الثنائية المارونية تسقط والثنائية الشيعية تترنح

مع انتهاء المرحلة الرابعة والاخيرة من الاستحقاق البلدي في محافظتي الشمال وعكار، طويت صفحة الانتخابات البلدية والاختيارية وبدأت القراءات السياسية لنتائج الإمتحان بعدما وقف اللبنانيون بوجه زعمات السلطة بكل فروعها وعبّروا عن رفضهم في صناديق الاقتراع وعن "تمردهم" على الأحزاب ولو كان بشكل جزئي في ظاهرة مستجدة عمت لبنان بمختلف مناطقه وطوائفه.

الأكيد أن مرحلة ما قبل الاستحقاق البلدي ليست كما بعده، سيما بعدما تلاشت رهانات الاحزاب السياسية فخلطت الأوراق وسقطت تحالفات المصالح وكان أكبر دليل خسار تحالف معراب الماروني بالنقاط في الشارع المسيحي في الوقت الذي بدأ فيه الثنائي الشيعي يفقد سطوته ويواجه اعتراضات .

وفي هذا السياق، رأى عضو اللجنة التنفيذية ل’حركة التجدد الديموقراطي’ الدكتور حارث سليمان “أنه
منذ بداية الانتخابات البلدية حتى نهايتها تبين أن الناس صنعوا الآلهة ومن ثم أكلوها وهذا ينطبق على جميع الأحزاب الطائفية”.

وأشار في حديثه لـ “جنوبية” إلى أن “المجتمع المحلي الذي يقوم على العائلات والقيادات هزم الأحزاب الطائفية كما حدث في القبيات وتنورين وزغرتا”.

ولفت الدكتور سليمان إلى أن “هذه الظاهرة كانت شاملة وبأن كل هذه الأحزاب لن تستطيع الوقوف أمام القوى المحلية بالعكس أخذتها إلى مأزق لدى المسيحيين والسنة والشيعة ومدينة زحلة هي أكبر برهان اذ لم تنجح هذه القوى لولا وجود أسعد زغيب الذي له حيثيات كبيرة في المدينة بمعزل عن الاحزاب كذلك في جزين لما كنوا ربحوا لولا الوجود التوافق الشيعي “.

وقال “لقاء معراب سعى لإقامة ثنائية مسيحية كالشيعية لكن في وقت كانت الأولى في طور بنائها كانت الثنائية الشيعية في طور الهبوط”.

وأضاف ما يمكن استنتاجه بعد الانتخابات أن “دور الأحزاب تقلّص وأن المجتمع المحلي انتفض في كل لبنان على الزعامات المسيطرة منذ عام الـ 2000 وصعودا”. وتبع “المغزى الذي ستدركه الأحزاب أن الطائفة لا يمكن اختصارها بزعيم وان اللبنانيين قرروا التمرد على الاحاديات والثنائيات ونتائج الانتخابات البلدية برهنت أنهم انتفضوا وقالوا لا، نحن موجودين كما جرى في الشارع السني حيث عوقب الرئيس سعد الحريري لعدم اتخاذه موقفا حازما تجاه حزب الله بدلا من المحاصصات والتسويات لكن لم يكن رفضا لمشروع المستقبل”.

جعجع عون

وعن المسيحيين إعتبر الدكتور سليمان “أنهم ذهبوا الى الحج والناس راجعة موضحا أن القوى الشيعية لتكريس هذه الثنائية وفرضها قضت على الأصوات والعائلات المعارضة، وقبلها الاحادية المارونية التي حاول الرئيس بشير جميل فرضها وتحييد كل معارضيه، فالقبض على الطائفة بدا عند الكتائب اللبنانية ومن ثم لدى الطائفة الشيعية، وبعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري فرضت الاحادية لدى المستقبل”.

وخلص سليمان “لكن، اليوم كل هذه الزعامات تفككت والمجتمع السياسي ينفتح معتبرا أنها “مرحلة جديدة تأسيسية عابرة للطوائف “.

