ليس دفاعاً عن أية الله السيد جعفر مرتضى العاملي..

الشيخ محمد علي الحاج العاملي
خلال هذه الجلسة مع أية الله المحقق السيد جعفر مرتضى لفت انتباهي عدة أفكار قالها السيد ؛ خلافا لما هو المرتكز في الأذهان عن تشدده ... حيث لاحظت حرصه على سلامة المجتمع الإسلامي و وحدته .

شاءت الصدفة أن أزوره في 13 آذار الماضي في منزله في الضاحية الجنوبية لبيروت مع بعض أهل العلم ، دون موعد مسبق ، بزيارة عفوية اقتصرت على البحث بجملة قضايا علمية ، و كان هدفي الحصول على ترجمته لإدراجها في كتابي المخطوط ( مستدرك أمل الآمل في علماء جبل عامل ) .

( السيدة عائشة )

عقب  سؤاله عن رأيه فيما ينسبه البعض للسيدة عائشة  فقد رفض رفضا قاطعاً الكلام حول ما يدعيه البعض من حصول الفاحشة ؛ معتبراً أن إجماع علماء المسلمين الشيعة قائم على تنزيه نساء الأنبياء عن الفاحشة .

كما اعتبر انه لا يوجد بين علماء الدين الشيعة نهائياً من ينسب ذلك للسيدة عائشة ، و أن كل من تحدث بالأمر هم غير العلماء ، بل من العوام – على حد تعبيره – ، و هذا ينم عن جهل القائل بما عليه علماء الشيعة .

( زواج عمر من أم كلثوم )

ثم تطرقنا لموضوع زواج عمر بن الخطاب بأم كلثوم ؛ فأثبت ذلك ، وفقاً لما هو وارد في كتب الشيعة ، و قد أكد هذه الحادثة التاريخية ، و أسهب في شرحها ، مستعرضاً وقائعها و ما رافقها ، و ناقش الأقوال في المسألة ؛ معتبراً صحة الرواية القائلة بحصول عقد الزواج و في نفس الوقت نفى أن يكون عمر قد دخل بها ، و أن ذلك لم يثبت بالدليل ، حيث إن أم كلثوم كانت صغيرة ، و هي أصغر بنات السيدة الزهراء … و أن وفاة عمر حصلت قبل تمكنه من المعاشرة .

( الإسرائيليات في الإسلام )

و الأمر الأهم الذي أثاره هو قضية تصنيفه لكتاب حول الإسرائيليات في الإسلام ، في مجال الفقه و العقيدة و التاريخ …، و كان أنجز منه مجلدين ، و لكن عقب تأليفه تردد في نشره ، نتيجة أنه لم يحب أن يأتي مستشرق يوماً ما و يقول : السنة يقولون أن الشيعة مذهب موضوع و غير صحيح ، و هم أتباع عبد الله بن سبأ … ، و هذا أحد علماء الشيعة يقول الأمر نفسه عن المذهب السني ؛ و تاليا يكون الشيعة و السنة قد ضعضعا الواقع الإسلامي بالصميم.!!

تحدث أية الله مرتضى حول ذلك بحرص على صورة المجتمع الإسلامي ..علماً بأن هذا الكتاب تلف خلال حرب 2006 ، و لم يبق شيء من كتب السيد جعفر .. ، و عندما سألته : هل تشعر  بالندم لعدم طباعة الكتاب الآن  ؟ فأجاب : لا .

( في معمعة تكريمه )

لقد رغبت في ذكر هذه الشذرات من هذا اللقاء السريع مع السيد جعفر مرتضى أعزه الله ردا على ما أثير عقب إعلان ( جامعة المصطفى العالمية ) عن حفل لتكريم السيد ، حيث برزت انتقادات من بعض مؤيدي أية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله على ذلك  ، معتبرين السيد مرتضى رجل فتنة …!!!

و على الرغم من كوني لست من مؤيدي فكر السيد جعفر مرتضى ، و علما أنني لست على علاقة جيدة معه ، و لكن تصويبا للأمور فقد أردت وضع الأمور في نصابها .

تكريم السيد مرتضى

فإن التباين في الآراء بين المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله ( قدس سره ) و المحقق السيد جعفر مرتضى ( دام ظله ) ينبغي أن يبقى في إطاره العلمي ، و هذا ما كان يطالب به السيد فضل الله ( قدس سره ) ، الذي كان يحرص على أن لا تخرج الأمور عن إطارها ، و أن لا تأخذ أبعادا ليست لها ، و أن لا تنتقل إلى صفوف غير أهل العلم .

( المشكلة ؛ التكريم ؟! )

هل المشكلة في تنظيم تكريم للسيد جعفر مرتضى ؛ و هل في ذلك إساءة للسيد محمد حسين فضل الله ؟!

