إغتيال مصطفى بدر الدين فتش عن أصابع إسرائيل والنظام السوري!

تحت ظلال وأجواء تحضيرات "حزب الله" للإنتخابات البلدية والإختيارية، تلقى الحزب ضربة أمنية إستخباراتية موجعة تمثلت باغتيال أحد قياديه الكبار مصطفى بدرالدين- (ذو الفقار) في مكان إقامته في العاصمة دمشق قرب مطار دمشق الدولي.

مصطفى بدرالدين الملقب بـ “ذو الفقار”، بدأ حياته العسكرية داخل صفوف المقاومة الفلسطينية لحركة “فتح” في لبنان، ثم التحق بركب الثورة الإيرانية وأصبح أحد مؤسسي “حزب الله”، سجن في دولة الكويت عام 83 على أثر تفجيره للسفارة الاميركية، إلا انه فر منها عام 90 ليصبح بعدها من أهم قادة الحزب المحترفين في العمل الأمني والاستخباراتي والعسكري داخل لبنان وخارجه؛ كما كان الشهيد بدر الدين القيادي العسكري الكبير، والشريك الأول لسماحة أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله في أخذ القرارات السياسية والعسكرية والأمنية، وأيضا المسؤول العسكري الأعلى عن زج آلاف عدة من المقاتلين في “حزب الله” بالداخل السوري، وهو شقيق زوجة القيادي الراحل عماد مغنية.

اقرأ أيضاً: متى وكيف بدأ الخميني باستغلال الإسلام السياسي؟

كما تعرض بدر الدين لمحاولة إغتيال فاشلة عام 96 عندما أغارت طائرات إسرائيلية على منزله في الضاحية الجنوبية أصيب بنتيجتها بجروح خفيفة، من بعدها أصبح ملاحقاً من قبل الاستخبارات الإسرائيلية. ومصطفى بدر الدين هو المتهم الرئيسي أيضاً من قبل المحكمة الدولية باغتيال رئيس الوزراء السابق الشهيد رفيق الحريري.

وعملية اغتياله التي تمت منذ يومين في احد منشآت مطار دمشق الدولي، أثارت تكهنات مصادر حزبية وأمنية وإعلامية صحفية عدة، فوجّهت أصابع الاتهام تارةً لإسرائيل وطوراً للجماعات الإسلامية السورية المسلحة، ضمن فرضيات عدة مثل، إنفجار لعبوة ناسفة أو قصف مدفعي، او صاروخ جو أرض، ولكن الفرضية المرجحة والمؤكدة كما تناولتها وكالات الاعلام، أن صاروخ جو أرض عالي الدقة أطلق من طائرة إسرائيلية إستهدفت مبنى مكان إقامة بدرالدين بشكل مباشر؛ وتبقى النتيجة واحدة، ألا وهو أن القيادي في “حزب الله” مصطفى بدر الدين قضي نحبه (شهيداً حاملاً راية النصر كما قال اعلام حزبه).

فعلى الرغم من رواية حزب الله الرسمية والتي اتهمت “التكفيريين” باغتياله بقذيفة مدفعية، فإنه ومن وجهة نظري تبقى فرضية إغتيال مصطفى بدرالدين بصاروخ جو أرض هي الأبرز، والسبب يعود بالذاكرة الى الوراء من ناحية الأسلوب والطريقة ذاتها بعملية إغتيال سمير القنطار عام 2015؛ ومن المعروف أيضا عن القيادي مصطفى بدر الدين انه كان شديد الحرص بأمنه الشخصي خلال تنقلاته، فمن الصعوبة جداً ان يتم اغتياله عن طريق عبوة ناسفة.

