مشهد الاعتداء على المتظاهرين: الجيش اللبناني بين سندان الشرعية ومطرقة «برّي»

متظاهرون ومتظاهرات يطرحون أرضاً، عنف وضرب واعتداء!

يخيّل إليك وأنت تشاهد الفيديوهات التي وثقت اعتداء القوى الأمنية على ناشطي “طلعت ريحتكم” الذين نظموا اعتصاماً يوم أمس الجمعة 16 حزيران ضد التمديد أمام المجلس النيابي، أنّك قد انتقلت من لبنان الديمقراطية، إلى “بوط” السيسي أو “جزمة” نظام الأسد. فالوحشية والهمجية في التعاطي مع المتظاهرين والضرب المبرح للشبان والشابات، وضعوا الجيش اللبناني في ميزان السواسية مع مفهوم حكم العسكر الذي لطالما انتفض ضدّه لبنان متضامناً كل دولة أعلنت الثورة في وجه الديكتاتورية!

حكم العسكر في الدول الديكتاتورية ذات النظام السلطوي “الأبوي – الوراثي”، يحوّل الجيش الوطني لأداة تُرهب وتقتل الشعب، فيخرج عن وظيفته الشرعية إلى وظيفة “ضيقة” و “خسيسة” وهي حماية صاحب السلطة وسحل المواطنين المعارضين!

لبنانياً، يسمي الشعب عناصر الجيش اللبناني بـ “الوطن”، وذلك للعلاقة التي تجمع المواطن بهذا العسكري، وإن تخللتها في فترات تساؤلات وتجاذبات إلاّ أنّ الجيش ظلّ مترفعاً عن الدونية التي ذهبت إليه أغلب الجيوش العربية، واتخذ الشعب اللبناني دور الحامي كذلك لهذا الجيش ولهيبته في وجه الميليشيا والدويلة وكلّ ما ينتقص من شرعيته.

اقرأ أيضاً : بالفيديو: العناصر الأمنية تعتدي على «طلعت ريحتكم» والناشطون يناشدون قائد الجيش

هذا التآخي بين الشعب والجيش، بات على المحك، وعبارة ليسقط حكم العسكر ارتفعت لبنانياً بعد المشاهد التي وثقت يوم أمس، فكم حبّة بندورة، وربما عدة كرتونات “بيض”، دفعت إلى ممارسة عنيفة وكبح للديمقراطية يحاكي الأنظمة الاستبدادية!
ما شهدته باحة المجلس النيابي من “دعوسة” للمتظاهرين، دفع الجيش اللبناني للتبرؤ فأكّد أنّ شرطة مجلس النواب لا تأتمر إليه، وذلك على لسان مصادر عسكرية شددت في تسريبات إعلامية إلى أنّ هؤلاء العناصر لا يرتبطون بالقيادة وإنّما هم بتصرف الرئاسة الثانية ودولة رئيس المجلس وهي تأتمر بشكل مباشر من قيادة الشرطة.


في المقابل كتب العميد الركن المتقاعد جورج نادر تدوينة عبر صفحته فيسبوك توجه بها إلى قائد الجيش لإنهاء الظاهرة الشاذة في سرية حماية مجلس النواب، وتضمنت:
ان ما حصل اليوم امام مجلس النواب هو معيب ومشين ويندى له الجبين..
عناصر بلباس الجيش يعتدون على مواطنين عزل بوحشية دونما سبب..

ونحن ندرك ان هؤلاء يتبعون عملانيا لمجلس النواب وتبعيتهم للجيش هي ادارية فقط، ومقتنعون بان لا قيادة الجيش ولا اي ضابط يمكنه اعطاء امر بضرب المدنيين، فالجيش هو لحماية المواطنين وليس للتعدي عليهم، لذلك نقترح على الصديق العماد جوزيف عون، الضابط العملاني الشجاع، انهاء هذه الظاهرة الشاذة في سرية حماية مجلس النواب، والحاقها عملانيا بقيادة الجيش او فصل عناصرها الى شرطة مجلس النواب، لانها ليست المرة الاولى التي يعتدي فيها هؤلاء على المدنيين العزل..والمواطن الذي يشاهد مناظر الاعتداء الوحشي، تنطبع في ذاكرته ان الجيش هو المعتدي، انما الحقيقة مغايرة تماما..
في كل حال يقتضي معاقبة العناصر المعتدية ومن اعطى الاوامر لها ايا من كان، حفاظا على سلامة المواطنين وعلى صورة الجيش النقية في اذهان الناس“.


إذاً، نحن أمام مسألتين، الأولى شرطة مجلس خرجت عن الوطنية إلى الحزبية، والثانية جيش لبناني يدفع فاتورة عناصر ترتدي بذلته وتمارس بلطجة الحركات المسيسة!

من هذا المنطلق على قيادة الجيش اتخاذ موقف حاسم، فهذه ليست المرة الأولى التي تهتز بها هيبة الجيش بفعل سرية محسوبة نظرياً على المؤسسة العسكرية، فيما هي عملياً تابعة لحركة أمل التي يرأسها دولة الرئيس نبيه برّيّ.

اقرأ أيضاً : طلعت ريحتكم يواجهون الوزير علي حسن خليل: مين يلي عرض عليك مليار دولار؟

الخطوة الأولى التي على المؤسسة العسكرية القيام بها، هي إنزال أشدّ العقوبات بالعناصر وبالذي أعطى الأمر بالاعتداء على المتظاهرين، وتعميم هذه العقوبات إعلامياً لإعادة الثقة بين المواطن والجيش.
الخطوة الثانية، إيجاد حل جذري لهذه السرية، إما تحويلها لعناصر مدنية، أو فصلها لباساً وانتماءً عن المؤسسة العسكرية، حتى لا يكون الجيش هو المتضرر الأوّل من بلطجة أتباع الزعماء الأمنيين منهم والمتحزبين!

السابق
على ضوء مناقشات قانون الانتخاب: ما هي أبعاد التعديلات المطروحة لاتفاق الطائف؟
التالي
قانون الانتخاب أُقّر… أين وعود إقرار «العفو العام»؟