مثال المناضل المثقف الذي تحمّل مسؤوليات في الدولة { في السلك العسكري الرسمي اللبناني} ، ثم في حركة أمل ، دون أن يتلوث بما اعتاد عليه أقرانه الذين انخرطوا في ميليشيات و تنظيمات خلال الحرب الأهلية اللبنانية ، و هو المؤمن بطائفته دون أن يكون طائفياً ، و بقي طوال حياته صاحب نفس إنساني .
عاكف حيدر ، العقيد و المهندس و صاحب الأخلاق الرفيعة ، و من الذين تعاونوا مع المغفور له الإمام السيد موسى الصدر منذ البدايات ، و في أحلك الظروف و أعقدها .
إقرأ أيضًا: حزب الله وحركة أمل: «مجموعين لأ»
و هو سليل أسرة عريقة ، عرفت بالعديد من الخصال الحميدة ، و كان لها موقع الصدارة على المستوى السياسي في فترات ماضية .
كم كنتُ أفرح باللقاء معه ، حيث كانت لقاءاته غنية بالأفكار و الطروحات و أخبار الماضي القريب … ثم انقطعنا عن التواصل ( من قرابة العشرين عاماً ) إلى أن صادفتُه ذات سنة في بيروت ( شارع الحمرا ) فنزل من سيارته و تناولنا عدّة مواضيع بشكل سريع وقوفاً… لكن ما زلتُ أذكر جوابه ممازحاً عن سؤال حول انقطاعه عن الساحة : ( كنتُ أُخطط للهجوم في 11 أيلول في النيويورك ) و كان ذلك بُعيد أحداث أيلول.
أتذكره و هو يحدّثني عن مصير الإمام الصدر … الذي يحمّله للثالوث : النظام الإيراني السابق و الفلسطينيين بالتعاون مع معمر القذافي الذي حصلت المؤامرة على أرض بلاده !!
أتذكر عاكف حيدر يسهب في الكلام حول إسقاطه – و ليس سقوطه – في انتخابات 1992 … و لا زلت أحتفظ بكتابه الذي أهداني إياه ( الأشياء بأسمائها ) و الذي يُعبر عن شخصيته تماماً .
إقرأ أيضًا: حرب باردة بين حركة أمل وحزب الله
عاكف : نم قرير العين فإنه من نِعم الله عليكَ أنك لم تنجح في الانتخابات النيابية ، فلا المجلس (الذي استُولد سورياً بعد الطائف ) مكانك ! و لا هذه الزمرة تليق بك !
عاكف : نحن في عصر النفايات و اللصوص … الذين يسيطرون على المواقع الرسمية .
عاكف : لا يشرفك أن تكون و لو شاهداً في سلطة تفوح منها رائحة الفساد المالي و في الغذاء والدواء و في قواها الأمنية … و التي تَتَكشف يوماً بعد آخر .
رحلتَ شريفاً نظيفاً .. و هذا عهدنا بك.
(مدير حوزة الإمام السجاد العلمية)
