأصول والمبادئ في عمليات التشريع وإصدار القوانين وطبعاً المسؤول الاول عن هذه الأخطاء الجرائم هو رئيس المجلس.

اقرأ أيضاً: نقمة شعبية وإرباك سياسي بعد الغاء المجلس الدستوري لقانون الضرائب

قرار المجلس الدستوري فضح الجهل والاستهتار والتطاول على الدستور والتعامل معه بالعقلية الميليشيوية. وطبعاً لم يتوقع بري هذا الموقف – القرار من المجلس الدستوري والذي يطاله شخصياً ويفضح ممارساته فتعمّد الرد على ذلك في مرحلة أولى من خلال توجيه ملاحظات تمس المجلس الدستوري في نزاهته اذا لم نقل انها تهين هذا المجلس. في اول رد فعل قال ان قرار المجلس الدستوري جاء لمصلحة المصارف محاولاً الإيحاء بأن المجلس الدستوري يعمل في خدمة المصارف وليس الدستور ومتناسياً انه هو اكثر من عمل من خلال التشريع طوال ٢٥ سنة على خدمة المصارف والإشادة بدورها. بعدها قال ان قرار المجلس الدستوري لم يأتِ من الملائكة قاصداً ان القرار صدر بناءً لرغبة أطراف تخاصم بري ومشككاً بنزاهة القرار وصانعيه.

في المرحلة الثانية أعطى للموضوع بعداً سياسياً اذ اعتبره تطاولاً على المجلس النيابي وعليه شخصياً وعلى صلاحياته وطبعاً يريد ان يعطي للقضية بعداً مذهبياً لكي يتمترس وراء الطائفة فقال آن ذلك خرق لاتفاق الطائف وبداية قتله موحياً ان حقوق “الطائفة” مهددة وذلك للعب على الغرائز المذهبية كسلاح أساسي ضد قرار المجلس الدستوري ولإخفاء مستوى الاستهتار بالدستور اي بالتعامل مع الشعب اللبناني وحقوقه.
بري يوجه هذه الكمية من الاهانات للمجلس الدستوري ويثير أو يحرك الشارع معززاً بذلك ثقافة عدم احترام المؤسسات واعتبار ان الزعيم وأقواله وافعاله اهم بكثير من المؤسسات مهما علا شأنها ودورها.
أصلاً بري تصرف منذ عام ٢٠٠٥ حتى الآن على ان لبنان ليس بحاجة الى دستور طالما بري موجود في رئاسة المجلس النيابي،يعتبر انه هو الدستور الناطق عكس الدستور الصامت الذي يعمل أعضاء المجلس الدستوري بموجبه. اقوال بري وافعاله هي الدستور والويل لمن يخالف.

اعتقد ان على رئيس الجمهورية الذي اقسم على حماية الدستور ان يقوم بحماية كرامة أعضاء المجلس الدستوري وان يطالب بإعتذار علني لهذه الشخصيات العشر التي قضى كل واحد منها على الأقل أربعين سنة في خدمة البلد والدستور ولا يليق ان تنتهي الأمور بهذه الطريقة البرية اي سيادة شريعة الميليشيات ومنطق الميليشيات.

اول عمل يجب ان يقوم به رئيس الجمهورية هو الاجتماع مع أعضاء المجلس الدستوري العشرة والحديث العلني المطوّل عن المخالفات للدستور التي شهدها البلد من التمديد الى التلكؤ عن إصدار موازنة وقطع حساب لمدة ١١سنة مروراً بعدم إعطاء مجلس النواب اي فرصة للعب دور مهم في التشريع والمحاسبة عبر اجراء جلسة أو اثنتين في السنة مما جعل مجلس النواب مختزلاً برئيسه وعاملاً في خدمة مصالحه.
المجلس الدستوري من اهم إنجازات اتفاق الطائف وهو جاء كإصلاح أساسي لكن بري حاول ويحاول الْيَوْمَ قتله وقتل كل عملية اصلاحية في البلد.

السابق
برسم وزير التربية: من المسؤول عن حرمان مريض بالسرطان من التعليم؟
التالي
الكرد السوريون: أجرينا استفتاءنا وهذا ما نطمح اليه