استسلام الدواعش لحزب الله دون الجيش يثير تساؤلات!

استسلم الدواعش لحزب الله، صورة تمّ تعميمها على الشاشات من إنتاج الإعلام الحربي التابع للحزب فيما يحاول هذا الإعلام نفسه تأكيد تنسيق الجيش اللبناني الذي لم يحظ ببركة استسلام اعدائه، مع الحزب.

بشكل مفاجىء ودون سابق انذار، نشر الاعلام الحربي التابع لحزب الله خبر تسليم عدد من عناصر داعش الذين يقاتلون في القلمون الغربي أنفسهم إلي مقاتلي الحزب والجيش السوري، في حين أنّ هذا التنظيم الإرهابي ما زال يقاتل الجيش اللبناني على جبهات محاذية للمعركة بضراوة.

فتداول الاعلام الصور وأشرطة الفيديو التي عرّت هؤلاء الدواعش “القتلة” من شيطانهم، فظهروا أناساً مسالمين لا وجوه مكفهرة لهم ولا أحزمة ناسفة على بطونهم.

بابتسامة مشرقة “هوليودية”، ونظارات شمسية، وهواتف خليوية، وربما “شبكة انترنت”، استسلم الدواعش ليعلقوا “خلص .. خلصت”!

ولعلّ عباراتهم هذه هي الحقيقة الوحيدة في كل المشهد، إذ انتهت المسرحية ولم يعد من داعٍ لاستمرار الأداء لاسيما وأنّ الأوراق جميعها قد أحرقت.

في سياق كلّ هذا لا ينفك إعلام حزب الله يسرب الصور والأخبار التي تؤكد تنسيق الجيش اللبناني معه في هذه المعركة، وهذا ما نفته قيادة الجيش اللبناني مرتين مؤكدة أنّ لا تنسيق مع حزب الله أو الجيش السوري وأنّ كل ما يتم تداوله مفبركاً.

معركة “فجر الجرود”، التي أعادت الإجماع اللبناني حول المؤسسة العسكرية، حجّمت حزب الله فمعركته على الجانب السوري لبنان ليس معنياً بها، لاسيما وانّ جيشه الشرعي قد “شمّر” عن زنوده مؤكداً تسلّمه زمام المبادرة.

في هذا السياق وللوقوف على ما يقدمه الإعلام الحربي والإعلام الدائر حوله من أخبار وصور وأشرطة مصوّر، تواصل موقع “جنوبية” مع الصحافي والمحلل السياسي راشد فايد الذي علّق على مشهد تسليم الدواعش أنفسهم لحزب الله بأنّهم “أولاد عم”، مضيفاً “هذا مشهد سُريالي وغير مقنع إلاّ للمؤمنين بشكل أعمى بأنّ هذا الحزب فوق كلّ الخطايا والأخطاء، وكان لافتاً ما قاله أبي براء الذي استسلم لهم بأنّهم (أي الدواعش) قد أنجزوا المهمة”.

ليتساءل فايد “إنجاز المهمة يكون أو بالنصر أو بالهزيمة، فإن كانت انتهت بهزيمة ما كنا لنراه مبتسماً، ولو كان نصراً لما رأيناه في مشهد المستسلم، إذاً، هو مكلف بمهمة وهذه لغة عسكرية، والألفة والمودة الظاهرة على الأقل في الصور التي وزعت بإشراف الحزب تقول أنّه إن لم يكن هناك وحدة حال هناك مرجعية واحدة ألا وهي خدمة النظام السوري، وهذه الحقائق ستكشف مع الوقت وسيظهر في حينها المقاوم الحقيقي من المقاوم المرتبط بأجندة لا علاقة لها بالوطن ولا بالمتواجدين فيه”.

وفيما يتعلق إن كان هؤلاء الذين سلّموا أنفسهم عملاء للنظام السوري او للحزب لدى داعش، لفت فايد إلى أنّه لا يمكن الحسم في موضوع “داعش”، فالحقائق – بحسب قوله – غائبة عن الجميع، ليؤكد أنّ داعش اختراع يستوعب كلّ من يريد القتال ضد الغرب وضد الإسلام لأنّ هذا العنوان “مطاط”.

ليضيف “داعش يذكرنا بالقاعدة في مرحلة ما، حيث كان كل من يقوم بعملية ارهابية ينسبها إلى القاعدة والقاعدة تتبنى، إذ انّ هذه التنظيمات بحاجة إلى بقائها على قيد الحياة وبقائها إعلامياً”، مشيراً إلى أننا في الحرب اللبنانية السابقة قد شهدنا اشتباكات بين منظمات فلسطينية على تنسيب “ضحية” إلى صفوفها، لأنّه كان هناك دعم مالي يأتي مكافأة لمن يقتل بالمعركة.

