إيران وإمبراطوريتها المتطرفة على أنقاض «داعش»

ولد التطرف الديني الشيعي في ثمانينات القرن الفائت مع ظهور الامام الخميني الى الواجهة، لكنه اكمل باتجاه السنّة وأخذ يتمظهر في اعمال عنفيّة أدت الى ولادة "داعش" في النهاية...فما هو النموذج الاسلامي المتطرف التالي الوريث، بحسب هنري كيسنجر؟

عرض هنري كيسنجر، الملقب بثعلب الدبلوماسية، في مقال له التحديات الرئيسية التي تواجه الغرب في ظل بوادر إنهيار النظام العالمي القديم، مبرزاً التشابه بين رؤيته وما طرحته مارغريت تاتشر، في خطاب ألقته قبل عقدين من الزمن في الولايات الأميركية. حيث يواجه النظام الدولي في محيط الشرق الأوسط، تهديدا بسبب اضطراب التحلُّل، بحسب كيسنجر.
فقد أصبح النظام الذي ظهر بالشرق الأوسط نهاية الحرب العالمية الأولى، الآن، في حال من الفوضى. حيث توقَّفت اربع دول في المنطقة عن العمل كدول ذات سيادة.

اقرأ أيضاً: لبنان لحزب الله مقابل أمن اسرائيل! 

إذ أصبحت سورية، والعراق، وليبيا، واليمن ساحات معارك للفصائل الساعية لفرض حكمها كما نقلت صحيفة “هافينغتون بوست”.
وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وعبر مناطق واسعة من العراق وسورية، نفسه عدواً للحضارة الحديثة، ساعيّاً كي تحلّ إمبراطورية إسلامية واحدة تحكمها الشريعة محلّ النظام الدولي ذي الدول المُتعدِّدة.
ففي الشرق الأوسط، اصبح عدو عدوك أيضاً عدوك. وبات الشرق يؤثر على العالم بتقلُّبات أيديولوجياته اذ ان الحرب ضد “داعش” صارت مثالاً. فمعظم القوى بخِلاف “داعش” وبالطبع من ضمنها كل من إيران الشيعية والدول السُنّيّة الرائدة متفقة على اهمية القضاء على “داعش”. لكن ما هو الكيان المفترض أن يرثه؟ أهو ائتلاف من السُنَّة؟ أم هيمنة فصيل ايراني؟
والإجابة عن هذا السؤال تبدو محيرة، لأنَّ روسيا ودول حلف “الناتو” تدعم فصائل متعارضة، وفي حال سيطر الحرس الثوري الإيراني أو الشيعة الذين يدربهم ويشرف عليهم، فالنتيجة هي وجود حزام يصل بين طهران وبيروت، وهو ما قد يكون إيذاناً بظهور إمبراطورية إيرانية متطرِّفة.
هذا الكلام الخطير ينذر بعصر ديني مستمر منذ انطلاقة الثورة الاسلامية في ايران في ثمانينات القرن الماضي، التي انتعشت معها كل الحركات الاسلامية في العالم.، بدءا من افغانستان، الى باكستان، الى مصر، ولبنان، والاردن، والعراق،…
هذه الصبغة الدينية العامة، وتطورها لان تنتقل وتتحول من تطرّف نظري الى تطرف عملي ضجّ به الكون، وانتقل من الجمهورية الاسلامية الايرانية الى بلاد السنّة، وخاصة بلاد المغرب العربي الذي كنا نراهن عليه بالتغيير، نظرا لقربه من المدنيّة الاوروبية وعلى تماس معها، ولكن ما ظهر هو النقيض تماما.

اقرأ أيضاً: تركيا تبنيّ جدارا على الحدود مع إيران

ويرى المفكر الاسلامي السيد محمد حسن الامين في حديث لـ”جنوبية”: “ان الاصلاح الديني الذي يمنع العنف يتم من خلال “إنتاج وعي إسلامي يتناسب مع أهداف التجدد الحضاري، هذا الوعي مازال متعثّراً، وقد زاده تعقيداً بروز ظاهرة الخلاف المذهبي الذي بدأ يذرّ بقرنه على إيقاع حركات العنف التي تنمو شيئاً فشيئاً”.


ويتابع سماحته بالقول “فقد أصبح الجزء الأكبر من اهتمام النخبة الواعية أن توجه اهتمامها إلى ما هو دون دائرة الأزمة الجوهرية التي تتمثل في تخلّف المسلمين، عما يفترضه عصرهم الراهن، وصار الاهتمام الآن في مواجهة الصراع بين المذاهب الإسلامية نفسها، وصار الحلم الذي يراودنا كيف نتصدى لهذا الصراع الإسلامي – الإسلامي”.

السابق
اميل اميل لحود لـ«جعجع»: استقل وريحنا من مواقفك الشعبوية!
التالي
زيارة وزراء الممانعة الى سوريا… للتأكيد على الوصاية الإيرانية