والد الطفل محمد بركات لـ«جنوبية»: تدهورت حالة ابني بسبب مستشفى السان تيريز

الموت على أبواب المستشفيات، أطفالٌ تصيبهم الحمى والالتهابات دون أيّ رعاية، من مستشفى إلى مستشفى تتدهور الحالة وما من رقيب.

“أنتَ على حساب الضمان”، إذاً ما من مستشفى تشرع أبوابها لك، وما من أخلاقيات طبية ومهنية تراعي أوضاع الطفلة والعائلة.
قصتنا حصلت في بداية السنة، سنة الحكومة الجديدة والعهد الجديد والتغيير الإصلاح.. وفي التفاصيل أنّه في أوّل ليل أمس وفيما كانت العاصفة في أوجها، كان طفل الثلاثين يوماً يتنقل من مستشفى إلى مستشفى تحت رحمة الأطباء وموظفي الاستقبال والمحسوبية والمحاصصة وحتى الرشاوى.
“أنت ضمان ما في محل”، هذه هي الجملة التي سمعها والد الطفل في مستشفياتنا، وكأنّ طفل الضمان لا يحق له بطبابة، ليظلّ السؤال لماذا هناك إذاً ضمان صحي إن لم يكن للمواطنين حق الاستفادة منه وأخذ الرعاية الطبية اللازمة؟
محمد الطفل الذي وصلت حرارته للـ39 والـ40 هو اليوم في مستشفى  اللبناني الكندي يعاني من التهابات وسوف يقوم بزرع وبتحاليل لتبيان حالته، الطبيب المشرف حالياً على صحته يؤكد أن التأخير في اسعافه قد أضرّ به لنتساءل أيضاً من يتحمل المسؤولية؟ فالطفل اليوم لم تتقدم صحته بعد أكثر من 24 ساعة وإنّما تتدهور، فيما ظلّ الأطباء ليلة إسعافه يماطلون به بين دكاكين المشافي لما يزيد عن الست ساعات.
والد الطفل بهاء بركات يتحدث لـ”جنوبية” عن الماراتون الذي عايشوه ليلتها، فالطفل قد ارتفعت حرارته وأخذ يبكي كثيراً، حتى اصفر اختنق صوته.
بركات يوضح أنّ رحلة التجارة طبية بدأت عند الساعة العاشرة مساء في مستشفى السان تيريز، معلقاً “بعدما تعب الطفل كثيراً ذهبنا إلى اقرب مستشفى وكنا ننتظر دورنا في ظلّ الازدحام بينما الطفل يبكي، إلا أنّ بكاءه أزعجت الممرضة التي صرخت (دخلوه طوَشني)”.
ممرضات المستشفى بحسب بركات لم يقمن بأي إجراء، وطلبوا من العائلة قياس حرارة الطفل ولكن المفاجأة أن لا ميزان حرارة في المستشفى ولا معقم، ليسأل هؤلاء والدة الطفل إن كان معها باندول أو ميزان  وأدوية أخرى.
فضيحة المستشفى التي يتوقع من المريض أن يحمل صيدلته ويأتي إليها لم تتوقف هنا، لتتفاقم عند مكتب الدخول وفتح الملف، هنا يحدثنا بركات عمّا واجهه قائلاً “حينما عرف الموظف أنيَ ضمان تغيرت ملامحه، وقال ما من غرف وطلب منّا المغادرة وأخذ الطفل إلى مستشفى آخر، لتطلب مني الممرضة أن أنقله على مسؤوليتي وليس على مسؤوليتهم وهم من رفضوا إدخاله”.
يتابع والد الطفل “انتظرتُ أنا والطفل في الخارج في البرد والوالدة تبكي، اتصلت بأكثر من مستشفى، بينها “المشرق” و”السان شارل”، وكلاهما وافقا بداية ثم رفضا حينما عرفا أنّي ضمان، وعلّقا (ما في مطرح) أما مستشفى جبل لبنان فكانت حجتها أنه لا يوجد قسم للأطفال”.
معلقاً “معقول مستشفى ما في قسم أطفال؟.”

