كيف تتموضع تركيا بين الدول الكبرى وأين اردوغان من الثورة السورية اليوم؟

بعد الانقلاب العسكري الفاشل، تغيّرت العلاقات التركية مع دول الإقليم والدول الكبرى، فعاد الود مع القيصر الروسي، والذي تكلل بزيارة الرئيس التركي لموسكو والتباحث بعدة ملفات، كما عادت المحادثات لتستأنف مع اسرائيل.

الدبلوماسية التركية تجلّت في القمة العشرين، فكانت تركيا “الفتاة المدللة” روسياً بل وأمريكياً، وكانت الدولة الأكثر انفتاحاً على جميع الأطراف، كل هذا في سياق عسكري حدودي ومعركة درع الفرات، واتفاق امريكي – روسي، حول إرساء هدنة تؤدي إلى حل سياسي،
فما سبب هذا التبدل في الموقف التركي، وما انعكاسات الانفتاح باتجاه روسيا وأمريكا والسعودية، وما الموقف من المفاوضات التي جرت في لندن وتحفظ التركمان، والاتفاق الذي تم بين لافروف وكيري.
إلا انّ السؤال الأهم هل توافق الدولة التركية على القبول بالأسد لمرحلة انتقالية إرضاءً للدول التي فتحت الخطوط معها؟

الباحث والكاتب فى الشؤون الإستراتيجية ورئيس تحرير نشرة المشهد التركي الأستاذ ماجد عزام أكدّ أنّ “تركيا قد دخلت مرحلة جديدة منذ بضعة أشهر مع التغيير الوزاراي الأخير وكان هناك ترتيبات عديدة داخلية وخارجية لمواجهة المستجدات والمتغيرات الداخلية والإقليمية، لا سيما التصعيد الذي واجهته تركيا من هجمات التنظيمات الإرهابية على اختلاف مسمياتها، إضافة للتدخل الروسي في سوريا منذ عام، وتعامل سياسة أوباما مع الدور الروسي القيادي في المنطقة بشيء من الإنكفاء”.
ولفت أنّ “الإنفتاح أو تقليل الأعداء (وفق تصريح بنيالي يلدريم) لا يقتصر على الساحة السورية إذ ثمّة قراراً بالانفتاح نحو الشرق باتجاه الصين واليابان ودول أخرى، ونحو الغرب باتجاه أمريكا اللاتينية والتى تتطور مها العلاقات خاصة الاقتصادية، وطبعاً نحو الجنوب باتجاه دول الخليج والقارة السمراء بما فى ذلك الدول العربية فى شمالها “.

تركيا
وأوضح أنّ “القضية السورية لم تعد قضية خارجية في ظلّ تداعياتها على تركيا، والإنفتاح المتعلق بسورية يلحظ التسارع فى الحل أو التسوية السياسية ورغبة انقرة فى التواجد الجدي والمركزي وألا يتم الأمر بمعزل عنها”.
مبيناً أنّ “المشهد الذي رأيناه فى قمة العشرين يؤكد على المعطيات السابقة حيث أنّ المناخ المتقاطع مع تركيا ايجاباً لم يصدر فقط من قبل موسكو وواشنطن وإنّما من بكين أيضاً، مع عودة قنوات الإتصال الجديدة مع الرياض، والتي كانت قد أثارت التغطية الإعلامية لبعض القنوات القريبة منها للإنقلاب الفاشل امتعاض أنقرة، إلا أنّ المياه ستعود إلى مجاريها لا سيما فيما يتعلق بالملف السوري بدرجة أولى والعراقي بدرجة ثانية وهذا ما مهّد له لقاء القمة الذي حضره وزير الخارجية السعودي عادل الجبير”.

إقرأ أيضاً: مصادر الجبهة الجنوبية: تركيا أمنت حدودها مع جرابلس وداعش… إلى القلمون

وأشار عزام أنّ “التقارب النفطي بين موسكو والرياض مرحب به فى أنقرة ممّا يعكس من انفتاح وتهدئة، كما أنّ هناك تنسيقاً بين تركيا و روسيا مع استيراد ثلثي الحاجة من الغاز منها، والانتهاء من الخطوات الإدارية والبيروقراطية للمضي قدماً في مشروع السيل التركى والذي سينقل الغاز الروسي إلى اوروبا مكرساً تركيا كمصدر موزع وناقل “.
متابعاً أنّ “هذا التطور الروسي يأتي في سياق المصالح وكسب أوراق المساومة، لمواجهة الانكفاء الأمريكي عن المنطقة”.
وفيما يتعلق بالمفاوضات وتحفظ ورفض تركمان سوريا، اعتبر أنّ “تركمان سورية  يتصرفون كجزء من الشعب السوري الممثل فى هيئات الثورة السورية، ويريدون ضمانة مصالحهم ليس بصورة فردية وإنّما بما يتكامل مع مصالح الشعب السوري فى دولة مدنية ديموقراطية عادلة”.

مؤكداً أنّ “موقف تركيا من الثورة السورية يأتي ضمن سلة متكاملة تاريخياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً، لهذا تسعى الدولة التركية للوصول إلى حل عادل، فاستقبلت اللاجئين ودعمت الثوار حتى حينما لم يكن هناك من خطرٍ على أمنها، وهدفها ليس الهيمنة وإنّما إزالة الحواجز مع المحيط العربي الإسلامي. أمّا تدخلها العسكري مؤخراً فهو لإبعاد الخطر عن أمنها وهي طرحت فكرة المنطقة الأمنة وكانت تسعي دائماً للحل السياسي الذي يحمي سوريا من التقسيم والتشرد”.

إقرأ أيضاً: الكرد يخسرون سوريا أم سوريا تخسرهم

وخلص عزام إلى أنّ “تركيا تدعم أي حلّ سياسي عادل يتوافق مع إعلان جنيف والقرار 2254 والأهم كما قال (يلدريم) وآخرون، أن يكون نموذجاً يمثّل جميع المكونات السورية دون اقصاء، وأن لا يتم تخطي جرائم الإبادة التي ارتكبت”.
مشيراً إلى أنّ “أيّ حل سياسي يحتاج إلى صبر، والأهم أن يؤكد على عدم وجود لا لبشار الأسد ولا لعصابته في مستقبل سورية بعدما أقدموا على قتل 600 الف مواطن وتشريد الملايين، وتدمير البلاد”.
وخاتماً أنّ “تركيا ستقبل ما يقبل به ممثلو الشعب السوري الشرعيين من ثوار وائتلاف وهيئة عليا للمفاوضات، وتدعم الهدنة شرط ادخال المساعدات ورفع الحصار عن المناطق المحاصرة وأن لا يكون هنالك من تمييز بين الإرهابيين، ونرى أنّ هذه الهدنة يجب أن تكون مقدمة لإدخال المساعدات وللإنتقال السياسي وفق إعلان جنيف وقرار الأمم المتحدة 2254″.

السابق
شمس الدين لـ«جنوبية»: تعديات«المجلس الشيعي» غير الشرعي كما تعديات قطاع الطرق
التالي
جمّول في عامها الـ34: سقطت البندقية وسقطت المقاومة في المستنقع السوري