كذلك اعتبر الصحافي جوني منير أن “الاحزاب المسيحية أخطأت حينما اعتقدت انها باستطاعتها تأسيس لثنائية مارونية شبيهة بالثنائية الشيعية باحتكار الشارع المسيحي والغاء الأحزاب الأخرى، كانت الحسابات خاطئة والنتائج كرست فشل هذا الاتجاه”.

وقال منير لـ “جنوبية” إن “الساحة المسيحية لا تشبه الساحة الشيعية ففيها قوى متعددة وعلى الرغم من محاولات جعجع فرض نفسه دونا عن الأحزب المسيحية، رفض الرئيس سعد الحريري عدة مرات التنكر للاحزاب الأخرى وهذا هو سبب الخلاف الرئيسي”.

إقرأ أيضًا: كفررمان تستعيد «كفرموسكو» وتخوض المعركة البلدية مقابل الثنائية

كما لفت منير إلى أنه “لا يمكن المقاربة بين الشارعين المسيحي والشيعي لعدة اعتبارات وذلك أن ” الشيعة لا يوجد لديهم تنوع والطائفة تمثيلها محصور بالثنائي حزب الله وحركة أمل على عكس المسيحيين، إذ انتهت القوى المستقلة الشيعية مع الرئيس كامل الأسعد في التسعينات”. أما الاعتبار الثاني أن “التكليف الشرعي غير موجود عند المسيحيين والمجتمع يرفض هذه النظرية هناك رأي عام حقيقي يحاسب وجزء كبير منه يكون مناصرا وغير تابع وهذا الجزء لعب دور في الانتخابات مع هذه التأرجحات فخرج من الانتماءات السياسية وعبر عن انزعاج اما من خلال حجب صوت أو التصويت للوائح المجتمع المدني واللوائح المقابلة”.

كما أشار منير إلى أن هذه النتائج “أظهرت عكس ادعاءات كل من القوات والتيار الوطني بأنهما يمثلان أغلبية الطائفة إذ تبين من النتائج أنهما يمثلان ما نسبته 45 الى 55 بالمئة كحد أقصى”.

كما اعترض منير على مزاعم أن الاستحقاق البلدي يختلف عن النيابي بدليل ما جرى في جزين حيث جرى الاستحقاقان وكانت النتيجة متقاربة”. كذلك “كانت أكبر صفعة لجعجع في بلدة بشري حيث امضى يومين فيها وعلى الرغم من ذلك خرقت اللائحة”.

إقرأ أيضًا: يوسف سعادة: الثنائية المسيحية لا تشبه الثنائية الشيعية

وخلص منير أن “كلا جعجع وعون يدركان مدى الهزيمة الا انهما لن يعترفا بها. وأن الأخير تأكد تماما ليس فقط من الفشل، انما ايضا من وجود الخلل على المستوى الاداري في التيار، لكن هذا لا يمنع أن يمضيا في هذا التحالف كما أنه لن يلغي أن الشارع المسيحي مزعوج من الطبقة الحاكمة ويبحث عن بدائل والبديل غير موجود”.

نتائج الانتخابات أظهرت أن الشارع المسيحي قطع الطريق على القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر في الاستحواذ عليه وتكرار تجربة الثناثي “حزب الله وأمل” في السيطرة على الطائفة الشيعية.

وعلى الرغم، من أن الحزبان المسيحيان استطاعا بناء محدلة في العديد من المناطق إلا أن الخسارة كنت أكبر، فتعطلت تلك المحدلة أمام الزعمات العريقة المتجذرة في الوجدان المسيحي اللبناني.

السابق
نديم قطيش: هزمنا في طرابلس «خير» هزيمة… وللاعتذار عن «مانشيت» المستقبل
التالي
جميل السيد لـ ريفي: صحتين‏