حزب الله.. حلف أميركا وروسيا.. حلفاء إسرائيل

يكابر حزب الله في البقاء على الأراضي السورية، وفي القتال دفاعًا عن الرئيس بشار الأسد، وفي إلقاء التوصيفات المقدسة على حرب تدمر (سورية). ويحصد نتائجها الكبار: الجهاد المقدس، وحماية المقاومة، ولن تسبى زينب مرتين...

شعارات لم تزل ترفع حين يتمّ تشييع ضحايا هذه الحرب إلى بلداتهم وقراهم. لكنّها ليست حاضرة في حسابات الرئيسين الأميركي والروسي، فيما يناقشان سبل إدارة الحرب أو وقفها. الجميع تحت مظلّة أميركا أو روسيا، بإستثناء الارهاب، على حدّ زعم الرجلين. خلاصة آلاف الضحايا والخسائر المادية والبشرية، في أحسن الأحوال بالنسبة لحزب الله، بقاء الرئيس الأسد في السلطة، وليس حتى كفّ يد أميركا التي يستجديها الأسد عبر مندوبه في الأمم المتحدة بشار الجعفري لتتعاون مع قواته وحلفائها لمحاربة تنظيم داعش. وأميركا كعادتها تحبّ سماع طلب الودّ منها، لكنّها في نهاية الأمر تتابع الأوضاع مع الشريك الروسي، في حين محور الممانعة والمقاومة يتفكك لصالح شراكة أميركية – روسية، وبقية اللاعبين ملتزمون بأوامر الشريكين الكبيرين.

إقرأ أيضًا: «ولدنات»… أم استجابة لأوامر حزب الله؟

خلاصة المشهد السوري اليوم أنّ حزب الله، القادم من الأراضي اللبنانية إلى عمق الجغرافيا السورية، يحتاج إلى مزيد من الإستنزاف العسكري والمعنوي والسياسي. هذا ما يفسّره انحسار الدعوات المطالبة بعودته إلى لبنان، سواء من خارج لبنان أو من داخل لبنان، ليبقى في سورية وليكن في موقع الداعم للأسد الذي لن يكون بطبيعة الحال من يقود مرحلة إعادة بناء الدولة والمجتمع.

قد لا يكون الأمر قريبًا. أيّ أنّ الأسد سيبقى إلى حين تنضج شروط التسوية. لكن في كل الأحوال لن ترفع لحزب الله آيات الشكر من السوريين لتورطه في الحرب السورية. بطبيعة الحال عودة حزب الله إلى لبنان ليست متيسرة وأكلافها ستكون كبيرة على لبنان وعلى الحزب نفسه، لا سيما أنّ وظيفة مقاومة اسرائيل فقدت بريقها، ولم تعد في سلم الأولويات بظلّ المسار الذي تتجه إليه المنطقة. وبالتالي فإنّ حزب الله لن يعود إلى لبنان إلاّ في سبيل تحصين نفسه بمزيد من القبض على مفاصل البلد بالقوة.

الجهاد المقدس في سورية تؤول نتائجه إلى مزيد من استحواذ الروس والأميركيين على معادلة سورية الجديدة سواء كانت موحدة أو مقسمة. الجميع ملتزم بتهذيب تام بشروط الهدنة. لا صوت يعلو هذه الأيام فوق صوت وزيري خارجية أميركا وروسيا. معزوفة “المؤامرة الأميركية” على سورية لم تعد لسان حال الممانعين هذه الأيام. الإختباء خلف روسيا وتبرير تنسيقها مع إسرائيل والسعودية ليس مجال انتقاص من الدور الروسي. إنّه ضياع الممانعة وإيديولوجياتها الموهومة. حين تتفتق عقول رموزها على التمييز بين دور روسيا في سورية من جهة والتنسيق الروسي مع اسرائيل من جهة ثانية. هذا في عرف الأنظمة العربية مقبول ولا يلقى استنكاراً، لكن في إيديولوجيات الممانعة وأدبياتها وشعاراتها أصبح مبررًا ويجري تسويغه بمنطق تبريري لا صلة له بكل أدبيات الممانعين والمقاومين.

حزب الله في تدمر
حزب الله في تدمر

تهافت الممانعة ومنطقها وإيديولوجياتها هو ما تنتجه الأزمة السورية. ودماء الشعب السوري والدمار الذي طال البلاد ستكون الشاهد على هذا التهافت. فنظام الأسد لا يمكن أن يكون ثمن استمراره أهمّ من الشعب والدولة. والقضية التي طالما تاجر فيها الممانعون، أي المقاومة والممانعة، انكشفت على حقيقة التسليم بمرجعية الحل في سورية لأهم حليف وأهم صديق لإسرائيل: أميركا وروسيا. والتهافت أيضًا هو في أنّ المقاومة انخرطت، بإرادتها، في مواجهة مذهبية، تكشفها التعبئة والعصبية المذهبيتان. وبعدما ادّعت هذه “المقاومة” أنّها عنوان لوحدة الأمّة، أثبتت كفاءة عالية في تعميق الشروخ الداخلية على مستوى الأمّة وشعوبها.

إقرأ أيضًا: حزب الله سيخسر فرنجية وعون

أيّا كانت الأسباب والمبررات فإنّ النتائج العملية لقتال حزب الله في سورية أنّ اسرائيل دولة آمنة على حدودها الشمالية، مطمئنة إلى مسار العلاقات الأميركية الإيرانية، كإطمئنانها للدور الروسي في سورية، فيما حزب الله يستمر في خيار الإستنزاف من دون أفق سياسي بل بمزيد من التورط. وذلك من خلال المشاركة بتوفير شروط سقوط الدول والمجتمعات. سقوط هو الوحيد الذي يمكن أن يشكل فرصة لإستمراره كآلة حرب. تلك الوظيفة التي لم يعد يتقن سواها، على ما تظهر الوقائع اللبنانية والسورية وغيرها.

السابق
«ولدنات»… أم استجابة لأوامر حزب الله؟
التالي
وفاة والدة الرئيس تمام سلام