بيادر العدس.. رمزٌ للمقاومة المنسية بوجه اسرائيل

قلة هم الذين سمعوا بمعركة بيادر العدس التي مني بها الاحتلال الصهيوني هزيمة نكراء عام ١٩٨٢، وهذا امر بديهي، فلا وجود لحزب الله في تلك المنطقة ليتبنى هذا النصر وتلك المقاومة، وبالرغم من انها احد أشهر المعارك التي تكبدت فيها إسرائيل أفظع الخسائر إبان الاحتلال، الا انها ما زالت مدفونة في غياهب النسيان.
بيادر العدس ” عيتا الفخار ” نقطة إستراتيجية مهمة في البقاع و تشتهر حتى اليوم كرمزاً للبطولة و الصمود ، كيف لا و هي المنطقة التي وقفت كالسد المنيع بوجه إسرائيل وواجهتها بكل قوة فكانت صورة عن أروع قصص الملاحم و البطولات، عيتا الفخار التي تظهر في مداخلها النصب التذكارية وفاءً للشهداء الذين سقطوا في هذه المعركة ما زالت حتى اليوم شاهدة أن أسطورة إسرائيل سقطت في عيتا الفخار.
في ١٠ حزيران عام ١٩٨٢ كانت اسرائيل  والتي تمكنت من احتلال البقاع الغربي ، تخطط لإحتلال بلدة عيتا الفخار و التمدد عبرها نحو البقاع الأوسط وصولاً الى بعلبك ليصبح لبنان بشكل كامل تحت سيطرتها، الا ان صلابة المنطقة حالت دون ذلك.
“العقيد ناظم ” قائد المعركة الشهيرة يروي ما حصل لأحد أصدقائه من أبناء البلدة : ” بدأت الطائرات الحربية الاسرائيلية صباح يوم المعركة تمشط المنطقة بالقصف الجوي و رمي القنابل العنقودية من منطقة راشيا مروراً بسهل عيتا الفخار و بيادر العدس و حتى البقاع الأوسط و سهله ، كذلك أيضاً استهدف سلاح الجو الاسرائيلي المقاومة الوطنية في هذه المناطق و الجيش السوري و القوى الفلسطينة ” فتح و الجبهة الشعبية ” ، فاستشهد من استشهد و دمرت بعض الدبابات السورية و المواقع ، و انسحب من تبقى”.
أحد الشهود على المعركة من أبناء القرية يقول: “اعتقدت اسرائيل ان الساحة أصبحت لها ، الا ان الجيش السوري و بدعم واسع و ضخم من أهالي المنطقة و المقاومة الوطنية في منطقة البقاع الغربي تسللت ليلاً الى بيادر العدس في عيتا الفخار و اختبؤوا في الجبال و المغاور بتنظيم وحذر كبيرين بانتظار الملحمة”.
يتابع العقيد ناظم مبتسماً: ” بدأت القوات الإسرائيلية تتقدم من منطقة البيرة متوجهة نحو عيتا الفخار وصولاً الى البقاع الأوسط ، حاول الإسرائيليون خداع الجيش السوري و المقاومين و ذلك عندما قامت الدبابات بعكس مدافعها نحو الجنوب لنعتقد أنها دبابات سورية منسحبة، الا ان الخدعة لم تنطل على أحد ” .
أصدر العقيد ناظم أوامره ليختبئ الجميع و انتظار التعليمات، وعندما دخلت جميع القوات الاسرائيلية و باتت كلها في منطقة بيادر العدس، حاصرتهم قوات من الجيش السوري و أبناء المنطقة المقاومين، فأصبحت القوات الإسرائيلية في منطقة محاصرة بشكل تام و بدأت المعركة الشديدة التي يشهد لها كل البقاع حتى اليوم .
يصف حسين أحد الشهود “المعركة كانت شديدة و قاسية و قد استعملت فيها كل انواع الأسلحة ، السلاح الثقيل و المتوسط و الخفيف ، و بسبب القرب بين الطرفين وصل القتال الى حد استعمال السلاح الأبيض ، دمرت معظم الآليات الاسرائيلية و قتل معظم الجنود و كان مشهداً لن ينساه أهالي عيتا الفخار” .
يكشف العقيد ناظم ” عثرنا في احد الدبابات على خريطة و مخططات تحتوي على تعليمات توضح ان الهدف الاسرائيلي كان احتلال بلدة عيتا الفخار و احتلال البقاع الاوسط و التقدم حتى سرغايا في منطقة القلمون أي حتى بعلبك و السيطرة على طريق الشام بيروت، لكننا تصدينا لهم و هزمناهم شر هزيمة ففشلت خططهم و أهدافهم”
بعد انتهاء المعركة “تمكنا من أسر بعض الجنود ، قامت مجموعة من الفلسطينيين ومن أبناء المنطقة  بأخذ ٣ جثث إسرائيلية و جالت بهم البلدة للتباهي ثم ذهبت بهم الى جبل عيتا الفخار و دفنتهم في منطقة مجهولة ، ثم توجهت المروحيات الاسرائيلية و سحبت الجثث التي بقيت في ساحة المعركة” .
يصف حسين المعركة: ” كانت بيادر العدس و سهل البلدة كرة لهب، لم نصدق ما رأيناه، انها ليست معركة بل ملحمة و لا بد ان يتحدث عنها التاريخ، الجثث الاسرائيلية رأيناها وقد كانت بعض الجثث مقطعة الأوصال، و رأينا الجثث التي شحطت في ساحة البلدة ، كانت ثلاثة جثث و دفنت في جبل البلدة، و الجميع يعلم ذلك لكن قلة الذين يعرفون المكان الذي تم دفنهم فيه “.
كانت عيتا الفخار نقطة مهمة غيرت مجرى التاريخ ، منطقة صمدت في وجه اسرائيل و أبت السقوط ، بل كانت أرضها مقبرة للمحتلين، كانت فصلاً من فصول المقاومة المنسية، ولكن لن تبقى.
يذكر ان اسرائيل ما زالت حتى الان تطالب بالجثث الثلاث وقد عرضت مبلغ ٣ مليون دولار على من يساعدهم من بلدتي عيتا الفخار والسلطان يعقوب للعثور على الجثث الا ان احداً لم يستجب من الأهالي لطلب اسرائيل.
السابق
باب الحارة السوري: يفجر الغضب السعودي على mbc‏
التالي
بالصور: حزب الله ينعي عباس علي الموسوي وعلي شفيق دقيق