شاءت الصدفة أن أزوره في 13 آذار الماضي في منزله في الضاحية الجنوبية لبيروت مع بعض أهل العلم ، دون موعد مسبق ، بزيارة عفوية اقتصرت على البحث بجملة قضايا علمية ، و كان هدفي الحصول على ترجمته لإدراجها في كتابي المخطوط ( مستدرك أمل الآمل في علماء جبل عامل ) .
( السيدة عائشة )
عقب سؤاله عن رأيه فيما ينسبه البعض للسيدة عائشة فقد رفض رفضا قاطعاً الكلام حول ما يدعيه البعض من حصول الفاحشة ؛ معتبراً أن إجماع علماء المسلمين الشيعة قائم على تنزيه نساء الأنبياء عن الفاحشة .
كما اعتبر انه لا يوجد بين علماء الدين الشيعة نهائياً من ينسب ذلك للسيدة عائشة ، و أن كل من تحدث بالأمر هم غير العلماء ، بل من العوام – على حد تعبيره – ، و هذا ينم عن جهل القائل بما عليه علماء الشيعة .
( زواج عمر من أم كلثوم )
ثم تطرقنا لموضوع زواج عمر بن الخطاب بأم كلثوم ؛ فأثبت ذلك ، وفقاً لما هو وارد في كتب الشيعة ، و قد أكد هذه الحادثة التاريخية ، و أسهب في شرحها ، مستعرضاً وقائعها و ما رافقها ، و ناقش الأقوال في المسألة ؛ معتبراً صحة الرواية القائلة بحصول عقد الزواج و في نفس الوقت نفى أن يكون عمر قد دخل بها ، و أن ذلك لم يثبت بالدليل ، حيث إن أم كلثوم كانت صغيرة ، و هي أصغر بنات السيدة الزهراء … و أن وفاة عمر حصلت قبل تمكنه من المعاشرة .
( الإسرائيليات في الإسلام )
و الأمر الأهم الذي أثاره هو قضية تصنيفه لكتاب حول الإسرائيليات في الإسلام ، في مجال الفقه و العقيدة و التاريخ …، و كان أنجز منه مجلدين ، و لكن عقب تأليفه تردد في نشره ، نتيجة أنه لم يحب أن يأتي مستشرق يوماً ما و يقول : السنة يقولون أن الشيعة مذهب موضوع و غير صحيح ، و هم أتباع عبد الله بن سبأ … ، و هذا أحد علماء الشيعة يقول الأمر نفسه عن المذهب السني ؛ و تاليا يكون الشيعة و السنة قد ضعضعا الواقع الإسلامي بالصميم.!!
تحدث أية الله مرتضى حول ذلك بحرص على صورة المجتمع الإسلامي ..علماً بأن هذا الكتاب تلف خلال حرب 2006 ، و لم يبق شيء من كتب السيد جعفر .. ، و عندما سألته : هل تشعر بالندم لعدم طباعة الكتاب الآن ؟ فأجاب : لا .
( في معمعة تكريمه )
لقد رغبت في ذكر هذه الشذرات من هذا اللقاء السريع مع السيد جعفر مرتضى أعزه الله ردا على ما أثير عقب إعلان ( جامعة المصطفى العالمية ) عن حفل لتكريم السيد ، حيث برزت انتقادات من بعض مؤيدي أية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله على ذلك ، معتبرين السيد مرتضى رجل فتنة …!!!
و على الرغم من كوني لست من مؤيدي فكر السيد جعفر مرتضى ، و علما أنني لست على علاقة جيدة معه ، و لكن تصويبا للأمور فقد أردت وضع الأمور في نصابها .
فإن التباين في الآراء بين المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله ( قدس سره ) و المحقق السيد جعفر مرتضى ( دام ظله ) ينبغي أن يبقى في إطاره العلمي ، و هذا ما كان يطالب به السيد فضل الله ( قدس سره ) ، الذي كان يحرص على أن لا تخرج الأمور عن إطارها ، و أن لا تأخذ أبعادا ليست لها ، و أن لا تنتقل إلى صفوف غير أهل العلم .
( المشكلة ؛ التكريم ؟! )
هل المشكلة في تنظيم تكريم للسيد جعفر مرتضى ؛ و هل في ذلك إساءة للسيد محمد حسين فضل الله ؟!