 

المستشفيات في لبنان

 

يوضح بركات أنّهم تحدثوا مع الطبيب للتوسط مع إدارة “السان تيريز”، لإدخال الطفل لكنّه لم يجد من حل إلا غرفة درجة أولى، مضيفاً “وافقنا إلأّ أنّ الموظف رفض قال (رئيس جمهورية ما بدخله) ليعود مجدداَ ويطلب 500$ لتظبط  فسألته (يعني رشوة؟) ليؤكد أنّه الحل لإدخال الطفل”.
يكمل الوالد في سرد ما عانوه في تلك الليلة، قائلاً “جرّبت مستشفى السان جورج القريبة، لكنّهم أعلنوا بحزم عدم استقبالهم لأطفال بهذ العمر، حاولنا الجامعة الأميركية، والتي أيضاً حين علمت أنّه ضمان لم تستقبل ابني، ثم قصدنا مستشفى الروم حيث فحصت الدكتور جويل والتي أشكرها على لطفها الطفل وحاولت مساعدتنا على قدر استطاعتها فإتصلت بعدة مستشفيات منها أوتيل ديو إلا أنّ احداً لم يقبل أن يدخل الطفل، حتى اتصلت بـ “مستشفى كليمنصو الطبي” وهناك وافق الموظف أولاً  ثم حينما عاودنا الاتصال وعرف أني ضمان قال بحزم (ما في للضمان. يجرّبوا مطرح تاني)”.
متابعاً “اتصلنا بعدة جهات حتى وصلنا لهشام فواز رئيس دائرة المستشفيات والمستوصفات في وزارة الصحّة. والذي بعد جهد كبير استطاع إدخال الطفل إلى المستشفى اللبناني الكندي وكانت الساعة 3.30 فجراً، وحرارة الطفل قد شارفت على الأربعين”.

إقرأ أيضاً: وزارة الصحة تحذر من الانفلونزا: الوقاية والعلاج
الطفل محمد ما زال في المستشفى ومن المتوقع أن يظلّ بين الأسبوع والـ10 أيام، حالته تدهورت والالتهابات بالدم قد تضاعفت، وقد قال الطبيب بالحرف الواحد للوالد “لو تأخرتم ساعتين لكان حصل ما لم تحمد عقباه”.
إذ أنّ الحالة التي يعاني منها الطفل كان يجب أن يتم تداركها خلال 12 ساعة، إلا أنّ دكاكين المستشفيات كانت السبب الأول في التدهور.
ولكن هل سوف يتم التحقيق في هذا الملف؟
في هذا السياق يؤكد الوالد لـ”جنوبية” أنّ “وزير الصحة غسان حاصباني قد اتصل بنا ووعد بفتح تحقيق بالموضوع، كما اتصل بي ايضاً فؤاد حليحل من مكتب الرقابة على ضمان المستشفيات وأشار إلى أنّهم سوف يفتحون تحقيق إن أردنا المتابعة وهذا ما سوف يحدث”.

إقرأ أيضاً: 10 مستشفيات رفضت استقبال ابن 30 يوماً.. حكومة الثقة مسؤولة عن محمد

يبقى أنّ الطفل محمد بركات هو عينة من المواطنين الذي يواجهون الموت يومياً على أبواب المستشفيات، بركات استطاع أن يوصل صوته وعلى الحكومة أن تفتح هذا الملف على مصراعيه، فكم من طفل يموت بصمت، وكم من مستشفى تتحول إلى ملحمة وجزارين.
كما لا بد من التوقف عند أخلاقيات الكادر الطبي والتي ورد نماذج منها فيما رواه بركات، فالطب أخلاق.. ومن لا أخلاق له لا يجب أن يظلّ تحت مسمى مهنة كانت إنسانية قبل أن تتلبنن.

السابق
أين المعارضة السورية من الاتفاق الروسي – التركي؟
التالي
عندما تخدم ايران الأجندة الروسية