عندما يفقد الاسلاميون زمام المبادرة والابداع !؟

قاسم قصير

من يراقب اداء القوى والحركات الاسلامية في العالم العربي والاسلامي يلحظ بوضوح افتقاد هذه الحركات في هذه المرحلة لزمام المبادرة ولروح الابداع ان على صعيد العمل السياسي او الفكري او الشأن العام.

فالاسلاميون الذين حملوا مشاريع التغيير والامل لابناء الامة انخرطوا في الحروب الاهلية والصراعات على السلطة في العديد من الدول العربية والاسلامية ولم يعد لديهم ما يقدمونه من افكار جديدة او نماذج ابداعية لمواجهة الازمات التي تتعرض لها هذه الدول.

ومن المؤسف اكثر ان بعض القوى والحركات والشخصيات الاسلامية في بعض الدول اصبحت جزءا من منظومة الفساد في هذه الدول وجعلت الناس تفقد الامل بالاسلاميين وحتى احيانا بالدين مما ادى لانتشار حالات من الالحاد او الدعوة لابعاد الدين عن كل ما له علاقة بالشأن العام، ووصل الامر في بعض الدول مثل العراق ان تعلن المرجعية الدينية العليا ابتعادها عن كل ما له علاقة بالشأن السياسي وعمليات الاصلاح لانها وصلت الى مستوى من اليأس من القوى والحركات السياسية في هذا البلد وخصوصا القوى والحركات الاسلامية.

وفي دول اخرى انخرطت القوى والحركات الاسلامية في صراعات المحاور والاحلاف الاقليمية والدولية واصبحت جزءا من الصراعات الداخلية ولكل تنظيم اسلامي او حركة اسلامية المبررات والاسباب التي تجعلها منخرطة في هذه الصراعات دون ان تستطيع ان تلعب اي دور جدي في وقف هذه الحروب والصراعات وتركت الخيار للقوى الاقليمية والدولية كي تقرر مستقبل المنطقة والانظمة العربية والاسلامية.

وعلى المستوى الفكري لم يعد لدى الاسلاميين ما يقدمونه من افكار جديدة او اصدارات ابداعية وبدأنا نفقد يوما بعد يوم كبار العلماء والفقهاء والمفكرين الذين حاولوا التجديد في الفكر او الفقه الاسلامي واخرهم الدكتور حسن الترابي والدكتور طه جابر العلواني ومن سبقهم من المفكرين والعلماء، دون ان يأتي من يسد هذه الثغرة على المستوى الفكري والفقهي فيما تحولت الشخصيات الاسلامية او القيادات الاسلامية الحركية الى العمل السياسي اليومي وانخرطت في اتون الصراعات السياسية والمذهبية ومن اجل الوصول الى السلطة.

وفي الشأن العام وعلى المستوى الدولي لا نلحظ وجود مساهمات حقيقية لدى الاسلاميين لمواجهات الازمات الكبرى التي يعاني منها العالم كازمة البيئة او ازمة الفقر او انتشار الامراض والازمات ، فيما نلاحظ ان هناك عدد من كبار ساسة العالم او الفنانين او المبدعين الذين يحوّلون جهودهم من اجل مواجهة هذه الازمات او تقديم مشاريع عمل للتخفيف من اجواء الحروب والصراعات.

وحتى على صعيد ظاهرة “الدعاة الجدد” والتي برزت في مرحلة معينة والتي قام فيها بعض الدعاة بمبادرات جديدة على صعيد اسلوب الدعوة او كيفية اشراك الشباب في الشأن العام، فقد تراجع دور هؤلاء الدعاة وتحول بعضهم الى رجال اعمال او باحثين عن المال والشهرة ولم يعودوا يقدمون اي جديد على الصعيد الفكري او الدعوي او معالجة هموم الامة.

إقرأ أيضًا: إلى حزب الله: خصومك فرِحون بقتالكَ في سورية.. وبيئتَكَ هي التي تتألّم

طبعا لا تعني هذه الصورة السلبية غياب بعض المبادرات او عدم وجود شخصيات سياسية او فكرية اسلامية او حركات اسلامية تحاول ان تقدم مساهمة عملية او فكرية او سياسية لمعالجة هموم الامة او التخفيف من الصراعات والازمات، وهناك امثلة ايجابية عديدة في هذا الاطار، لكن للاسف الصور الاكثر انتشارا اليوم هي الصور السلبية عن الاسلام والمسلمين والحركات والشخصيات الاسلامية، وكل ذلك يتطلب مراجعات حقيقية لدى هذه الحركات والقيادات في كيفية الخروج من المأزق الحالي، فنحن بحاجة الى فكر وفقه جديد يستطيع ان يقدم اجوبة عملية وصريحة وواضحة على الازمات القائمة ، كما اننا نحتاج الى مبادرات وافكار تغييرية لانقاذ الاسلام والدين من حالة التلوث التي يتعرض لها اليوم على المستوى العالمي بسبب سوء الاداء من قبل من يدّعون التحدث باسم الاسلام.

المرحلة تتطلب خطة طواريء واعادة قراءة الاوضاع بروح جديدة ورؤية جديدة عسى ان نكتشف ضوءا في نهاية النفق الذي نمر بها اليوم.

مصدر:  موقع عربي 21

السابق
انتخابات بلدية أم صفقات سياسية؟!
التالي
بالصور: برسم قوى الأمن الداخلي.. تجارة السلاح علنية‏