خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي مقامرة تنبئ بزلزال اقتصادي عالمي

بريطانيا
ما إن أعلنت نتيجة استفتاء البريطانيين لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي تهاوى الجنيه الإسترليني لأدنى مستوى منذ 30 عاما خلال تعاملات اليوم الجمعة. فما هي الانعكاسات السلبية على الاقتصاد الأوروبي والبريطاني؟

أظهرت نتائج الاستفتاء الشعبي تفوق معسكر الخروج من الاتحاد الأوروبي مقابل البقاء. إذ صوت 51,9 في المئة من الناخبين البريطانيين أمس الخميس على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد، مقابل 48,1 في المئة أيّدوا البقاء فيه، بحسب النتائج النهائية التي أعلنت اليوم.

هذه المفاجأة غير المحسوبة أثارت مخاوف حادة متعلقة بالنمو والاستقرار السياسي والاقتصادي في أوروبا، سيما مع هبوط سعر “الباوند” في أسواق آسيا إلى أدنى مستوى له منذ 1985 أمام الدولار الأميركي، إذ تراجع سعر العملة البريطانية إلى 1.3466 للدولار. وقفز اليورو أكثر من 6 في المئة أمام الجنيه إلى 81.85 بنس، في حين هبطت العملة البريطانية إلى أكثر من 14 في المئة أمام العملة اليابانية، إلى 136.22 ين.

وأمام هذه التداعيات الاقتصادية أعلن البنك المركزي البريطاني، أنه مستعد للتحرك لضمان الاستقرار النقدي والمالي للمملكة المتحدة.

في هذا السياق، رأى الدكتور سامي نادر الخبير اقتصادي والمحلل السياسي أن “من الطبيعي أن الأسواق المالية تتأثر بهكذا اوضاع إنما الأثار ليس فقط اقتصادية”. وتابع “الاثار السلبية إنعكست على المستوى الاوروبي ككل، فوجود بريطانيا يحقق توازنا داخل الاتحاد والاقطاب الأوروبية وخروجها يرجح كفة المانيا وبذلك ستسير أوروبا وفقا للسياسة الألمانية، لأن فرنسا لا تستطيع بمفردها أن توازي الدولة البريطانية التي أخذت معها شرق أوروبا فالنتيجة الآن أن أوروبا ستدور في فلك الألمان”.

خبير الاقتصادي الدكتور سامي نادر
خبير الاقتصادي الدكتور سامي نادر

وأضاف “هذه الخطوة سوف تطرح علامات استفهام حول بقاء دول أخرى في الاتحاد الاوروبي المهدد الآن بالانهيار”. وتابع “هذا القرار سيكون له ايضًا تأثيرا على المملكة البريطانية الموحدة نفسها، فلا ننسى أنه حين تم التوقيع على اتفاقية ايرلندا كان الاتفاق أن تكون بريطانيا جزءا من الاتحاد والان هناك احتمال كبير أن نشهد استفتاءات تمهد لخروج ايرلندا واستوكلندا من المملكة المتحدة فهذا القرار يهدد وحدة بريطانيا نفسها”.

ولفت إلى أن “رئيس الوزراء دايفيد كاميرون قام بهذه الخطوة بدافع تحسين موقعه داخل الحزب الواحد لأخذ قوّة دفع”. واصفا هذه الخطوة بأنها ” مقامرة ورهان كبير لم يكن مجبرا للذهاب نحوه بواسطة الاستفتاء علما أن هناك العديد من الخبراء حذروا وانتقدوا”. وأشار نادر أن “دستوريا وقانونيا بريطانيا غير ملزمة بالتنفيذ ولكن هناك ثقافة ديمقراطية تقتضي باحترام رأي الشعب”.

وعلى المستوى الأمني، أكّد نادر أن المنظومة الدفاعية الأوروبية ستتأثر بشكل كبير نتيجة خروج بريطانيا وهذا يشكل ارتياح للمنظومات الأمنية الكبيرة بدليل أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي واجه الاتحاد بأوكرانيا وفي مجاله الاستراتيجي يضحك الآن”. وأضاف “هذا يشمل أيضًا المنظومات الارهابية أو ما يسمى بالاسلام الراديكالي الذي استطاع أن يفكك المنظومة العالمية بدليل أن اليمين المتطرف لا يرى الحقيقة”.

