السيد محمد حسن الأمين: بعض المسلمين يعانون من فصام في بلاد الغرب

أميركا وعدد من البلدان الأوروبية أصبحت مسرحا لعدد من الجرائم الإرهابية قام فيها متطرفون مسلمون ولدوا في تلك البلدان وترعرعوا فيها ولكن شبوا على كراهيتها بذريعة انها بلاد غير مسلمة واهلها كفار، فهل هذا هو السبب الحقيقي أم ان هناك تفسيرا آخر لهذا التطرف لم يجر الحديث عنه بعد؟

يبدي سماحة العلامة المفكر الاسلامي السيد محمد حسن الامين استنكاره الشديد لتلك الجرائم الوحشية التي يقوم فيها بعض المسلمين المتطرفين في الغرب باسم الاسلام وخصوصا جريمة أورلادو في أميركا أخيرا، ويقول انه ” يجب تعريتها من أية ذريعة تتخذ من الاسلام حجة للقيام بتلك الجرائم، والأرجح أن أمثال هذه الجرائم تستند إلى كونها تقع في دائرة فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي هي في نظر الشريعة الإسلامية فريضة ذات أهمية كبيرة، ولكنها في الوقت نفسه مشروطة بشروط عديدة، أهمها أن يكون المسلم قادراً على ممارستها بالتي هي أحسن، “ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة”، عدا عن أن العقوبات في الإسلام لا يوقعها إلا حاكم شرعي مسؤول عن تطبيق الأحكام الشرعية. وفضلاً عن ذلك كله فإن القيام بمثل هذا العمل الإجرامي هو جريمة مضاعفة في شريعة الإسلام، فهي جريمة قتل لا شرعية لها من جهة، وهي ثانياً وفي ظل الظروف الراهنة التي يشاع فيها تجريم الإسلام والمسلمين ويجري فيها العمل على التعبئة العالمية من قبل الغرب وغيره ضد الإسلام والمحاولات الحثيثة لتأليب الرأي العام العالمي ضد المسلمين، ويكون هذا المجرم قد وفّر للغرب على الأقل ذريعة للمضي في محاربة الإسلام وتعميم موقفه الرافض والمدين للدين الإسلامي والمسلمين معاً”.

إقرأ أيضاً:  السيد محمد حسن الامين: فتاوى حسن الترابي للتجديد وتجاوز السائد‏

بالنسبة للمسلمين في الغرب وأزمتهم في عدم القدرة على اندماجهم فيه واستيعاب اختلاف الدين والعادات يقول السيد الأمين “هذه الظاهرة هي تعبير عن فصام حاد في شخصية المسلم وهي ظاهرة تكشف إلى أي مدى هو الخطاب الإسلامي السياسي والاجتماعي، خطاب يحمل في داخله نقيضه، أي أن المسلم لا يتخلى عن الانتماء الشكلي للإسلام ولكنه حين يكون أمام الاختيار، فإنه يختار الصيغة غير الإسلامية، كأن يختار الحياة في الغرب لما يدركه بصدق وإخلاص عن حسنات الاجتماع الغربي وما يوفره هذا الاجتماع من حماية وحصانة وحرية وكفاية للأفراد الذين يعيشون فيه، وكأني به بوعيه الناقص يشعر أن اختياره للحياة الغربية هو نوع من الإثم وهو يريد أن يعوّض عنه بإعلان نقمته على الغرب وإعلان تشدده في التمسك بالهوية الإسلامية ولو كان تشدده ظاهرياً”.

ويخلص السيد الأمين “إن المسلم ليس محاصراً من قبل شريعته بالدرجة التي تمنعه من العيش في مجتمع غير إسلامي، بل أكثر من ذلك بل أن المسلم مدعو إلى احترام القيم والمفاهيم الدينية للمجتمعات غير الإسلامية التي يعيش فيها، في هذا المجال يحضر لدي رواية تنسب إلى الرسول(ص) أو إلى أحد الأئمة يقول فيها، أن الملك داود النبي عليه السلام عندما كان يبني الهيكل، كان البناء يتصدع ويتهدم قبيل اكتماله، فيعود إلى بنائه من جديد وقد حدث ذلك مرات عديدة حتى أن داود شكى لربه هذا الأمر قائلاً “يا رب لماذا أن لست موفقاً لإنجاز هذا الهيكل”؟ فأوحى إليه الله سبحانه وتعالى أنك يا داود قد أوغلت في سفك الدماء، فقال داود يا رب أنا أقاتل المشركين بك والكافرين بدينك تقرباً إليك، فقال له الله سبحانه وتعالى: أليس أولئك الذين تقاتلهم من عبادي؟! لذلك فمن أين يستلهم هذا القاتل شرعية مثل هذا العمل الذي قام به؟

إقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: الاسلام المدني في تونس مطلوب ونأمل أن ينتشر

ويختم السيد الأمين: هنا الآية واضحة أن إجبار غير المسلم على اعتناق الإسلام غير وارد في شريعته، “فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”، ولا أكره في الدين قد تبين الرشد من الغي”.

السابق
الجيش العراقي يعلن تحرير الفلوجة بشكل كامل
التالي
«الضاحية الجنوبية» وحكايات الموت.. «الجنونية»