نتائج انتخابات جبل لبنان تظهر تراجع تأثير الأحزاب

بدأ غُبار المعركة الانتخابية في محافظة جبل لبنان ينجلي تدريجاً، لتكشفَ نتائجها دلالات سياسية عدة، خصوصاً في منطقة المتن، حيث كرّسَت مجدّداً زعامة نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب ميشال المر في "قلعته"، فيما أثبتَت بما لا يقبل الجدل عدم ترجمة التحالف بين "التيّار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" على الأرض بلدياً.

ألقت نتائج معارك جبل لبنان الانتخابية  بثقلها العائلي على الساحة المسيحية فارضةً إيقاعاً شعبياً مدوياً أطاح بنظريات التمثيل الحزبي الأكثري على الساحة المسيحية وأعاد التأكيد بأصوات المسيحيين أنّ الأكثرية الشعبية ليست للأحزاب ولا حكراً على تحالف معراب بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” الذي عجز عن بسط سطوته الانتخابية والتمثيلية تحت وطأة الوجود الطاغي للعائلات والفاعليات المناطقية من جهة، والحضور الانتخابي والشعبي القوي والوازن لكل من النائب ميشال المر وحزب “الكتائب اللبنانية”.

فوز هزيل في جونية

ولم تتوقف معركة جونية عن اطلاق المفاجآت حتى الساعات الاولى من قبل ظهر أمس مبينة خرقاً رباعياً للائحة الفائزة بفوارق ضيقة جداً لا بل مذهلة في الاصوات بين اللائحتين المتنافستين بما شكل توازن قوى في “جونية مختلفة” لكل افرقاء النفوذ والتنافس.

فجونية التي نامت على فوز لائحة جوان حبيش المدعومة من “التيار” والكتائب واستفاقت على خرق للائحة فؤاد البواري، وبالتالي فإن الحسابات انقلبت ولو أن ذلك لا يقلل أهمية فوز لائحة وضع العماد ميشال عون ثقله شخصياً لانجاحها رافعاً التحدي الى مستوى التصويت على زعامته.

اقرا ايضًا: الانتخابات البلدية تهزّ تحالف «القوات – التيار».. وجونية لم تفضح عون

 

“اللواء” ترد على الـ”OTV

ولفتت “اللواء” إلى أنه بين رمزي انطوان الاشقر آخر الفائزين في معركة بلدية جونية بـ4447 صوتاً وفرنسيس يعقوب ابي نخول اول الخاسرين في هذا “الماراتون” البلدي الطويل بـ4431 صوتاً، يكون الفرق 16 صوتاً. وهذه النتيجة الواقعية والموضوعية والرسمية، لم ترق كثيراً للفريق العوني الذي لم يسلم بأن الوقائع حقائق عنيدة، وان النتيجة هي التي تقرر ولا احد سواها.والمسألة تتعدّى ما وصفته محطة O.T.V الناطقة باسم “التيار” في تدبيج كتب “بحبر أسود” مقارنة اياه “بالحقد الاسود”، في إشارة إلى مانشيت “اللواء”: “جونية تسقط خرافة المرشح القوي”. ولا حاجة للرد بأكثر من الوقائع، وبأن “الأناء ينضج بما فيه”، ففي عملية بسيطة يتضح كيف ان جهة ما تضع رأسها في الرمل، ولو كان على شاطئ جونية.

اقرأ ايضًا: لائحة « الغبيري للجميع»: ضغوطات وتحريم وعراضات مسلحة واجهتنا

 

ثبات المر و”الكتائب”

الى ذلك، لم تكن مفارقة عابرة ان يعيد نائب رئيس الوزراء السابق النائب ميشال المر اثبات كونه معادلة أولى ثابتة في المتن وبعض بعبدا وان تسفر الجولة البلدية عن حصاد كبير له في المتن الشمالي ناهز الـ41 مجلساً بلدياً من أصل 54، بالاضافة الى 64 مختاراً، علماً ان 21 بلدية فازت بالتزكية سلفاً كانت من هندسة المر. وقد صاغ المر تحالفاته مع الكتائب في الكثير من البلدات والقرى كما مع قوى وأحزاب أخرى على نحو اضطلع بدور حاسم في هذا الحصاد، علماً أنه لا يمكن أيضاً تجاهل التقدم البارز الذي حققه حزب الكتائب في الكثير من البلدات.

إتحادات المتن وكسروان

وعن التوقعات بالنسبة لرئاسة اتحادات البلديات، فالمرجح أن “التيار” لا يتمكن من حصد رئاسة الاتحاد في كسروان حيث الكلمة العليا ستكون للعائلات، في حين أغلبية قرى كسروان الفتوح ذهبت نتائج انتخاباتها لصالح النائب السابق منصور غانم البون، بينما كان الحضور طاغياً للنائب السابق فريد هيكل الخازن في بلدات وقرى كسروانية أخرى. أما متنياً، فحُسمت رئاسة اتحاد المتن الشمالي لميرنا المر أبو شرف، ومن المتوقع أن يتولى رئيس بلدية الشبانية كريم سركيس رئاسة اتحاد المتن الأعلى.

اقرا ايضًا: صايغ: لم يكن هدف الكتائب في البلديات كسر تحالف عون – جعجع

حال تفاهم معراب

لم يؤمن التحالف المسيحي ـ المسيحي للقوات والتيار الوطني النتيجة التي كانا يريدانها، فتبين أن الحسابات على الورقة والقلم هي غير حسابات الأرض. والخطأ الأساسي كان اعتقدهما أنّه إذا اجتمع طرَفان من أحجام معيّنة فإنّ بقيّة الأحجام الأخرى ستُلغى، فيما أظهرت الأمور عكس ذلك، والتحالف الذي أقاماه شدَّ عصبَ القيادات الأخرى وسمحَ لها بالحصول على تعاطف كبير لدى أوساط الرأي العام وتَسَبّب بردّة فعل عكسية عليهما.

وتشير الاوساط إلى اللقاء المرتقب بين عون وجعجع والذي يتكتم الطرفان على موعده لأسباب أمنية، لكن أوساطهما تُشير إلى أنه قد يسبق انتخابات الجنوب أو يلي انتخابات الشمال في 29 أيار الحالي ليجري الطرفان تقييما سياسياً، وتقويماً للعلاقة التي تعرّضت للاهتزاز ليس في جونية وحدها، بل في أقضية وبلدات متعددة، لا سيما في كسروان، حيث الثقل الرئيسي لكلا القوتين المسيحيتين.

السابق
ابرز ما تناولته «جنوبية» بالأمس
التالي
هذا ما طلبه حزب الله من رياض سلامة