«حكايات من قصر منصور» وعن حزب الله… لشريف الحسيني

كتاب
كان الصَّحافي اللبناني شريف سيِّد علي الحسيني، مندوباً معتمداً لجريدة "الشرق" اللبنانية، في مجلس النواب الذي كان قد تحوَّل مركزه إلى "قصر منصور". وعليه، فإن الحسيني، يقدِّم إلى القارئ وقائع من عمله الصحافي هناك، في كتابه الذي أصدره حديثاً (طبعة 2016) تحت عنوان: "حكايات من قصر منصور (1980 – 1987)".

احتدامُ معارك الحرب الأهليّة، في وسط بيروت، منتصف العام 1975، حال دون انعقاد جلسات المجلس النِّيابي، في مقرّه الكائن هناك، في ساحة النّجمة. فكان أن اتَّخذ الرئيس كامل الأسعد من “قصر منصور”، مقرّاً مؤقّتاً لمجلس النّواب.

اقرأ أيضاً: رواية «ألواح» لرشيد الضعيف… عن مشاعر مدعاةً للخجل!؟

ولقد صُدِّر الكتاب بتقديم لنقيب الصحافة اللبنانية عميد جريدة “الشّرق”، عوني الكعكي: وجاء في نصّ التّقديم: كنت أقرأ كتاب “الإمامة والسياسة” لابن كثير في إحدى الليالي قبل أن آوي إلى فراشي ووصلت إلى جملة يقول فيها الكاتب أن الإمام علي كرم الله وجهه كان له أعداء كثر ولا أدري لماذا قفز إلى خاطري شريف الحسيني الذي جاءني في أحد الأيام وكان يعمل في مطبعة “الشرق” في قسم التجليد مع رياض وعارف وقال لي أنه دخل الجامعة ليدرس العلوم السياسية والاقتصادية وأنه يريد أن يعمل في الصحافة ولا ادعي الفراسة ولكني عندما نطرت في عينيه وتبينت جراءته وطموحه وتوقعت له منذ تلك اللحظة مستقبلاً ناجحاً في العمل الصحفي وأدخلته على الفور إلى قسم التحرير.

واعتمد شريف مندوباً للجريدة في مجلس النواب وكان مركزه في قصر منصور قرب المتحف وبدأت تتوالى خبطاته الصحفية التي ذكر بعضها بين دفتي هذا الكتاب. وانتقل للعمل في مجلة “الشراع” بعد حملة تطهير في “الشرق” آثر شريف على إثرها أن يتضامن مع زملائه الذين استغني عن خدماتهم وهذا يشير أيضاً إلى نوعية هذا الشاب.

بعد الثورة الإسلامية في إيران دعي شريف إلى زيارة طهران أكثر من مرة قابل في إحداها الإمام الخميني قائد الثورة وعاد شريف يروي كيف قبل يد الإمام ونام عليها لهنيهات قبل أن يوقظه أحدهم واشتهر بتغطيته إخبار المخطوفين الأجانب أواسط الثمانينات من القرن الماضي وأنجز أول تحقيق صحفي متكامل عن نشأت حزب الله في لبنان. تناقلته وكالات الأنباء العالمية يومها وكنت سعيداً بكل هذه النجاحات لشريف لأن فراستي فيه قد صدقت.

وفي مرحلة لاحقة فتحت لشريف زاوية للتحليل السياسي على الصفحة الثانية في “الشرق” وكعادته كان النجاح رائده وأذكر أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري طلب مني إحضار شريف إلى قصر قريطم للتعرف عليه بعد أن كان يقرأ زاويته اليومية واصطحبته إلى القصر والتقى الرئيس الحريري لكن الحسد والغيرة من القريب والبعيد كانت تضع العصي في دولابه الدائم الدوران وكان يرفض المساومة أو تمسيح الجوخ وكان يردد دائماً مقولة جدّه الإمام الحسين كرم الله وجهه “هيهات منا الذلّة”.

شريف أنا سعيد بأن أكتب تقديم أول كتبك متمنياً لك مزيداً من الكتب والنجاح وموفور الصحة والعافية.
وهذا الكتاب يضمّ إضافة إلى “حكاياته”، ما يعتبره الحسيني “أيقونة عملي الصحفي”، على حدّ قوله، أي التحقيق الموسَّع الذي كتبه عن “حزب الله” في العام 1986. ويقول في ذلك:

“أيقونة عملي الصحفي”كتاب حكايات
ترددت كثيراً قبل أن أضمّ أيقونة عملي الصحفي “حزب الله” إلى دفتي هذا الكتاب لكون هذا التحقيق الصحفي عن نشأة “حزب الله” ليس من حكايات قصر منصور التي أرويها في هذا الكتاب، ولكن بعد التردد رجح عندي أنه لا بد من إخراج هذا العمل إلى الضوء مجدداً بعد حوالي أكثر من ربع قرن على نشره في مجلة “الشراع” في شهر تشرين الأول (اكتوبر) من العام 1986 من القرن الماضي نظراً للدور الكبير والمؤثر الذي يلعبه “حزب الله” الآن في الحياة السياسية اللبنانية والإقليمية وحتى الدولية فكان من الضروري عدم التأخير في اطلاع الجيل الشاب الجديد والذي لم يكن قد ولد عند نشر هذا التحقيق الذي يتضمن ظروف ودوافع نشأة هذا الحزب في بداية ثمانين القرن الماضي والذي أخذ عند نشره ضجة واسعة في الأوساط الإعلامية والسياسية ترجمت نفسها في نقل وكالات الأنباء العالمية مضمون ما جاء فيه والذي نشرته بالتالي معظم الصحف العالمية وتناولته شاشات التلفزة العالمية والعربية والمحلية بالشرح والتعليق.

وافترض أن إعادة نشره سيزيد من معلومات شباب هذا الجيل عن هذا الحزب ويجعله يرى صورة الحزب بشكل أوضح وأفضل.
وأشير إلى أن المفكر اليساري الأستاذ وضاح شرارة قد ألّف كتاباً أسماه (دولة حزب الله، لبنان مجتمعاً إسلامياً) اعتمد فيه هذا التحقيق مرجعاً في تأليف كتابه.

اقرأ أيضاً: كتاب «سوسيولوجيا العنف والإرهاب»: لماذا يفجّر الإرهابي نفسه؟

وإن كان هذا التحقيق الصحفي لم يكن من حكايات قصر منصور إلا أنه نشر في الفترة الزمنية التي يغطيها هذا الكتاب من العام 1980 إلى العام 1987 والقارئ سيجد ترابطاً أو إشارة هنا أو هناك على صلة بحكايات القصر في تلك الفترة.

السابق
ابراهيم دسوقي… في القفص الذهبي
التالي
إطلاق التحالف المدني الإسلامي في لبنان