وفيما يتعلق بمحاولة الحزب والإعلام الحربي إثبات أنّ هناك تنسيق معه على خلاف ما تنفيه قيادة الجيش، أوضح فايد أنّ “حزب الله يقود حالياً معركة إثبات شرعيته كشريك مضارب مع الجيش، هذه لحظة لن تتكرر هناك معركة عنوانها القضاء على داعش ولبنان يقوم بدوره فيها إلى جانب الدول الأخرى التي تخوض معركة ضمن التحالف الدولي ضد الإرهاب، وهذه فرصة للحزب وقد قال نصرالله في خطابه الأخير أنّ ترامب عليه أن يعترف أنّهم يحاربوا الإرهاب وكأنّه يطلب بذلك صك براءة ذمّة من الأمريكيين وغير الأمريكيين بأنّه ضد الإرهاب”.
مضيفاً “هذه لحظة تاريخية بالنسبة للحزب، إلاّ أنّ الحزب قد فوجئ بحجم التضامن الشعبي مع الجيش وبقدرات الجيش وبالتالي ليس هناك من مجال ليقول أنّه قوة رديفة وداعمة للجيش، إذ لم يتم تكليفه بأي خدمة أو أي مبادرة في هذا الإطار، لذلك هناك محاولة تشويش على دور الجيش والقول أنّه هناك تنسيق بينه وبين الحزب”.

وتابع فايد مؤكداً أنّ “مفهوم الارتباط الوطني وبنية الدولة مكرسان في الذهنية العامة للبنانيين عموماً، ولذلك رأينا كيف تضامن الجيش اللبناني بعد الحرب اللبنانية وأصبحت العقيدة الوطنية أساس موقفه لا الانتماءات المذهبية أو الطائفية أو المناطقية”.

إقرأ أيضاً: «فجر الجرود» في اليوم الثالث: سقوط مواقع داعش والجيش يستعد للحسم

ليوضح أنّ “كلّ ما جرى سابقاً هو من طبيعة الأمور في لبنان ولكن حين تقع الواقعة ويصبح الأمر جدياً يتضامن الجميع مع الجيش لكونه المؤسسة الوحيدة المتماسكة في الدولة اللبنانية، ولكونه أيضاً سياج هذا الوطن من الآن وإلى أبد الأبدين، إضافة لكون هذا الجيش عناصره من كافة اللبنانيين وكافة الفئات والانتماءات والأديان والمذاهب، وهو بوتقة للانصهار الوطني إذا هي لم تكن في حماية الإرادة الوطنية يعني لا شيء يمكن أن يكون محمياً وأن يكوّن هذه الإرادة”.

من جانبه علّق الباحث والمحلل السياسي ومدير جمعية “هيا بنا” لقمان سليم، على الفيديوهات التي وزعها الإعلام الحربي بشكل ساخر، ليقول في حديث له مع موقع “جنوبية” “دواعشنا كما يبدو باب ثاني وليسوا نخب أوّل”، مضيفاً “من الواضح أنّ الكثير من ملامح هذه المعارك التي تخاض تحت عناوين كبرى وبأنّها ستعود علينا بالمن والسلوى، على الأقل ملتبسة وتثير أسئلة كثيرة على رأسها ما شاهدناه من فيديوهات أنتجها الإعلام الحربي تصوّر الدواعش على غير ما صوّروا لنا، إذ تبين حسب اعترافاتهم أنّهم من أبناء المنطقة، فأكثر من عنصر منهم أشار إلى أنّه من بلدة جراجير”.

إقرأ أيضاً: داعش في الجرود: قصص وصور خاصة

وأوضح سليم أنّ “صورة الدواعش الذين يستسلمون تناقض إلى حدّ ما الصورة التي ابتدأت تحتها عناوين الحرب والصورة التي روجت كل السنوات الماضية”.

لقمان سليم

ليتابع “ما أفهمه هو المترتبات السياسية والخلفيات، فالخلفيات هي السعي الحثيث إلى إعادة التطبيع مع النظام الأسدي والنتائج هي توثيق هذا التعاون والربط بين الساحة اللبنانية والساخة السورية”.

وفيما يتعلق بالتنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري والموقف الرسمي اللبناني الرافض له، قال سليم “إنني مشتاق وبي حيرة، لا أدري، أنا المواطن الفقير إلى ربه لا أعلم من أصدق إعلام حزب الله أو إعلام الجيش، وهي ليست حيرة تقنية وإنّما لها نتائج مؤثرة إذ لا يمكن ان يكون الطرفان على صواب، هناك طرف من الإثنين لا يقول لنا الحقيقة وأنا أفضل ألا أعرف هذه الحقيقة”.

السابق
جنبلاط: كل مشاعر التضامن مع ضحايا الإرهاب
التالي
الاشتباكات مستمرة في عين الحلوة وسقوط 3 جرحى