إصلاحا للخلل القانوني(14): نحو إدارة سليمة لأوقاف الطائفة الشيعية في لبنان

بعدما أضأنا على واقع أئمة القرى والمساجد لدى الشيعة في لبنان أضحى لزاما علينا الحديث عن أوقاف الطائفة الإسلامية الشيعية، وما يعتريها من تفلت وتسيب، لارتباط الأمرين ببعضهما البعض، ولعدم انفكاكهما.

حيث إن هيمنة قوى الأمر الواقع على الممتلكات العامة، وأوقاف الطائفة، ظاهرة فاقعة لم يعد من المقبول استمرارها نهائيا.

نصت المادة ٤٠ من النظام الداخلي للمجلس الشيعي على جملة مهام تناط ب(اللجنة العامة للأوقاف)، بغية إدارتها، وحفظها، وتنميتها، وهذا الأمر غير متوفر إطلاقا.

اقرأ أيضاً: إصلاحاً للخلل القانوني في المجلس الشيعي(٢): نظرة على الإفتاء الجعفري

وإيجازا لواقع الحال نقف عند نقاط ثلاث:

أولا: ما يتصل بعدم ضبط إدارة الأوقاف، حيث سيطرت قوى أمر واقع متعددة على إدارة هذه الأوقاف، في حين المفترض خضوع الأوقاف لإدارة المجلس الشيعي بشكل يحافظ على حقوق أبناء الطائفة كافة.

ثانيا: عدم تسجيل الأوقاف كافة على اسم أوقاف الطائفة، كما هو اللازم، حيث هيمنة قوى سياسية على الكثير من ممتلكات الأوقاف، و هناك العديد من النماذج لعقارات سجلت بأسماء جمعيات وأحزاب وأشخاص!! في الوقت الذي كان يفترض أن تسجل على اسم الأوقاف الإسلامية الجعفرية، ويمكن لأي متتبع ملاحظة ظاهرة اختلاس الأوقاف في قرى وبلدات عديدة!

ثالثا: عدم استثمار أوقاف الطائفة، وتاليا ضياع منافع كثيرة جدا، وتفويت هذه المنافع يضر بالطائفة ضررا بالغا، على اعتبار أن العائدات التي كان يمكن الإستحصال عليها تشكل مبالغ باهظة!!

وممتلكات الأوقاف ذات أهمية عالية، مع العلم انه لا توجد خطة لتطوير واقع الأوقاف، ومع ذلك يمتلك المجلس الشيعي في وقتنا الراهن: مستشفى الزهراء الجامعي في الجناح، والجامعة الإسلامية في خلدة، وفروعها في المناطق، وأرض نادي الغولف – الأوزاعي، إلى الألوف من المباني والشقق والمحلات والعقارات، على امتداد انتشار الشيعة في لبنان، من جنوبه إلى شماله وما بينهما..

هذا، ولا نريد فتح ملف البيوعات التي حصلت بالأوقاف، وما نتج عنها من خسائر هائلة، كما لا نريد التوسع في التنفيعات التي تحصل في هذا الإطار، حيث يتم تأجير الأوقاف بأثمان زهيدة جيدا للمقربين، مع وجود أوقاف مستأجرة لكن دون استيفاء مستحقاتها، ناهيك عن هيمنة الكثير من مراكز القوى المناطقية على الأوقاف العامة!

ولو أن المجلس الشيعي قام بدوره في ضبط عائدات أوقاف الطائفة لكان بالإمكان إنشاء مشاريع للطائفة، وتخصيص جزء للمعوزين والأيتام والفقراء، و لكنا أنهينا أزمة علماء الدين الشيعة، عبر تأمين رواتب شهرية لكل العلماء الدين الشيعة دون استثناء، بصورة تنهي حاجتهم للإستجداء من قوى وتنظيمات سياسية!!! بدل أن يبقى المجلس الشيعي لا يهتم ماليا إلا بالقلة القليلة من علماء الطائفة فقط!!
معيب بالطائفة الإستمرار بهذا الواقع، وينبغي الإتجاه بخطوة تمثل نقلة نوعية في جسم علماء الدين اللبنانيين الشيعة.

اقرأ أيضاً: إصلاحا للخلل القانوني(11): منعا لطغيان الهيئة التنفيذية على الشرعية

أخيرا، يجب أن تعمد إدارة المجلس، أو ما تبقى منها، لتشكيل هيئة لإدارة الأوقاف، من العلماء الفضلاء المعروفين بالتقوى والورع، لضبط أموال الطائفة وممتلكاتها وأوقافها، و إنهاء الإشكالية الحالية حول ما يسمى ب (الأمانة العامة للأوقاف) التي لم تلد بشكل قانوني، و ما زالت متهمة بفقدان شرعيتها، علما أنه من ناحية مبدئية ينبغي أن يتولى هذا الموقع شخص مستقل، وهذا ما لا يتوفر حاليا، حيث يتولى الملف شخص منظم حزبيا بإحدى الحركات السياسية.

السابق
«درع فرات» أردنية في سورية
التالي
الكتابة والحب والوطن والدولة