هل يقع السيد حسن نصرالله ضحية مناصريه؟

الضغوطات الخارجية قد نواجهها بالتكاتف والتآلف وبكل قوة. لكن الطعنات التي تأتي من الخلف من المناصرين والمؤيدين والاتباع، وهي الأشد إيلاما، كيف نواجهها؟

لا اذكر المرة الأولى التي تم فيها اكتشاف جاسوس او عميل داخل أطر حزب الله. ولكني اذكر جيدا ان الناس لم تصدّق الخبر اطلاقا، واعتبرت ذلك نوعا من تلفيقات واكاذيب ضد المقاومة “الاسلامية”.

إقرأ ايضا: بيان من عائلة الحاج حسن تتهم قيادات في حزب الله بشن حملة تشويه على وزير العائلة

ظل حزب الله محافظا على هالة قدسية لأمد طويل في الاوساط الشعبية والسياسية والإعلامية، اذ لا يزال، وكما يصرّح، العديد من الاعلاميين يتمنى اجراء لقاء صحفيّ مع أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، نظرا لشخصيته وللعناصرالحزبية التي يتكلّ عليها.

وظلت هذه القدسية موجودة رغم نقل العديدين من الإعلام المناوئ للحزب لبعض الصور والمواقف والأحداث، التي تشير الى ان ثمة فروقات بين المقاومين وبين الجمهور والمؤيدين والاتباع.

الى ان وصلنا الى عام التحرير عام 2000 حيث ان فرحة الانتصار ونشوته ضربت جميع العقول في حزب الله. فما عادوا يرون أحدا في البلد. لدرجة ان الأمين العام للحزب خرج عليهم في أحد خطبه، ناصحا اياهم “بالتواضع”، خاصة ان التحرير هو عملية تراكميّة، وانه أتى نتيجة جهود آلاف المقاومين من كافة الاتجاهات.

لكن عبثا..لا حياة لمن تنادي، لدرجة ان مجرد مقال ما في جريدة ما، كان يثير المناصرين ويحوّلهم الى أناس شرسين.

الى هنا، ويمكن القول ان الأمر لم يتعدً المعقول بعد، فلوثة النصر تصيب الجميع. الا ان لوثة النصر هذه  حوّلت المقاومة الى قعر الفساد والإفساد، وكل ما يمكن تخّيله؟.

بداية، كانت الأخبار تتناقل عمالة أبناء حركة أمل، وبالتالي فشل عملياتهم ضد الاحتلال، فصارت الخبريات كلها تنطبق على حزب الله، اضافة الى الاتجار بالمخدرات، والكبتاغون، والسلاح، والعمالة، ومن على أعلى مسؤول في الحزب.

واللافت ان التبرير دوما جاهز، لكن المبررين تناسوا ان صفة مؤمن كانت شهادة بحق من نفتخر به. فالمؤمنون لم يعودوا يملكون صفات الإيمان، فالصفة لم تعد تنطبق على الموصوف بتاتا. لدرجة انه بات قول (ابن حزب الله.. بس آدمي) هو المتداول، وهي التي تسبق أية كلمة أخرى بعد ان كانتا تلتصقان معا.

فالمؤمن بات يتهجم على الناس ويسرقها ويعتدي، ويتاجر بالحرام، وينافق وينصب ويرتشي ويتعامل مع اسرائيل، وباتت سجون حزب الله الداخلية مليئة بالعناصر الفاسدة التي لا يمكن للسلطات الأمنية اللبنانية ان تصل اليها.

فهل يمكن القول ان أمين عام حزب الله قد يذهب ضحية مناصريه بـ”جلطة دماغية” من شدة القهر؟ وهل يقضيّ عليه اصحابه وجماعته الذين بعمالتهم أخرجوه وأحرجوه. واليوم باتجارهم بالممنوعات، وسابقا بالتزوير وغيره؟

من أين لهذا الحزب، الذي تميّز بحزبية أخلاقية قلّ نظيرها في لبنان، كل هذا الفساد؟. هذا ان لم نتكلم عن الفساد الاخلاقي بين الافراد وفي المؤسسات الداخلية؟ وخاصة بين من هم من مولجين أمر ادارة حياة الناس؟

إقرأ يضا: عن سبب رفض «حزب الله وأمل» التمثيل النيابي للمغتربين!

ففي اتصال مع احد الاعلاميين، المؤيدين لحزب الله، اعتبر ان “الموضوع خارج اطار متابعاته، خاصة ان ثمة توضيح صدر عن آل الحاج حسن أمس، يعتبر ان ما قام به أحد ابناء العائلة لا يُلزم الوزير حسين الحاج حسن بشيء”، و”كون حزب الله تنظيما كبيرا، فمن الطبيعي ان يُصاب ببعض الاختراقات”.

في حين رأى أحد المراقبين، المقربين من حزب الله، رفض الكشف عن اسمه أيضا، ان “الوضع خطيرا جدا”.

ولكن هل يتحمّل السيد نصرالله كل هذا الضغط؟.

قال “لا أدري، فأنا لا اتناول هذا الموضوع حتى بتفكيري”. و”انا لا اتوّقع أصلا، رغم ان الضغط على سماحته كبير جدا”.

وردا على سؤال حول لجوء السيد  حسن الى اصلاحات جذرية، قال: “كل دقيقة يقوم السيد باصلاحات، ونصائح ومواعظ، والجميع يعمل لصالح الحزب”.

وهل من الممكن ان يحدث معه ما حصل مع أحد العلماء جراء تعرضه لضغوطات داخلية كبيرة؟. قال المُحلل المقرّب من الحزب: “اذا حدث لسماحته_ لا سمح الله_ أيّ شيء فهو من الله، وكل من يُسيء الى الحزب او الى السيد جزاؤه عند الله”.

وفي اتصال مع محازب منتمِ الى حزب الله، لا يرغب بالكشف عن اسمه، قال: “ممكن، ان شاء الله لا يحصل مع السيد أي شيء سلبي، ولماذا الاستغراب؟ فالنبي محمد كان حوله ابو بكر وعمر”. وتابع: “انت تلملمي الخبريات، وهي كلها حصلت منذ فترات بعيدة، وتمت معالجتها  كل واحدة على حدا، وفي الجنوب لا يمكن ان نكتشف حالات اتجار بالمخدرات”.

إذن اختصاصهم العمالة فقط؟ قال “نتيجة وجود اسرائيل على أرضهم لفترات طويلة اصيب البعض بوباء العمالة. فلماذا تستغربين؟. واقول لك “واحد كان مجويّ وانكشف. ومن يمتلك جينات نظيفة لا اعتقد انه سيقوم بذلك”. كما هو حال ارتفاع عدد الجرائم مؤخرا، ولا يجب ان ننسى اجهزة المخابرات، والفساد، وفتشي على الاجهزة التي تريد ان تنال من الحزب”.

إقرأ ايضا: ثلاث اتهامات خطيرة ستضع حزب الله بمواجهة «مجلس الأمن»

ويختم بجملة هي عبارة عن نشيد رفض السيد حسن أن يبث على الشاشات او عبر الاذاعات، نشيد يمتدحه شخصيا، ويقول هذا النشيد “للسيد رب يحميه من أيدي الاشرار”.

وأختم لأقول هؤلاء الاشرار بالتأكيد هم إسرائيل، وليس أشرار الداخل.

السابق
«باي باي» مؤسسات!
التالي
قرار بلدية صيدا حول موقف «الفانات»