ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي: عملاء، موساد، منافقون..

لم يعد من خطرٍ على الدولة اللبنانية إلاّ مواقع التواصل الاجتماعي، فكل الملفات قد حلّت والدولة عادت لسيادتها، حزب الله اعتذر عن الحرب السورية وعن البراميل التي غطّاها، والحريري تعهّد بالوطنية البحتة..

كل شيءٍ قد خضع لتسوية لبنانية – لبنانية، لا إيران ولا خليج، لبنان مستقل، كل قضايا الفساد قد أصبحت في المحاكم، والمحكمة العسكرية عدّلت قوانينها وتمّت محاسبتها ومحاسبة القضاة على الأحكام المخففة بحق العملاء.

لبنان بألف خير، أمن، انضباط، وسلام. مشكلة النفايات انتهت والمطامر حوّلناها لحدائق، فعلّنا المرافئ العامة، وأعدنا المهاجرين ولدينا من فرص العمل ما يكفي ويزيد، وخطّة الفقر قد أثبتت فعاليتها ولم يعد في هذه الدولة لا متشرد ولا متسرب ولا متسول.

إقرأ أيضًا: من القمح الى الاتصالات الى الدعارة: المافيات اللبنانية تفضح بعضها!

ولكن مع هذه النقلة النوعية التي حققها لبنان، لا تزال هناك مشكلة جذرية يجب التعامل معها بحزم ألا وهي “حرية الرأي والتعبير”، وشعب السوشيال ميديا الذي لا كبير له..
فئة “مواقع التواصل الاجتماعي”، المغضوب عليها من الطرفين اللبنانيين، أثبتت أنّ لا شيء يوّحد السلطة إلا محاربة رموزها بالفساد وبالملفات، هذه المواقع بناشطيها استطاعت أن تجمع حولها النقيضين إذ لم يمرّ كثير من الوقت على اتهام السيد حسن نصرالله لهؤلاء على أنّهم يتحركون بإشارة من الموساد والعملاء، حتى فاجأنا وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق يوم أمس بالتنويه بملاحقتهم قانونيًا، إذ أصدر بيانًا بمثابة الإخبار يضع به حملات التشهير والتحقير والتجريح الشخصي عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الخانة الجرمية.

بيان وزير الداخلية جاء معممًا، ممّا وضعه على مشرحة مواقع التواصل الاجتماعي، وبين فكي كمّاشة الناشطين، فالحرية لا تتقاطع طبعًا والتحقير والتجريح وهذا ما نرفضه جميعًا جملة وتفصيلًا، ولكن هذا لا يبرر أخذ نماذج محدودة اعتدت على مفهوم الحرية الحقيقي، واعتمادها ذريعة لاتخاذ قرار حاسم يستهدف مساحة الفيسبوكيين والتويتريين في الانتقاد.

الناشط والدكتور فوزي فري
الناشط والدكتور فوزي فري

وفي استطلاع قام به موقع جنوبية لرصد ردود الفعل على قرار وزير الداخلية نهاد المشنوق، صرّح لنا الدكتور فوزي فرّي وهو من الناشطين على هذه المواقع أنّه يعتقد “أنّ أيّ شخص يتبوأ منصب في الشأن العام هو بالتالي معرض للإنتقاد كونه يقوم بإدارة شؤون الناس والبلد”.

وأضاف أنّ “الحريص على عدم انتقاد الناس له عليه القيام بواجبه بشفافية ووضوح وضمن القانون بعيدًا عن الانتقائية والأسباب الموجبة لانتقاده”
وشدد الدكتور فوزي أنّ “من يعتقد أنّه قادر على تغيير وجهة البلد وثقافة حرية الرأي والتعبير يُناقض الدستور اللبناني ولا يستحق أن يكون في منصبه في دولة تحترم قوانينها.”
وتمنى الدكتور على الوزير المنشوق بدل التهديد أن يكتفيَ بتصويب أدائه والعمل على تصحيح المسار مما يبعد الانتقادات عنه وعن فريق عمله.”

مدير موقع بيروت برس حسين طليس
مدير موقع بيروت برس حسين طليس

أما مدير موقع بيروت برس حسين طليس فقد اعتبر أنّه “بهذا القرار تدخل وزارة الداخلية آخر الحلقات من مسلسل كم الأفواه وترهيب أصحاب الرأي، بعد مسار طويل من المراكمة بدا من مكاتب مكافحة الجرائم المعلوماتية الذي لم نر له دور إلا بمحاسبة النشطاء وأصحاب الرأي”
وتابع حسين أنّه “من الطبيعي أن تصل الأمور إلى هذا الحد، فوسائل التواصل الإجتماعي مثّلت معضلة للجهات السياسية والأمنية في البلد، حيث باتت صوتًا مسموعاً لا يمان عليه كما هو حال الوسائل الإعلامية، ومسؤولاً رئيسياً عن تشكيل الرأي العام في لبنان.”
وأضاف “كنا قد سمعنا سابقاً عن وجود نية لما سموه “ضبط مواقع التواصل الإجتماعي”، اتخذت فيه وزارة الداخلية دور رأس الحربة، خاصة بعد الحراك المدني وما نتج عنه من رأي عام قادر على قول الأمور كما هي، يبدو أن قرار “الضبط” الذي تعهدوا به قد بدأ يبصر النور من خلال هذا القرار وما سبقه من استدعاءات واسعة لنشطاء من مختلف التوجهات الى مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية.”
وأكد حسين “أنه من الأولى لوزارة الداخلية ومن خلفها، السعي لإقرار قانون مختص بالإعلام الإلكتروني والجرائم المعلوماتية قبل أن يطلقوا المحاسبة.”

مدير موقع نافذة لبنان فجر ياسين
مدير موقع نافذة لبنان فجر ياسين

في حين أشار الناشط فجر ياسين مدير موقع نافذة لبنان أنّنا “عندما ننتقد مسؤول بالدولة فهذا لا يعني أنّنا ننتقده لشخصه وإنّما ننتقد أعماله وتصرفاته وكما نعلم أنّ الوزير باسيل هوجم عندما كان وزير للطاقة واليوم يتم الهجوم على الوزير ناظريان لأنه لم يقدم شيئًا”

مضيفًا أنّه بالنسبة للوزير المشنوق ” لو كان يؤدي عمله بالشكل الصحيح لكنا شكرناه ولكن تصرفات وزارة الداخلية تحت عنوان (ناس بسمنة وناس بزيت) هي التي فتحت مجالًا للإنتقاد”، مشددًّا أنّه “عليه أن يتحمل الإنتقاد حتى يصحح عمله”
ومنوّهًا أنّ الناس بالمطلق ليس همّها الانتقاد بدليل انّهم قد شكروا كل من مروان شربل و زياد بارود على ما قدّموه من خدمات.

إقرأ أيضًا: عندما يحكم الأزعر… الدفاع المدني يهجّر!
ملخص الأمر، مواقع التواصل الاجتماعي لا سقف لها، والحرية للناشطين “أولًا .. وثانيًا.. وأخيرًا”، فإن صحّ القرار سيتحوّل لبنان إلى سجن كبير، فكلنا ناشطون وكلنا أحرار.. وكلنا سننتقد

السابق
هكذا علّق «حزب الله» على قرار نايل سايت وقف بث قناة «المنار»
التالي
حزب الله لن ينقذ ملعب الراية… واحتفالاته باتت ذكريات‏