لا حل دون الأسد.. ولا تسوية بوجوده

هل بدأ الرئيس بشار الأسد يحضر حقائب خروجه من سورية؟

الجواب يجد له صدى في المباحثات الأميركية الروسية حول سورية. فبعدما نجح الطرفان في إعادة إطلاق عجلة المفاوضات بين ممثلي النظام السوري والمعارضة في جنيف، ومع نجاحهما في تثبيت الهدنة بين الطرفين، بدأ الحديث عن مستقبل المفاوضات السورية، وكيفية رسم المرحلة الانتقالية بحكومة وحدة وطنية مع بقاء الرئيس الأسد، أو حكومة انتقالية كاملة الصلاحية تمهد لخروج الاسد والانتقال إلى مرحلة صوغ دستور جديد وحسم الخيار الذي سيجعل من سورية دولة فيدرالية أو موحدة أو غيرها من خيارات متداولة اليوم.

إقرأ أيضًا: حزب الله.. حلف أميركا وروسيا.. حلفاء إسرائيل

بحسب مصادر غربية متابعة عن قرب لملف الأزمة السورية، فإنّ شخص الرئيس الأسد لم يزل هو الإشكالية التي تمنع حتى الآن الدخول في مراحل التسوية السياسية العملية.

بداية تشير هذه المصادر إلى أنّ أيّ حل للأزمة في سورية يمكن أن يطويَ صفحة المواجهات العسكرية ويؤسس لإعادة إعمار سورية يتطلب بالضرورة وجوها تتمتع بثقة السوريين ولديها القابلية لإجتذاب الدعم الدولي والإقليمي لإعمار سورية. الدخول في الحل يتطلب انكفاء الأسد أو خروجه، وبقاء الأسد هو المؤشر على أنّ مرحلة الحل لم تبدأ.
وفي هذا السياق تلفت المصادر إلى أنّ تمسك إيران وحزب الله ببقاء الأسد يشكّل عائقًا أساسيًا. فروسيا التي حققت مكاسب سياسية في سورية من خلال تدخلها العسكري الجوي، زادت من نفوذها حين أعلنت وقف العمليات الجوية، تلك التي استهدفت مناطق المعارضة المعتدلة، بحيث أتاح لها ذلك قبولاً نسبيًا من قوى المعارضة ورعاتها الإقليميين. لاسيما أنّ توقيت وقف العمليات الجوية هذه جاء في توقيت غير ملائم للنظام وحلفائه الذين بدا أنّهم ملحقين بالموقف الروسي والتزموا بقرار الهدنة من دون أن تكون إيران أو الاسد شركاء في إصدار هذا القرار، الذي جاء بإعلان أميركي -روسي وبغطاء دولي عبر مجلس الأمن.

الموقف الروسي اكتسب قوته أيضًا من انقياد القوات الإيرانية وميليشياتها لقراراته، وتنفيذهم مع الجيش السوري العمليات البرية التي أتاحت تقدمها وتراجع المعارضة. روسيا وجهت أكثر من رسالة سياسية ودبلوماسية للأسد مفادها أنّها تريد تسوية سياسية، لكنها في المقابل تدرك أنّ تقدم روسيا في المعادلة السورية استند إلى القوة الإيرانية. لذا فإنّ روسيا تتفهم هذه الحقيقة وتتعامل معها بدقة لا تذهب إلى حدّ المغامرة بتحالفاتها. على أنّ الإشارات الروسية المتزايدة أخيرًا عن عدم تمسكها بالأسد، لاسيما خلال اللقاءات الأخيرة التي جمعت قادة مخابرات روسيا وأميركا أو وزيري خارجية البلدين قبل أيام في موسكو، تسرّب منها بحثهم في احتمالاً لخروج الأسد من المعادلة السورية وانتقاله إلى بلد ثالث.

بشار الأسد

في المعلومات أنّ هذه الإشارات أثارت انزعاجًا إيرانيًا،ليس بسبب موقف روسيا، بل لأسباب تتصل بتفاهمات أميركية – إيرانية سابقة على التعاون الروسي – الإيراني في سورية. فحوى هذه التفاهمات، بحسب المصادر الدبلوماسية الغربية، أنّ ايقاع التعاون الأميركي – الأيراني في العراق يسير بشكل متوازٍ مع مسار التعاون في سورية. فإيران تريد ضمان مصالحها في سورية، مقابل التعاون مع واشنطن في العراق. والإشارات الأميركية – الروسية تجاه الأسد دفعت إيران إلى استنفار حلفائها في العراق، ووجّهت من خلالهم رسائل إلى واشنطن، بأنّها يمكن أن تطيح بالحكومة العراقية الحالية ورئيسها حيدر العبادي وتبني صيغة جديدة لحكومة عراقية أكثر ولاء لإيران ويرأسها أحد أدوات إيران المباشرة. مع الإشارة إلى أنّ حكومة العبادي كانت حصيلة تقاطع أميركي إيراني غداة تمدد تنظيم داعش في الموصل وسيطرته على أكثر من نصف الأراضي العراقية.

أزمة إيران السورية تكمن في أنّ رصيدها العسكري والسياسي والإجتماعي معلق بالدرجة الأولى في شخص الرئيس الأسد. وفيما تراقب إيران بقلق التقاطعات الروسية مع السعودية ودول الخليج، تدرك أنّ هذه التقاطعات تتم على حساب نفوذها السوري. ولما كانت إيران حصرت استثماراتها السورية بشخص الأسد، وكسبت عداء واسع من البيئة السنية في هذا البلد، ولم تنجح في اجتذاب ثقة العلويين، فإنّ الضمانة الوحيدة لديها لتعويض خسائرها ستبقى في شخص الأسد وفي ميليشياتها المتواجدة على الأرض السورية. فإيران تريد تعويض فقدانها البيئة الإجتماعية الحاضنة لدورها في سورية، بمزيد من فرض شروطها على الطرفين الروسي والأميركي، ومقايضتهما سواء في الملف العراقي مع الأميركيين، أو في أوراق عسكرية ميدانية يحتاجها الروس.

إقرأ أيضًا: الاسد راحل الى الأبد

الأوساط الدبلوماسية الغربية تعتبر أنّه من المفيد للسوريين عدم البدء بالأسد، بل بدء الحوار والتفاهم من نقاط أسهل. فالأسد عنوان الأزمة لكن الدخول في الحل يتطلب وجوده، مع إدراك الجميع أنّ بقاءه على رأس السلطة لا يمكن أن يستمر إلاّ في حالة واحدة هي استمرار الحرب، وأيّ تسوية سورية تعني خروجه من السلطة.

السابق
من هو معراج أورال، وما هي مهمته في سورية؟
التالي
فضيحة الإنترنت تطال 8 آذار…فهل سيتستر عليها حزب الله؟‏