مهزلة ومأساة: الجيش السوري يقاتل حزب الله

شهدت الساحة السورية اشتباكات بين حزب الله وبين جيش الأسد، هذه الاشتباكات ليست الأولى من نوعها، ولكن الجديد هو أزمة الثقة بين عناصر الحزب الذي كادوا أن يجزموا أنّ جيش النظام يسلمهم لقمة سهلة للمعارضة.

كشفت المواجهة العسكرية التي وقعت بين مقاتلي حزب الله ومجموعات من الجيش السوري قرب حلب ليل الاربعاء – الخميس، عن أزمة ثقة بين الطرفين. ولعلّ التعليقات التي نشرها إعلاميون قريبون من النظام السوري (شريف شحادة وكندا علوش وغيرهم) عن محاولات حزب الله التحكم بقرارات الجيش السوري وإعلان رفضهم لهذا السلوك، يكشف المآلات الأخيرة لتورط حزب الله في سورية. فالأرجح انّ الطرفين، أي جيش الأسد وحزب الله، سيطويان على مضض صفحة الأمس على أكثر من 30 قتيلاً من عناصر الطرفين ويطويان صدمة مقاتلي حزب الله. لا سيما أنّ الحليف الروسي، سواء حليف الأسد أو لإيران وميليشياتها، قام بدور إيجابي في سبيل تهدئة النفوس. ونصح مقاتلي حزب الله وجنود الأسد الا يقدموا هدية للمجموعات السورية المسلحة في حلب. علماً أنّ مقاتلي حزب الله يعتقدون جازمين أنّ مجموعات من الجيش السوري تسهل عملية اصطيادهم من قبل المعارضة السورية. وهو ما أكدته مصادر عن تسهيلات من قبل جيش النظام لمعارضين أطلقوا صاروخ تاو على مجموعة مقاتلين من حزب الله. وهي ليست المرة الاولى. بل تكررت خلال الأشهر الأخيرة أكثر من مرة.

التغييرات الميدانية والديموغرافية التي تديرها إيران عبر حزب الله في أكثر من منطقة سورية، خصوصاً في منطقة القلمون وامتداداً إلى الزبداني، شهدت أكبر عملية تبديل ديموغرافي وأكبر عملية مصادرة للممتلكات والأراضي. حيث تتم أيضاً عملية شراء أراضٍ وبيوت لصالح جهات ترغب في نقل عشرات الآلاف من الموالين للمشروع الشيعي الإيراني إلى هذه المناطق، أو إبقائها خالية من السكان ومن أهلها في أسوأ الأحوال.

 حزب الله ونظام الأسد

رسالة حلب الأخيرة هي إعلان وجود قوة عسكرية منفصلة عن الجيش السوري ولا تأتمر به. أي أنّ إيران من خلال حزب الله تريد إظهار المزيد من الخصوصية والاستقلالية لقواتها في سورية، في ظلّ تنامي الدور الروسي العسكري وتحوّله إلى قوة قادرة على أن تجري تفاهمات مع اسرائيل حول سورية وتعدّ لمناورات في البحر المتوسط وعلى امتداد الساحل اللبناني والسوري. هكذا فإنّ روسيا تزيد من نفوذها وحضورها في سورية بإقرار من ايران وبمباركة اسرائيل، لكن رغم ذلك تريد إيران أن تكون طرفاً حاضراً ومقرراً في الميدان السوري، وأن لا يتمّ تجاوزه سواء كان ذلك في السياسة أو في الميدان العسكري.

إقرأ ايضاً: قصف بالطيران واتفاق روسي – سوري لتحجيم حزب الله… فكيف الرد؟

حزب الله الذي بات عاجزاً عن الخروج من سورية، فضلاً عن أنّ قرار خروجه أو بقائه هو رهن أوامر الولي الفقيه وقائد حزب الله الأعلى السيد علي خامنئي، حزب الله هذا لن يخرج لأنّه سيلاحق من قبل أعدائه إلى داخل لبنان، وبالتالي هو امام مأزق وجودي. إذ ليس من خيار أمامه سوى الاستمرار في القتال. لكن ما يفاقم الأزمة إلى حدّ المهزلة، أن يتحول حزب الله إلى ملاحق من حلفائه أيضاً. فهو حين يسقط له مسؤول برتبة قائد حملة غزو سورية مصطفى بدر الدين في مناطق نفوذ النظام، بل في قلب قواعده العسكرية، فذلك يدل على أنّ عملية اصطياد مقاتلي الحزب ستستمر من دون أن يستطيع حزب الله اتهام أحد.

إقرأ أيضاً: هل قرّرت «الممانعة» التحالف مع إسرائيل؟

قمّة المأساة أن تصبح علاقة حزب الله مع الحلفاء، سواء النظام السوري أو القوة الروسية، أسوأ من قتاله المعارضين السوريين الذين يعلنون صراحة عداءهم، له كما أعلن هو العداء لهم.

تستكمل المهزلة في أنّ كلّ نظرية تدخّل حزب الله في سورية بعد شعار “لن تسبى زينب مرتين”، أنّ حزب الله دخل ليمنع المشروع الصهيوني الأميركي التكفيري.. الخ،  من إسقاط سورية الاسد؟. المفارقة أنّ اسرائيل هذه المرة تدخل من باب روسيا أي من باب الممانعة. تدخل عن طريق حليف الأسد وإيران، هذه المرة اسرائيل في سورية برعاية الممانعة ومقاوماتها أو مقاولاتها.

السابق
سراج الدين زريقات لمقاتلي حزب الله: دماؤكم فدا «البوط السوري» ماء‏
التالي
هذا ما قاله الرئيس الحريري لأهل عرسال والطفيل