التطبيع العربي مع اسرائيل يخدم إيران

لأوّل مرة وعلى مستوى شبه رسمي، شهدت مدينة نيويورك الأميركية قبل أيام اجتماعاً عربياً-إسرائيلياً، اللقاء حمل عنوان "متحدون ضد إيران نووية"، وناقش خطر التوسع الإيراني في البلدان العربية، ومشاركتها بزعزعة إستقرار الشرق الأوسط.

واذا كانت العلنية هي السمة البارزة للندوة، فان نوعية الشخصيات العربية التي ضمّت مسؤولين حكوميين من الإمارات والبحرين، وأكاديميين من السعودية ولبنان مع وزيرة خارجية إسرائيل السابقة تسيبي ليفني ودبلوماسيين إسرائيليين أثار أكثر من علامة استفهام حول المدى الذي يمكن ان تتطوّر فيه هذه النشاطات التطبيعية.

349
مؤسس تجمع “متحدون ضد إيران النووية” مارك ولاس أشار إلى ضرورة مقاطعة المؤسسات الإقتصادية الإيرانية، والمفارقة انه في الوقت الذي ينشغل فيه الإسرائيليون والعرب بالبحث عن سبل للضغط على إيران، فإن أميركا سمحت قبل يومين لشركة ايران باص بعقد صفقة طائرات مع شركة بوينغ الأميركية بلغت قيمتها مليار دولار.
فرق واضح بين التطبيع العربي وبين محاولة إيران التقرب من إسرائيل عبر طرق ملتوية غير واضحة، ورغم كل الأحاديث التي تشاع عن مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وإيران إلا أنه لم يظهر من تلك المفاوضات شيء على العلن.

إقرأ أيضاً: تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق: عن أيّة سوريا يتحدثون؟
الجديد في الموضوع هو لقاء لبنانيين مع الإسرائيليين وإختراقهم للقانون اللبناني الذي يمنعهم من الجلوس مع العدو الاساسي مع وطنهم، ولكن حصولهم على جنسيات أوروبية تتيح لهم هذا الأمر.

مسألة التطبيع العربي مع الإسرائيلين وإجتماعهم على عدو مشترك قد يكون حقيقياً ولكن العرب والإسرائيليين يمتكلون سجل عداوة طويل جداً، إلا ان ما قاله ليبرمان مطلع العام الحالي، عن نتائج اللقاءات التي بدأت تجمعهم مع العرب لها هدف واضح وهو  اضعاف القضية الفلسطينية.

إقرأ أيضاً: الجنرال عشقي لاذاعة جيش الاحتلال: اسرائيل والسعودية «شركاء» ضد ايران والارهاب

الإيراني حائك السجاد تمكن بطريقته وألاعيبه الفتنوية من تحريك جمر النزاعات الداخلية للدول العربية وتمكن من إشعال وقود مشاكل حقيقية تعاني منها المجتمعات العربية وإمتطاء صهوتها، وتقدم مشهد النزاع بشعار حماية الأقليات وهو ما نجح في صنعه في سوريا ولبنان والعراق.
قبل يومين كتب الكتاب اللبناني حسام عيتاني مقالا ناقش فيه ردود العرب على مقالة وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف الذي دعا فيها إلى تطهير العالم من الوهابية، يقول عيتاني في مقالته التي حملت عنوان “الردود على ظريف” أن “الردود العربية على مقالة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الأخيرة في «نيويورك تايمز» عينة نموذجية على طرائق التفكير والنقاش والتحليل السائدة اليوم في أوساط السلطات في البلاد العربية والصحف القريبة منها”.
وأشار عيتاني إلى أن الردود جاءت بنفس اللغة المذهبية فقال، «هنا بالذات سقطت الردود العربية على ظريف ولجأت إلى الرد على المنطق المذهبي الطائفي بمثله».
اللقاء الذي عقد في نيويورك لم يكن محوره فلسطين، إنما البحث عن أمن وإستراتيجية مشتركة ضد عدو واحد هو إيران. إيران التي تمكنت من الفوز بقلب أميركا فأوصلها ذلك إلى إتفاقها النووي الشهير منتصف العام الماضي.
البحث في سبل التطبيع مع إسرائيل من قبل العرب، سييعزّز من نفوذ ايران وقيادتها لمحور الممانعة في المستقبل، وسيجدد علاقتها بحماس وباقي التنظيمات الجهادية المعادية لاسرائيل، ما سيكسبها فرصا أكبر لاختراق البيئات السنية في المنطقة، فتسعى مع حلفائها في المرحلة القادمة لمشاركة الدول الكبرى في تغيير شكل المنطقة تحت شعارها الذهبي “حماية الأقليات”.

السابق
سرايا المقاومة «ميلشيا حزب الله السنيّة» ترسّخ وجودها
التالي
الارهابي عماد ياسين هل هو فعلاً «أمير داعش»؟