البيت السعودي الداخلي تحت المجهر والخاشقجي يشهّر بقمع الحريات

جمال خاشقجي
أحدثت مقالة الكاتب السعودي جمال خاشقجي في "واشنطن بوست" والتي إنتقد فيها السياسات القمعية للملكة جدالا واسعا وحملة مضادة داخل المملكة.

بعد الحديث مؤخرا عن حملة إعتقالات كبيرة في المملكة العربية السعودية بحق علماء دين ومفكرين وناشطين حقوقيين معارضين على سياسات الحكم في بلادهم رفع الصحافي السعودي “المغضوب عليه” جمال خاشقجي الصوت عاليا على بلاده من المهجر في وجه حملة الإعتقالات والقمع في السعودية.

وتحت عنوان ” القمع في السعودية لم يعد يطاق” نشر خاشقجي مقالته في في صحيفة “واشنطن بوست” أمس، مشيرا إلى أن عدم الإضاءة على السياسات القمعية للملكة هي خيانة لأولئك الذين تم رميهم في السجن.

اقرأ أيضاً: تغريدة خطيرة لجمال خاشقجي حول لبنان

وأوضح الأسباب التي كانت تمنعه من الحديث عن الاعتقالات السياسية في السعودية وقال إنه قرر عدم السكوت بعد الآن وضم صوته لصوت أصدقائه اللذين اختاروا المنفى للتعبير عن رفضهم لسياسات الحكم في السعودية وذلك هربا من الإعتقال. مشيرا إلىأن السكون لم يعد مسموح لأن السعوديين يستحقون الأفضل.

وقد وصف حملات القمع والترهيب التي تقودها المملكة في الوقت الحالي بـ«الأمر المروع والغريب والمتناقض»، ولم يشهد المجتمع السعودي مثله من قبل، موضحًا أنّ معظم الذين طالتهم حملة القمع الأخيرة كانوا يؤيدون ابن سلمان وأيدوا خططه الاقتصادية والاجتماعية، كما استنكر مطاردة السلطات للإسلاميين وجماعة الإخوان المسلمين على الرغم من أن المملكة «أم الإسلام السياسي».

ولم يسلم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من نقد خاشقجي اللاذع إذ قال على الرغم من وعود الأمير بالإصلاح والتغيير على أن تصبح السعودية أكثر انفتاحا لكن كل ما يراه الآن هو الموجة الأخيرة من الاعتقالات.

وكشف خاشقجي عن تواصله مع شخصيات سعودية مقيمة في لندن وإسطنبول؛ لمحاولة فهم ما يجري في المملكة من اعتقالات شملت مثقفين وأكاديميين، ذكر منهم الاقتصادي البارز عصام الزامل، الذي كان ضمن وفد سعودي رسمي في الولايات المتحدة قبل اعتقاله بمدة قصيرة.

وختم الخاشقجي بالقول: «منذ سنوات تألمت للقبض على أصدقائي، ولم أقل شيئًا حينها؛ لم أرد أن أفقد وظيفي أو حريتي، كنت قلقًا على عائلتي».

إلا أن مقالة خاشقجي لم تمرّ مرور الكرام إذ تهاتف عليه الهجوم من كل حدب وصوب من قبل نشطاء وصحف السعودية. وقد إتهمته صحيفة “عاجل” السعودية أنه تقاضى 9 ملايين من أمير قطر للإساءة للمملكة إذ شن الكاتب “محمد الطاير” هجوما على خاشقجي، مؤكدا بأن له تاريخًا أسود، بحكم معرفته به وعمله معه قبل أعوام، وأفصح عن علاقته بحزب الله وبأنه كان دائمًا يراهن على علاقاته بالإعلام الغربي “ويعتقد أنه قوي. وتةجه إليه بالقول ” “لو تكتب ألف مقالة لن تغير شيء، لأنك ببساطة متناقض.. تاريخك أسود.. ولك أرشيف طويل في دعم الجماعات الإرهابية سيكشف قريباً”، كاشفا أنه قريبا سيكتب تقريرًا بعنوان “خاشقجي وحزب الله.. القصة التي لم تذكر”.

كما اتهمته صحيفة “الوطن” السعودية أنه باع وطنه وتحت عنوان ” جمال خاشقجي يستقوي بإعلام الغرب لتشويه الوطن .. لا يعرف أنَّ زمن الابتزاز انتهى !ورأت الصحيفة أنه تناسى مصالح الوطن وراح يروّج للكذب، وافتراء الشائعات، حتى وصل به الأمر إلى الاصطفاف خلف جماعة “الإخوان المسلمين”الإرهابية، وأشارت إلى أنه إستغل أزمة قطر، للتآمر على بلده، بغية تحقيق حلم تنظيم الحَمَدَين، بالتوسّع من إمارتهم الصغيرة، إلى حكم الإمبراطورية الإخوانية، خرج من منابر الغرب لا من منابر الوطن ليسيء للوطن.

موجة الهجوم هذه إستدعت ردا من قبل خاشقجي، فغرّد على حسابه على موقع “تويتر” قائلا: “الذين انبروا بهجوم شخصي ضدي عقب مقالي بالواشنطن بوست، بإمكانهم الرد عليه بمقال بنفس الصحيفة إن كان لديهم حقائق تنفيه وأحسب أنها لن تردهم”. وتابع أن “الولاء للقيادة والوطن يكون بكلمة حق ونصيحة صدق، وهو ما فعلته وسأفعله”.

وردا على قول بعض المغردين السعوديين إن خاشقجي لم ينتقد حملة الاعتقالات في تركيا، علق قائلا إن “دولتنا أيدت الإجراءات التي اتخذتها تركيا وسلمتهم مطلوبين، هناك اخترق تنظيم الجيش والدولة ونفذ انقلابا دمويا قتل فيه مئات فلا تخلط هذا بذاك”.

ويعتبر خاشقجي كاتب وصحافي مشاكس إذ عرف دائما أنه يسير عكس التيار، وهذا ما دفع المملكة من التبرؤ منه وقد أصدرت تعميما وكالة الأنباء السعودية الرسمية “واس” بأنه لا يمثل المملكة في كل مقابلاته، أو تصريحاته الصحفية” وكل ما يعبر عنه من آراءٍ تعدّ شخصية خاصة بعد انتقاده وصول دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة في الانتخابات الأمريكية الفائتة منقدا منتقدًا نظرة الحكومة السعودية المسطّحة للأمور، متغافلين عن عواقب أخرى بانتظار المنطقة. هذا عدا عن كتاباته التي إنتقد فيها مصر الأمر الذي جعل القيادة السعودية تتبرأ من تصريحاته المتلفزة، بل حتى وصل الأمر بمنع خاشقجى من الكتابة، سواء فى الصحف المحلية أو الخارجية، ومنع ظهوره فى المحطات التلفزيونية العربية والأجنبية، وفى الندوات والمؤتمرات السياسية، وجرى تعميم هذا المنع على محطتى “العربية” و”الحدث”، ومحطات خليجية أخرى أيضًا.

كما وقد منع مؤخرا عن الكتابة في صحيفة “الحياة” اللندنية بأمر ملكي ، بسبب تغريداته المدافعة عن جماعة الإخوان المسلمين، والتي أكد فيها أنه من الاستحالة منع التعاطف معهم لأن منهجهم منهج كل مسلم.

السابق
توصيات المرجعية الدينية في عاشوراء.. لكن لا حياة لمن تنادي!
التالي
حربُ لبنان من حربِ سوريا