هجوم أوروبي على ترامب بعد انسحابه من اتفاق «المناخ»

ماذا يعني إنسحاب أميركا من إتفاق باريس للمناخ؟ وما هي أبرز البنود التي تنص عليها هذه الاتفاقية؟

وضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حدا لجميع التكهنات حول ما إذا كان سينفذ ما أعلنه من مواقف واتجاهات خلال حملته الإنتخابية. ووقد نفذ ترامب بالفعل ما تعهّد به إذ اعلن قبل يومين إنسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ لتنضم إلى دولتين أخرتين لم توقعا على الاتفاقية عما سوريا ونيكاراجوا . فيما قد وقعت آنذاك 195 دولة على اتفاق “باريس للمناخ 2015″، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، من بين الـ 197 بلدا الأعضاء في مجموعة الأمم المتحدة للتغير المناخي الذي يتضمن جملة من الإجراءات والقرارات المتعلقة بالمناخ.
وقال ترامب “لكي أفي بواجبي الرسمي في حماية أمريكا ومواطنيها، ستنسحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس بشأن المناخ (ولن تلتزم) القيود المالية والاقتصادية الشديدة التي يفرضها الاتفاق على بلادنا… ولكن ستبدأ مفاوضات لإعادة الدخول في اتفاقية باريس نفسها أو في صفقة جديدة تماما بشروط عادلة بالنسبة للولايات المتحدة”.

إقرأ ايضًا: هل تستطيع اميركا الخروج من الإتفاقيات الدولية؟

وشدد على أن الاتفاق “لا يصب في صالح الولايات المتحدة” لافتاً إلى أن الاتفاق الراهن ليس حازماً بما يكفي مع الصين والهند.وتابع “لقد انتخبت لتمثيل سكان بيتسبورغ وليس باريس”، مؤكداً أنه يرفض “أي شيء يمكن أن يقف في طريقنا” لانهاض الاقتصاد الأميركي. ومضى بالقول “حان الوقت لاعطاء يانغستاون واوهايو وديترويت وميشيغن وبيتسبورغ، وهي من افضل الامكنة في هذا البلد، أولوية على باريس وفرنسا”.
وفيما تهدف الاتفاقية التي ابرمتها 190 دولة في نهاية 2015 في العاصمة الفرنسية تحت اشراف الامم المتحدة، إلى وقف ارتفاع حرارة الأرض عبر خفض انبعاثات الغازات الدفيئة.

يشكل الانسحاب الاميركي من الاتفاقية تفككا فعليا بعد 18 شهرا على هذا الاتفاق التاريخي الذي كانت بكين وواشنطن في ظل رئاسة باراك اوباما، أبرز مهندسيه.

ويقول محللون إن انسحاب الولايات المتحدة سيجعل من الصعب على العالم التوصل إلى الأهداف التي حددها لنفسه في اتفاقية باريس، فالولايات المتحدة تسهم بنسبة نحو 15% من انبعاثات الكاربون في العالم، بيد أنها في الوقت نفسه مصدر مهم لتقديم التمويل والتكنولوجيا للدول النامية لدعم جهودها لمكافحة ارتفاع درجات الحرارة.

 

ويأتي انسحاب أمريكا من الاتفاقية بعد توقيع أوباما عليها سنة 2015، فاعتبره الجميع قائدا لمواجهة الاحتباس الحراري وتغير المناخ في العالم.  وكان أوباما قد تعهّد بتخفيض أمكيركا للانبعاثات الضارة المسببة لتغير المناخ بنسبة من 26% إلى 28% مقارنة بانبعاثات 2005 وذلك بحلول عام 2025.

وأشارت الـ “بي بي سي”  إلى أن الانسحاب الأمريكي سيؤذي بشدة الاتفاقية والعالم، كما أنه قد يشجع دولا أخرى على عدم الالتزام.

ورأت أن هذا الانسحاب كخطأ تاريخي سيعتبره الأجيال المقبلة  بصدمة بسبب تخلي البلدان التي تقود العالم عن الواقع والأخلاق.

