الخامنئي يريد اعادة المرأة الايرانية من العمل الى المنزل

ما السبب الذي يدعو ولي أمر المسلمين الشيعة لان يعمل، وبعد اربعة عقود من الزمن، على اعادة المرأة المسلمة الايرانية الى المنزل، بعد ان خرجت لتنصر الثورة التي لولا المرأة الايرانية، كما قال مفجر الثورة الاسلامية، لما انتصرنا.

طالعنا هذا الخبر عبر “وكالة تسنيم الايرانية الرسمية” والذي يورد فيه في كلمة لمرشد الثورة السيد علي خامنئي، بمناسبة ولادة السيدة فاطمة الزهراء والذي يحتفل فيه في ايران بيوم المرأة المسلمة، فقال ان “المساواة بين الجنسين خطة صهيونية”، مفضّلا عودة المرأة الى المنزل، وان العمل خارج المنزل يليق بالرجل اكثر.

إقرأ أيضا: الحرية الجنسية في إيران بين العرف والشرع

والغريب ان هذا التصريح استفز العديد من المهتمين بموضوع المرأة، حيث ابدى هؤلاء نوعا من الاستغراب لورود هذا الكلام المناقض لكل كلام قاله سابقا مؤسس الجمهورية الاسلامية الامام الخميني.

وبصراحة اعتقدتُ للوهلة الاولى ان الكلام غير منقول بدقة. فالمواقع التي نقلته هي مواقع عربية واجنبية، وقد فسرت الامر على انه دعاية اعلامية ضد ايران. وعند البحث عنه في موقع “العهد” الالكتروني، وموقع “وكالة فارس” وموقع “تسنيم” الايراني، تبّين لي انه قد تم تغيير العنوان الاصلي للتصريح، مع إلغاء كلمة “صهيونية” من العنوان، اضافة الى اخفاء الخبر الكامل داخل الموقع، علما ان هكذا خطاب في هكذا مناسبة يبقى لأسابيع عديدة ظاهرا على صفحات الموقع، كما هو حال خطابات أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله بالنسبة لموقعي المنار والعهد اللبنانيين.

فكيف يمكن لمرجع سياسي وديني إسلامي يُطلق على نفسه لقب وليّ أمر المسلمين”الشيعة” في العالم، ان يصف من يطالب بالمساواة بين المرأة والرجل وينعته بالصهيونية؟

مع العلم ان ايران تفتخر دوما انه منذ انتصار الثورة الاسلامية فيها في العام 1979 منحت المرأة حقوقا لم تكن قد حصلت عليها في عهد الشاه. واهمها دخولها المجالات العلمية والعسكرية وفي جميع الادارات العامة والوزارات، اضافة الى ميزة مهمة على الصعيد الاجتماعي وهي تطوير عقد الزواج الاسلامي، بحيث باتت المرأة شريكة فعليّة في المؤسسة الزوجية، اذ يكفي أن القضاء الايراني الاسلامي قد منحها حق التعاقد في الشراكة الزوجية، وليس كما هو حالنا في الاحوال الشخصية لدى الطائفة الشيعية في لبنان التي يضرب بها المثل بالتخلف وانكار حقوق المرأة لصالح الرجل.

فهل يمكننا ساعتئذٍ اعتبار القضاة الشرعيين الإيرانيين الشيعة، ابناء الثورة الاسلامية، هم من اتباع الصهيونية العالمية؟ وهل ان تطوير المجتمع الاسلامي ليصبح، كما قال القرآن صورة من صور التكامل الانساني هو الصهيونية نفسها؟

ألا يرى الولي الفقيه ان المرأة الايرانية ساهمت أكثر من غيرها في انتصار ثورته العظيمة، وهي التي تحملّت وناضلت كالرجل، تستحق المساواة في الحقوق كما الواجبات؟ أيود الولي الفقيه اعادتها الى المنزل من ساحة الجهاد، من عملها بعد ان أُستنفذت، وجاهدت، وقدّمت ما قدمت؟

ألم ينادي القرآن “المؤمنين والمؤمنات” معا في خطاب واحد وآية واحدة؟ ألم يسنّ القرآن قانون لحساب الطرفين معا على الذنب نفسه؟ فاذا كان العقاب متساوٍ على الذنب الواحد، والثواب متساوٍ ايضا بين الجنسين على العمل الحسن، فكيف تفرّق يا ولي أمر المسلمين بين المرأة والرجل بين الذكر والأنثى في الحقوق والواجبات؟

فاذا كانت المرأة قد أخذت عن الرجل العديد من المهام وساندته، فهذا لا يعني ان مساواتها بالرجل نقيصة له، بل هو غبن كبير لها، لانها تسعى في المنزل، وفي العمل، وفي الحقل العام، والشأن العام دون أية مناصب عليا تنالها، لأن العقلية الذكورية الشرقية تتحكم بمرجعياتنا.

من هنا أقول، يود الولي الفقيه ضرب المؤسسات والجمعيات التي تنادي بحق المرأة في شتى النواحي، حتى يخفف من تراجع دور الرجل، الذي جلس في الزاوية يراقب في ايران بالذات وانحصرت مهمته في الذهاب الى الجبهات العسكرية التي هي مفتوحة باستمرار منذ 38 سنة. وهذا يثبت انه لولا هذه الفتاوى السياسية- اضافة الى الفتاوى الدينية- لكانت المرأة قد حكمت ايران كلها نظرا لانجازاتها وقدرتها وقوتها.

وفي اتصال لاستيضاح الامر من الوجهة الشرعية، اعتبر أحد رجال الدين، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن: “الشيعة مع الاجتهاد الجديد الذي قدّمه الامام الشيخ محمد مهدي شمس الدين، الذي اعطى للمرأة حقها وهي التي كانت محكومة بالفقه القديم، فنحن بكل تأكيد مع اعطاء المرأة دورها في الحياة مما يجعلها بمساواة مع الرجل او بمنزلته”.

“ونحن نقول خذ الحكمة والفكرة الصحيحة والكاملة والتامة ولو من فم عدوك، فنحن مع الفكرة الصحيحة، فاليهود جماعة بشرية ساهمت في الحضارة البشرية. وانا اقول انه حتى اليهود الذين نزلت عقيدتهم منذ 4000 سنة طوروا ديانتهم وفكرهم، فلا يوجد جماعة على وجه الارض الا وخضعت للتطور في فكرها”.

إقرأ أيضا: تجدد حملات تأديب «السافرات» في إيران…

وختم سماحته: “نحن نختلف في رؤيتنا وقراءتنا حول حقوق المرأة والرجل وفكرة المساواة مع ما ذكره الخامنئي، فنحن نوافق على مسألة المساواة بدرجة عليا جدا، لدرجة اننا نرى ان هذه الفكرة وان كانت “صهيونية” كما قال، فانها ضمن معاييرنا الدينية الصحيحة، وعلى ضوء الاجتهادات الجديدة التي قدمها الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين وغيره من المجتهدين”.

السابق
داوود الصايغ: الدعوات السابقة لمؤتمر تأسيسي لم تكن بهذه الصراحة
التالي
قطع البث في عدد من المناطق اللبنانية خلال مقابلة سامي الجميل