ولكن السؤال هنا، كيف علمت إسرائيل بوجود بدر الدين داخل المبنى الذي كان يسكنه ويدير منه أيضا العمليات العسكرية في سورية؟

تشييع مصطفى بدر الدين

بتحليلي الشخصي لا أستبعد بتاتاً تعاون أجهزة استخبارات النظام السوري مع العدو الصهيوني، بمعناه أن الاستخبارات السورية هي من أعلمت اسرائيل بوجود بدر الدين داخل المبنى، كون موقع المبنى ومحيطه مغلق تماماً كمربع أمني وبشكل معقد وباحكام وبمراقبة الأجهزة الأمنية السورية، تماماً كما حصل مع عماد مغنية، في منطقة كفرسوسة – دمشق، التي اغتيل فيها  مغنية عام 2008 وكانت مقفلة ضمن مربع أمني وبتدابير أمنية مشددة وباحكام من قبل أجهزة الاستخبارات السورية ايضا.

بالعامية “الذباب الأزرق ما بيقدر يدخل إلا بعلم المخابرات السورية،” اذا كيف تم خرق هذه التدابير.. وحصلت عملية الإغتيال بحق عماد مغنية بعد تفخيخ مسند رأس مقعد سيارته لتنفجر به وحده، لولا التسهيل للاستخبارات الإسرائيلية الذي حصل من قبل أجهزة المخابرات السورية المولجة بأمن وحماية المنطقة؟

والأنكى من كل هذا، انه وبنفس اللحظة حضرت الأجهزة الأمنية السورية وقامت بتنظيف موقع الجريمة مباشرةً، حتى القيادة السورية العليا لم تأمر بفتح تحقيق بالحادث أو على الأقل محاسبة المقصرين؛ وأيضا نجل عماد مغنية الشهيد جهاد مغنية، كيف علمت إسرائيل بوجوده داخل بلدة القنيطرة السورية، وضمن موكب ميداني عسكري وبرفقته أربعة مسؤولين كبار من الحزب، ومن بينهم جنرال إيراني رفيع المستوى، وذلك بمعرفة وعلم أجهزة المخابرات السورية المسبقة من أجل تسهيل مرور الموكب أمام حواجزهم العسكرية والأمنية التابعة لهم هناك، ليقوم الطيران الحربي الإسرائيلي لاحقاً بضرب الموكب بصاروخ جو أرض موجه، لولا الوشاية التي حصلت!؟

لا شك أن عملية إغتيال مصطفى بدر الدين – “ذو الفقار”، قدّمت على طبق من ذهب من قبل النظام في العاصمة دمشق إلى المخابرات الإسرائيلية وحتى الأمريكية، وذلك إرضاء لهما من أجل الإبقاء على نظام الأسد على رأس السلطة في سورية.

اقرأ أيضاً: صراع ايراني – روسي أدى الى تصفية بدر الدين؟

وقبل الختام، أود أن أطرح سؤالاً على قيادة “حزب الله”، المتورطة بالوحل السوري، حين تعمل الأدمغة الاستخباراتية الإسرائيلية وتغتال داخل العاصمة دمشق ومحيطها، كل من عماد مغنية داخل مربع أمني خاضع لحماية النظام هناك، وجهاد مغنية ورفاقه على تلال القنيطرة وبمعرفة أجهزة النظام المسبقة بتواجدهم هناك، وتلحقها بعملية اغتيال سمير القنطار الذي كان يخضع مبنى إقامته لحماية أمنية سورية، وأخيراً عملية إغتيال مسؤول العمليات الامنية الخارجية مصطفى بدر الدين- “ذو الفقار”، في مقره الدائم قرب مطار دمشق الدولي، والخاضع كلياً لحماية المخابرات الجوية السورية، ألم تعمل أدمغتكم وتتساءلوا يوماً عن هذا الخرق الاستخباراتي الكبير ومن يقف وراءه، ويذهب تفكيركم وحسكم الأمني باتجاه أجهزة النظام السوري، أم ان التكاليف الشرعية والهتافات لـ”الموت لـ آل سعود”، قد شلت عقولكم وأعمت بصيرتكم؟

السابق
(بالصور) إستقبال شعبي حاشد للمشنوق في كترمايا
التالي
اشكال في ‘الغبيري’ واطلاق نار في ‘مشان’ يصيب امرأة من آل شمص