وقد أسفر آنذاك التعاون الاميركي – الصيني  لتحقيق هذه الاتفاقية، إذ استطاع أوباما والرئيس الصيني شي جين بينغ إلى أرضية مشتركة لبناء ما يسمى ب “التحالف بطموح كبير” جنبا إلى جنب مع البلدان الصغيرة والاتحاد الأوروبي.

وقد أكدت الصين مؤخرا التزامها بالاتفاقية ومن المتوقع أن تصدر بيانا مع الاتحاد الأوروبي للالتزام بعمل أوسع لوقف انبعاثات الكربون.

ويساعد ما جرى الصين لممارسة نفوذها على الدول الأوروبية. في المقلب الاخر سيُغضب قرار ترامب الشركات الكبرى في الولايات المتحدة التي أيدت اتفاق باريس.

إلى ذلك، اثارت خطوة ترامب ردود أفعال وانتقادات أميركية ودولية، وقد انتقد أوباما، الذي وقع اتفاقية باريس، مباشرة هذه الخطوة متهما إدارة ترامب بـ “رفض المستقبل” ، وقال “أنا واثق من أن ولاياتنا ومدننا وشركاتنا ستخطوا قدما وستفعل ما هو أكثر لكي تقود هذا السبيل، وتساعد في حماية أجيال المستقبل في الكوكب الواحد الذي نعيش فيه”.

وأصدر قادة فرنسا وألمانيا وايطاليا بيانا مشتركا يرفض التفاوض على الاتفاقية من جديد. وقال البيان “نرى أن الزخم الذي ولدته اتفاقية باريس في ديسمبر 2015 لا يمكن التراجع عنه، ونعتقد بثبات أنه لا يمكن إعادة التفاوض على اتفاقية باريس، لأنها أداة حيوية لكوكبنا ومجتمعاتنا واقتصاداتنا”.

اقرأ ايضًا: ترامب يريد إخراج إيران و «حزب الله» من سورية

أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هاجم قرار ترامب بشدّة، وقد توجه للأميركيين بلغة الانكليزية ، بالقول  إن” ترامب ارتكب خطأ تاريخياً ، ودعا علماء المناخ الأميركيين ورجال الأعمال للمجيء إلى فرنسا والعمل فيها.
واضاف  ماكرون “ترامب ارتكب خطأ بحق مصالح بلاده وبحق مستقبل كوكبنا”، مضيفاً أن “الولايات المتحدة أدارت ظهرها للعالم”. مشددا على أنه “لن نعيد التفاوض بأي شكل من الأشكال على اتفاق يكون أقل طموحاً”، وهو موقف أيدته ألمانيا وإيطاليا لاحقاً”.

 

ولجدير ذكره أن اتفاقية المناخ تنصّ على التزام جميع الدول بمحاربة تغيير المناخ، وتقليل مستوى الغازات المسببة للاحتباس الحراري إلى مستويات يمكن للأشجار والتربة والمحيطات امتصاصها بشكل طبيعي.

وقد اتفقت الدول الموقعة على الاتفاقية على الاحتفاظ بدرجات حرارة الأرض بمستوى “أقل بكثير” من مستوى 2 سي  فوق المستوى الذي كانت عليه في أزمنة ما قبل الصناعة . كما خفض نسبة الغازات الدفيئة المنبعثة من نشاطات الإنسان إلى المستويات ذاتها التي يمكن للأشجار والتربة والمحيطات امتصاصها بشكل طبيعي.

إلى ذلك مراجعة مساهمة كل دولة في تقليل انبعاث الغازات كل 5 سنوات. وتقديم المساعدة المالية لدول الجنوب، إذ وعدت الدول الغنية في 2009 بتقديم مئة مليار دولار سنويا بدءا من 2020 لمساعدة الدول النامية على تمويل انتقالها إلى الطاقات النظيفة، ولتتلاءم مع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تعتبر هي أولى ضحاياها.

السابق
حسين مرتضى يهاجم الحريري: حزب الله يحمي الشعب من إرهاب مملكتك ومن بطانيات عقاب صقر
التالي
القيادي في حزب الله عبد الحميد محمود شري سقط في الموصل وليس في سوريا!