لا شك بأن علماء الشيعة اللبنانيين يعانون من عدم إعطائهم مكانتهم الطبيعية ، و حتى أن السيد فضل الله ( قدس سره ) قد ظلم كثيراً نتيجة المشروع الذي سعى لتهميشه و القضاء عليه .
و نحن في زمن أخذ وجود العلماء الكبار فيه يتضاءل ، و المفروض حالياً الاهتمام بما تبقى لدينا من علماء أجلاء و الإضاءة عليهم ، و هم قلة .
و للتاريخ ، و إنصافا لجامعة المصطفى العالمية ،فإنها بادرت في السنوات الماضية لتكريم : أية الله الحجة الشيخ حسن طراد ، و العلامة المؤرخ السيد عبد الله شرف الدين ( نجل الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين ) ؛ و المأمول استكمال مشروعها المبارك ، الذي كان من المفترض أن تقوم به جهات لبنانية !
و قد كان الأجدى بمن يحاول عرقلة هذا التكريم أن يسعى لإبراز نواياه الحسنة ، و التعاطي بإيجابية مع أي محاولة للإضاءة على دور علمائنا و نشاطهم و جهادهم .
و أما بالنسبة لمؤيدي السيد فضل الله ( قدس سره ) فالأجدى بهم التحلي بالأخلاق الحميدة التي كان يتحلى بها السيد ، و بالقلب الكبير للسيد الذي كان يسع كل أخصامه و منتقديه .
إقرأ أيضًا: السيد جعفر محمد حسين فضل الله يردّ على إساءة جامعة المصطفى لذكرى والده
و لا زلت أذكر كلماته الطيبة التي حملني إياها لبعض الذين لم تكن علاقته إيجابية معهم .. و كيف أنه كان يرفض أن يكون له أخصام !
( ملاحظة ؛ أبعد من لقب ! )
و بالنسبة لي هناك مشكلة حقيقية في دعوة ( جامعة المصطفى العالمية ) ، تكمن في الخطأ المتعمد الذي يصدر للمرة الثانية ، حيث يسلب المكرمين – بفتح الميم الثانية – اللقب الذي يليق بهما ..!!!
و أما المكرم – بكسر الراء – الشيخ أعرافي فقد وضع له لقب ( أية الله ) في حين لم يوضع هذا اللقب سابقاً لأية الله الحجة الشيخ حسن طراد ، و لم يوضع اليوم أيضاً لأية الله المحقق السيد جعفر مرتضى .
و ليس من أدنى شك بأن الحوزة العلمية اللبنانية فيها عدد من العلماء المجتهدين الذين يستحقون هذا اللقب ، و لكن هناك ( إرادة و تخطيط ) كي لا يطلق اللقب على أي من علماء لبنان .
و لكن إذا ذهبنا للحوزة القمية فنرى استسهال إطلاق لقب ( أية الله ) على معمميها ، و في كثير من الأحيان لا نرى بعض من تعارف على إطلاق لقب ( أية الله ) عليهم في إيران هم أكثر علما من علمائنا في لبنان .
إقرأ أيضًا: لماذا تكرّم جامعة المصطفى من حارب محمد حسين فضل الله؟
و ليس من يستحق هذا اللقب بجدارة المجتهد الكبير الشيخ حسن طراد أو المحقق السيد جعفر مرتضى فحسب في لبنان ؛ بل هناك كثيرين من العلماء و الفضلاء ، و منهم : السيد محمد علي الأمين ، الشيخ حسن عواد ، الشيخ علي ضيا ، السيد محمد حسن الأمين ، الشيخ علي العفي ، الشيخ محمود قانصو ، الشيخ خليل شقير ، الشيخ محسن عطوي ، الشيخ يوسف حسين سبيتي ، الشيخ محمد جعفر شمس الدين ، الشيخ ياسر عودة ، الشيخ حسن عبد الساتر ، الشيخ حسين الخشن …
و لا أتوقع أن ( الشيخ الأعرافي ) أو كثير من أمثاله في إيران ، ممن يطلق عليهم هذا اللقب هم أكثر كفاءة من العلماء اللبنانيين الآنفة أسماؤهم.
أخيراً :
رحم الله المرجع الديني الكبير السيد محمد حسين فضل الله ، و أطال الله بعمر أية الله السيد جعفر مرتضى ، و وفق الله كل علمائنا الأعلام للقيام بواجباتهم على أكمل وجه ، لا سيما في هذه الظروف الحساسة من تاريخ أمتنا بل و البشرية جمعاء .