السيد محمد حسن الأمين: الصراع هو بين إرهاب الاسلاميين وإرهاب السلطات

جريمة القاع ليست أو جريمة يرتكبها الارهابيون الجهاديون في لبنان، وربما لن تكون الأخيرة، ولكنها الاولى التي تستهدف بلدة حدودية مع سوريا ذات غالبية مسيحية مما يعيد الاستنفار الطائفي ويشحذه للمدى الأقصى، وخاصة ضدّ اللاجئين السوريين الذين اتهمهم بعض الاعلام بما جرى في البلدة.

سماحة العلامة المفكر الاسلامي السيد محمد حسن الأمين علق على جريمة التفجيرات الارهابية الانتحارية في القاع بقوله ” أودّ في البداية أن أستنكر ليس الجريمة التي ارتكبت من قبل التكفيريين في بلدة القاع، وإنما أريد أن أستنكر مصطلح الاستنكار الذي نسمعه خاصة من المسؤولين السياسيين والعسكريين، فقد باتت هذه الكلمة مبتذلة وغير ذات معنى وهي ذات دلالة واضحة على إفلاس هؤلاء المسؤولين، فهم لم يأخذوا مواقعهم من أجل أن يستنكروا، أي أن يكون موقفهم من مثل هذه الجرائم التي تحصل في بلدهم كما يفعل الأجانب البعيدون عن المسؤولية المباشرة تجاه أمن لبنان وسلامته، وهذا في نظرنا مظهر من مظاهر ضعف الشعور بالمسؤولية، فالمسؤولون السياسيون والعسكريون لا يستنكرون فعل الجريمة بل يجب أن يتصدّوا لها، ومهما تكن أهداف التكفيريين المجرمين من جريمة القاع، فإن تمكن هؤلاء من القيام بها هو مظهر من مظاهر غياب الدولة وخصوصاً في مجال الأمن وحماية الوطن”.

اقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: الأصولية الجديدة تؤسلم المعارف لإقصاء الآخرين

وعن تفاقم الظاهرة التي تشهدها المنطقة العربية لهذا الفكر التكفيري الخطير، فانه “من الملاحظ في البداية، أن تاريخنا السياسي المعاصر لم يشهد ظاهرة مستنكرة أو غير مستنكرة إلا وكانت تعزي مباشرة إلى جبهات دولية أو إقليمية فيما نلاحظ أن هذه الظاهرة التكفيرية لا تعزى إلى تلك الجهات، بل تبدو وكأنها غير مدعومة لا من دول العالم الكبرى ولا من الدول الإقليمية، فإن عمليات هذه القوى التكفيرية تكاد تشمل كل الجهات والدولا لتي يحتمل أن تكون داعمة لها، وربما كان الحادث الإرهابي الذي حدث في تركيا ونسبته أنقرة إلى داعش دليلاً على ما قلناه، وهذا يعني أن هذه الظاهرة التكفيرية والإرهابية يشكّل انبثاقها وحضورها وسعة انتشارها يشكل لغزاً، أي أنه يشكل ظاهرة غير مسبوقة، مما يستدعي آليات لتحميل هذه الظاهرة بعيداً عن الآليات التي تعوّدنا في تاريخنا السياسي المعاصر أن نلجأ إليها لنحلّل الظاهرات السياسية والاجتماعية”.

القاع

ولأن كان المطلوب، بل الرغبة الملحّة هو التفكير في كيفية الخلاص من هذا الخطر التكفيري الارهابي الداهم فان السيد الأمين يرى” أن ثمة وسائل سريعة وناجعة في تحقيق هذه الغاية أي في القضاء على ظاهرة الإرهاب، ومن وجهة نظري أن لهذه الظاهرة جذوراً عميقة لا أريد في هذه المداخلة المختصرة أن أتقصّاها جميعها، وأودّ أن أركّز على واحد من هذه الجذور قد يكون استيعابها أسهل وأوضح من الجذور الضاربة في التاريخ، وأعني في هذه الجذور الأسهل والأوضح أن ظاهرة الإرهاب هذه نشأت في ظل أنظمة سياسية ليست ذات توجهات إسلامية وليست ذات أيديولوجيات سياسية إيجابية أو مستمدة من الأيديولوجيات السياسية المتقدمة في عالمنا المعاصر، أي هذه الأنظمة التي طال جثومها على صدر الأمة وشعوبها، لم ينفع في تغييرها أو في تحسينها أي شكل من أشكال النظام السياسي المشروع، فكان لا بد إذ ذاك أن يحدث الانفجار، وهو وإن يكن انفجاراً غير مطلوب وغير مشروع، إلا أنه يظهر ويبدو بوصفه نتيجة حتمية لاستعصاء التغيير بالوسائل الطبيعية وهذا لا يعني أني أوافق على هذا الانفجار، بل أحسب أن هذا الانفجار هو مظهر من مظاهر التدمير، أي المزيد من وضع العقبات أمام أحلام النهوض والتغيير على مستوى شعوب هذه الأمة، وبالتالي، فإنا لا أستطيع أن أراهن على الأنظمة السياسية والتصدي لهذه الظاهرة، فإذا كان الإرهاب هو سمة هذه الظاهرة، ذات الشعار الإسلامي، فإن إرهاب الأنظمة هو الإرهاب الذي لا سمة له سوى سمة القهر والغلبة التي ما تزال لدرجة عالية هي مصدر السلطة في الدول لعربية إن لم تكن كلها، فأكثريتها على الأقل، مع العلم أن التفاوت بين هذه الدول وسلطاتها في اعتماد وسيلة القهر والغلبة كمصدر الشرعية الحكم أو لشرعية السلطة هو تفاوت ضئيل”.

ويختم السيد الأمين بقولة “إذا كان ثمة من أمر يمكن المراهنة عليه، فهو ولادة أشكال متقدمة من الوعي على مستوى الشعوب نفسها، وعلى الأخص الوعي المتعلق في رؤية جديدة للإسلام بوصفه الذريعة التي يتم استخدامها اليوم لإحداث فعل التغيير والنهضة فالعالم الإسلامي ودائماً على أساس أسطورة إعادة قيام الخلافة الإسلامية على صورة ومثال الخلافة في القرون السابقة”.

اقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: زيارة «العتبات» شرعيتها من قدسية اصحابها

وبتلخيص شديد يرى السيد الأمين” أن الصراع القائم هو صراع بين طرفين، بين إرهاب الإسلاميين وإرهاب السلطات الحاكمة ليس في سوريا فحسب بين سلطات المنطقة العربية وإن كانت سوريا تشكل الذروة في ذلك”.

 

السابق
أزمة السوريين في لبنان تشعل مواجهة حامية بين نجوم قناة «الجزيرة»
التالي
بالصورة: انتشار معلومات عن انتحاري في جبيل… فما هي الحقيقة؟!