لا شك بأن علماء الشيعة اللبنانيين يعانون من عدم إعطائهم مكانتهم الطبيعية ، و حتى أن السيد فضل الله ( قدس سره ) قد ظلم كثيراً نتيجة المشروع الذي سعى لتهميشه و القضاء عليه .

و نحن في زمن أخذ وجود العلماء الكبار فيه يتضاءل ، و المفروض حالياً الاهتمام بما تبقى لدينا من علماء أجلاء  و الإضاءة عليهم ، و هم قلة .

و للتاريخ ، و إنصافا لجامعة المصطفى العالمية ،فإنها بادرت في السنوات الماضية لتكريم : أية الله الحجة الشيخ حسن طراد ، و العلامة المؤرخ السيد عبد الله شرف الدين ( نجل الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين ) ؛ و المأمول استكمال مشروعها المبارك ، الذي كان من المفترض أن تقوم به جهات لبنانية !

و قد كان الأجدى بمن يحاول عرقلة هذا التكريم أن يسعى لإبراز نواياه الحسنة ، و التعاطي بإيجابية مع أي محاولة للإضاءة على دور علمائنا و نشاطهم و جهادهم .

و أما بالنسبة لمؤيدي السيد فضل الله ( قدس سره ) فالأجدى بهم التحلي بالأخلاق الحميدة التي كان يتحلى بها السيد ، و بالقلب الكبير للسيد الذي كان يسع كل أخصامه و منتقديه .

إقرأ أيضًا: السيد جعفر محمد حسين فضل الله يردّ على إساءة جامعة المصطفى لذكرى والده‎

و لا زلت أذكر كلماته الطيبة التي حملني إياها لبعض الذين لم تكن علاقته إيجابية معهم .. و كيف أنه كان يرفض أن يكون له أخصام !

( ملاحظة ؛ أبعد من لقب ! )

و بالنسبة لي هناك مشكلة حقيقية في دعوة ( جامعة المصطفى العالمية ) ، تكمن في الخطأ المتعمد الذي يصدر للمرة الثانية ، حيث يسلب المكرمين – بفتح الميم الثانية – اللقب الذي يليق بهما ..!!!

و أما المكرم – بكسر الراء – الشيخ أعرافي فقد وضع له لقب ( أية الله ) في حين لم يوضع هذا اللقب سابقاً لأية الله الحجة الشيخ حسن طراد ، و لم يوضع اليوم أيضاً لأية الله المحقق السيد جعفر مرتضى .

و ليس من أدنى شك بأن الحوزة العلمية اللبنانية فيها عدد من العلماء المجتهدين الذين يستحقون هذا اللقب ، و لكن هناك ( إرادة و تخطيط ) كي لا يطلق اللقب على أي من علماء لبنان .

و لكن إذا ذهبنا للحوزة القمية فنرى استسهال إطلاق لقب ( أية الله ) على معمميها ، و في كثير من الأحيان لا نرى بعض من تعارف على إطلاق لقب ( أية الله )  عليهم في إيران هم أكثر علما من علمائنا في لبنان .

إقرأ أيضًا: لماذا تكرّم جامعة المصطفى من حارب محمد حسين فضل الله؟

و ليس من يستحق هذا اللقب بجدارة  المجتهد الكبير الشيخ حسن طراد  أو المحقق السيد جعفر مرتضى فحسب في لبنان ؛ بل هناك كثيرين من العلماء و الفضلاء ، و منهم : السيد محمد علي الأمين ، الشيخ حسن عواد ، الشيخ علي ضيا ، السيد محمد حسن الأمين ، الشيخ علي العفي ، الشيخ محمود قانصو ، الشيخ خليل شقير ، الشيخ محسن عطوي ، الشيخ يوسف حسين  سبيتي ، الشيخ محمد جعفر شمس الدين ، الشيخ ياسر عودة ، الشيخ حسن عبد الساتر ، الشيخ حسين الخشن …

و لا أتوقع أن ( الشيخ الأعرافي ) أو كثير من أمثاله في إيران ،  ممن يطلق عليهم هذا اللقب هم أكثر كفاءة من العلماء اللبنانيين الآنفة أسماؤهم.

أخيراً :
رحم الله المرجع الديني الكبير السيد محمد حسين فضل الله ، و أطال الله بعمر أية الله السيد جعفر مرتضى ، و وفق الله كل علمائنا الأعلام للقيام بواجباتهم على أكمل وجه ، لا سيما في هذه الظروف الحساسة من تاريخ أمتنا بل و البشرية جمعاء .

السابق
القوات اللبنانية: لإطلاق عجلة الانتخابات في كافة الكليات والفروع
التالي
سليمان: حزب الله انقسم على نفسه في عدد من القرى