كاميرون

أما على الصعيد الاقتصادي، قال نادر إنه “لا شك أن الأسواق الاقتصادية تريد بقاء بريطانيا، نظرا للتداعيات السلبية، إذ انخفض الجنيه الاسترليني 180 نقطة في وقت لم تكن العملة البريطانية تهتز لأكثر من نقطة أو نصفها مما ينعكس على القدرة الشرائية”. ورأى أن “أوروبا لا شك أنها ستبرم اتفاقيات مع أميركا والدول الكبرى ولكن بعد فترة كبيرة”.

كما أضاف أنه “لا بد من الاعتراف بالثقل البيروقراطي والثقل المالي المتمثل بعجز الخزينة وتنامي الفاتورة الاقتصادية والاجتماعية نتيجة هذا القرار وهذا ما يفقد بالتالي الاقتصاد الاوروبي قدرته التنافسية ولا بد الاعتراف بهذه المسألة”. وأضاف ” في حسابات بريطانيا هي تريد الخروج من السوق الواحد بعدما كانت تكلفت المشاركة فيه أكثر من 30 مليار دولار وبذلك تكون مدفوعاتها أكثر من عائداتها”.

اقرأ أيضاً: سببان جعلا البريطانيين يرفضون الاتحاد الأوروبي… فما هما؟
وفي حديث لـ”جنوبية” مع الخبير الاقتصادي الدكتور مازن سويد سجل في البداية ملاحظة بأن “نتائج الاستفتاء لم تكن متوقعة وأكثر التوقعات رجحت كفة بقاء بريطانيا وليس العكس”.  وتابع “لهذا السبب كانت أثاره على الأسواق المالية ضخمة جداً فحدث إنهيار بالبورصة والعملات وهذا الأمر سينعكس حتما على الاقتصاد العالمي”.

وأضاف “دائما عندما يكون هناك انهيارات بالأسواق المالية فانها تنتقل حتما إلى الاسواق الحقيقية من خلال التأثير على ثقة المستهلك والمستثمرين فالأزمة تنتقل من المصارف البريطانية إلى الاوروبية إلى العالمية . هذا ما يؤدي إلى انكماش في حركة التسليف والإستدانة”. وتابع “بالتالي لا بد من الانتظار بضعة أيام لتتضح تداعيات الأزمة الاقتصادية“. مشيرا “الواضح أن التداعيات ضخمة ولكن الغير واضح بعد إذ كانت أزمة عالمية ضخمة كأزمة 2007”.

وأكد سويد أن “الأزمة ستكون زلزال اقتصادي عالمي ولكن لم يتضح حتّى الآن إلى أي مدى ستكون تداعياتها”.
كما لفت إلى أن “خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي جاء في وقت يعاني الاقتصاد العالمي  من أزمة ويعاني من ركود كما المصارف المركزية العالمية لا تملك ذخيرة لخفض الفوائد”. ولم يرَ “نتائج ايجابية لبريطانيا على الصعيد الاقتصادي”.

اقرأ أيضاً: الخروج البريطاني الى مستحيل البقاء

وقال إن “هذه الانعكاسات الاقتصادية السلبية لخروج بريطانيا من الاتحاد كانت واضحة، وهذا ما يفسر أن التصويت الذي جاء من القاطنين في المدن كان سلبي وذلك لكونها على دراية كاملة بسيناريو ما بعد الانفصال، عكس اكثر قاطني الارياف الذين صوتوا لصالح الخروج من الاتحاد.

وعلى صعيد لبنان لفت سويد أن ” لا تداعيات سلبية وذلك أن الإطار الرقابي في لبنان صارم فيما يتعلق بنوع الاستثمارات”.  مشيرا إلى أن ” أسعار النفط ستهبط ودول الخليج ستتأزم أكثر من الناحية الاقتصادية وستكون تداعيات الأزمة غير مباشرة على لبنان ومحيطه العربي”.

السابق
السعودي نوه بمبادرة قطاع الشباب في تيار المستقبل وجمعية أنجز لإقامة مهرجان السوق التجاري
التالي
نصر الله: أبارك لكم شهادة أعزائكم.. وجرحانا يواصلون حياتهم