بعد قرار الدمج.. هل يبتلع «الحشد» الجيش العراقي؟

أقرّ مجلس النواب العراقي يوم أمس السبت 26 تشرين الثانئي قانون "هيئة الحشد الشعبي"، والذي ينص على أنّ قوات الحشد ستكون قوة رديفة إلى جانب القوات المسلحة العراقية وترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة.

قرار دمج الحشد العراقي بالجيش، أثار ضجّة سياسية وإعلامية، حيث وضعه البعض في نطاق التسليم الكامل لإيران ولمشروعها.

في هذا السياق أوضح الباحث والمحلل السياسي، مدير جمعية “هيا بنا” الأستاذ لقمان سليم لـ”جنوبية” أنّ “القرار الذي صادق عليه مجلس النواب العراقي خوّل الحشد الشعبي شعبية قانونية تساوي شعبية الجيش باعتبار أنّ هذا القرار نص أيضاً على أنّ للحشد هوية وخصوصية مختلفتين عن موضوع الجيش، أما أخطر ما في هذا الأمر فهو تشريع الوضع القائم أي تشريع الميليشيات في العراق بشكل أساسي”.
مضيفاً “تشريع الميليشيات في العراق يأتي متأخراً عن تشريعها في بلادنا، فنحن منذ أن كُتب أول بيان وزاري نصّ على أنّ الدفاع عن لبنان هو مسؤولية الجيش والشعب والمقاومة، وبذلك كتبنا ولو بشيء مختلف شيء شبيه بذلك”.
وتابع سليم أنّه ” يجب ألاّ نستبعد أنّه غداً وفي أفق ما لربما في سوريا يكتب الأمر نفسه وفي اليمن، إذ أنّ ذلك أصبح تحصيل حاصل”.

لقمان سليم

 

مؤكداً أنّ “أخطر ما في الأمر هو تشريع النموذج الهجين الذي يقوم على شراكة غير متساوية بين المؤسسات الدولتية الموروثة من العهد الذي شهد قيام دولنا لبنان العراق وسوريا، والنموذج الإيراني الذي منذ لحظة نشوئه قام على الشك بمؤسسات الدولة وأنشأ مؤسسات رديفة وبذلك لا نقصد فقط الحرس الثوري والذي هو الوجه الأكثر مشهدية، إذ علينا أن لا ننسى أنّ هذا الحرس يسيطر على قطاعات واسعة من الاقتصاد كما أنّه يتحكم بحياة الناس الاجتماعية، فهو مرفق عام ينافس الدولة ليس فقط في العسكر وفي الأمن وفي المواضيع الدفاعية والمواضيع الأمنية، بل هو ينافسها أيضاً ويمارس سلطة وصاية عليها أحياناً بكل المواضيع التي تبدأ بالاقتصاد ولا تنتهي بالاجتماع، وبالتالي ما جرى بالعراق خطير للغاية لأن هذا النموذج صحيح يشرع بقانون ولكنه لا يمكن تفكيكه بقانون”.
ولفت سليم إلى أنّ “هذا القانون يشرع أمراً واقعاً ولكن إعطاءه الصفة القانونية يعني كأنك تمنحه تأشيرة مرور لكل مرافق الحياة الوطنية من الإجتماع إلى السياسية وصولاً إلى الاقتصاد الخ..”.
وفيما يتعلق بإشارة البعض أنّ هذا القرار هو عامل قوة لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لكونه قائد القوات المسلحة حسب الدستور والقوانين، أكدّ سليم أنّ “هذا كلام يراد منه تمحل الحجج والأعذار لهذا القرار، وجود العبادي في هذا المنصب وإن كان نتيجة عملية ديمقراطية، إلا أنّه لا يمنع إبعاده كما سبق وجيء به، إذ أنّ الأمر لا يتعلق بالأفراد وإنّما هناك تلاعب بالجينات لهذه الدول من خلال استدخال هذا النموذج الهجين الذي هو بامتياز النموذج الإيراني”.

إقرأ أيضاً:  البرلمان العراقي يصوت على قانونية الحشد الشعبي

من جهة ثانية أوضح الكاتب السياسي الدكتور حارث سليمان لـ”جنوبية” أنّهم “يريدون تغيير بنية الجيش العراقي الذي كان بإدارة أميريكية في المرحلة الماضية وله معايير أمنية وتراتبية إضافة إلى معايير الإمرة والتخصص مثله مثل كل جيوش العالم”.

مضيفاً “حالياً المعركة التي تم شنها على داعش أصبحت مسألة نهايتها هي مسألة وقت وشهور قليلة وبالتالي يريدون ضم هذا الحشد الشعبي إلى الجيش ليتحول إلى ميليشيا عراقية تديرها ايران”.

حارث سليمان

 

ولفت سليمان إلى أنّه “قبل الاحتلال الأمريكي كان هناك في العراق جيش حقيقي قاتل إيران ودخل الكويت، وهو وإن هزم أمام أمريكا إلا أنّه كان جيشاً يتمتع بكفاءة وتراتبية وقد تم كسر على يد الأمريكان ومن ثم تمّ حلّه بقرار حكومي، ليقوموا فيما بعد بترتيب جيش آخر وم حشده وتعبئته من قبل الذين تسلموا العراق”.

مشيراً إلى أنّ “هذا الجيش كان ضمن معايير فقد دربته القوات الأمريكية وقامت بتسليحه، وهو وإن كان بين صفوفه أفراد من قوات بدر ومن جماعة المالكي غير أنّه تمّ تطويع بالمقابل أفراداً من السنة ومن سائر الشرائح العراقية”.
وأردف سليمان مبيناً أنّ “دمج الحشد الشعبي بالجيش العراقي هو أمرٌ رفضه المالكي بعد انسحاب الأمريكان، وبعد أن شكلت قوات الصحوة في المناطق السنية والتي حاربت القاعدة وانتصرت عليه”.

إقرأ أيضاً: سلامة كيلة يكتب عن إرهاب الحشد الشعبي

لافتاً إلى أنّ “قوات الصحوة في حينها قامت بمهام مطلوبة دولياً وعراقياً لمواجهة الجماعات الإرهابية، والمالكي بأمر إيراني اضطهد جماعة الصحوة ومورست اغتيالات بقياداتهم كما قد قطعت رواتبهم وتم منعهم أن يكونوا جزءاً من الحرس الوطني أو من تشكيلات عسكرية رديفة للقوات المسلحة العراقية وايضاً تم رفض ادماجهم”.
وختم سليمان مؤكداً أنّ “ما يجري اليوم هو إعادة تأكيد على اتجاه تقوم به إيران في العراق بتحويل الجيش العراقي لجيش تابع لها، خارج أي قيد يتعلق لا بالتراتبية العسكرية ولا بالطابع الوطني ولا بأن يكون ممثلاً لكل الأطراف ولكل المناطق ولكل التوجهات ولكل الطوائف”.

السابق
صاحب نشيد «نحن جيشك يا وهاب» هو الذي ينشد لـ«حزب الله»
التالي
فتاة سورية تسببت قصتها في بكاء قصي الخولي