السعودية واميركا والتسوية السورية…تحالف أم تنافر ؟‏

عشية الذكرى الخامسة للثورة السورية أعلنت روسيا بدء انسحابها من الأراضي السورية، هذا الانسحاب الذي برره بوتين انه لانجاح مفاوضات جنيف كان وقعه ايجابيا على المعارضة السورية والمحور العربي الذي تقوده السعودية

أحداث متسارعة تشهدها سوريا في الأيام الأخيرة بالتوازي مع انتهاء مناورات «رعد الشمال» التي تضم دول التحالف العربي في انتظار ساعة الصفر كما صرح الجنرال عسيري السعودي، وذلك وسط تراجع الآمال في إحراز أي تقدم في المفاوضات السورية في جنيف بعد استئنافها بالأمس في ظل المواقف المعلنة، حيث أكّد وزير الخارجية السوري وليد المعلم أنّ الكلام عن الأسد «خط أحمر»، وأن «دمشق لن تحاور أحدا يتحدث عن مقام الرئاسة»، وأن الرئيس بشار الأسد «ملك للشعب السوري».

إقرأ أيضاً: بعد الانسحاب الروسي… من شيطانك الاكبر يا «سيد حسن»
هذا فضلاً عن رسالة الرئيس الأميركي باراك أوباما وهي أنه على المملكة العربية السعودية وإيران والسنة والشيعة بشكل عام إيجاد طريقة للتعايش والتوصل لعلاقات حسن الجوار، وذلك بحسب مقابلة نقلتها صحيفة «ذا اتلانتيك»، وأضاف إن «المنافسة بين إيران والسعودية أدت لحروب بالوكالة والفوضى من سوريا إلى العراق واليمن»، رسالة أوباما أعقبتها زيارة يوم الجمعة الماضي لوزير الخارجية الأميركي جون كيري للسعودية حيث التقى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وحضر أيضا ولي ولي العهد وزير الدفاع محمد بن سلمان، ووزير الخارجية عادل الجبير.
زيارة كيري وصفها محللون بأنّها تأتي «لمناقشة المقترحات التمهيدية لمفاوضات “جنيف 3”، ومحاولة لإقناع الخليج بتقسيم سوريا، او بسوريا فيدرالية، وكذلك بحث التهدئة في اليمن». وقد وصف مراقبون الزيارة المفاجئة لكيري انها «تأتي على خلفية إزالة التوتر بين دول الخليج العربي وإيران».
ومع بداية الأسبوع المنصرم أي في 14 آذار 2016 مع عودة مفاوضات «جنيف» أعلنت روسيا بشكل مفاجئ، قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «البدءَ بسحب الجزء الرئيسي من القوة الروسية في سوريا اليوم، بعدما حقّق التدخّل العسكري الروسي أهدافه الى حد كبير».
الكاتب السياسي سعد محيو رأى في حديث لـ«جنوبية» أنّ «السبب الأرجح لانسحاب روسيا من الأراضي السورية، هو حدوث خلاف حاد بين بوتين والأسد ومن الممكن أن تكون تصاريح وزير الخارجية السوري وليد المعلم هي التي دفعت الروس إلى إعلان الانسحاب المفاجئ من دون التنسيق مع الأسد».

سعد محيو
سعد محيو

وأضاف محيو «كذلك هناك عوامل أخرى لهذا الانسحاب، تكمن بأن الاقتصاد الروسي تراجع كثيراً بسبب انخفاض اسعار النفط، وهنا يمكن التذكير بأنّ أهم أسباب انهيار الإتحاد السوفياتي هو الهبوط الشديد بأسعار النفط. هذا بالإضافة إلى تكلفة الحرب الهائلة التي تكبدتها روسيا منذ اليوم الأول لتدخلها في الحرب السورية مما زاد الضغط على الاقتصاد الروسي».
وبالعودة إلى العلاقة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية التي بدأت بالتوتر مع إعلان أوباما عن الاحجام عن ضرب سوريا عسكريًا في آب 2013 على خلفية اتهام النظام باستخدام أسلحة كيميائية، كذلك ازداد التوتر والقلق مع توقيع «الاتفاق النووي» بين ايران والدول الغربية مما حرّر الاقتصاد الإيراني من عزلة العقوبات، وهذا ما اعتبرته السعودية تكريسا للنفوذ الايراني في الشرق الأوسط، أمّا آخر التوترات، فهي رسالة أوباما التي دعت السعودية إلى تقاسم النفوذ مع إيران في الشرق الأوسط.

وفي هذا السياق أكّد محيو أنّ «رسالة أوباما هي فعلاً استثناء وهي رسالة قوية وصريحة، فهي تقول “للسعودية واسرائيل مهما حاولتم توريطنا بحروب جديدة في الشرق الأوسط فإننا لن ننجر”، على الرغم من مساعدة الولايات المتحدة للسعودية ضمنًا في حربها في اليمن، ولكن السياسة الخارجية الجديدة المعلنة هي “التوازن عن بعد” أي إدارة الصراع في الشرق الأوسط عن بعد إلاّ إذا تجاوزت الأحداث في المنطقة مصالح أميركا القوية».
وتابع محيو «إذاً هي رسالة لحلفاء أميركا الاستراتيجيين بأن سياسة أميركا ليست التخاذل، بل التراجع وإعادة التموضع وبالتالي إدارة الصراع، كذلك رسالة إلى السعودية للتحاور مع ايران لايجاد الحلّ في الشرق الأوسط كي لا تصل المنطقة الى حرب إقليمية، هذا التغيير في السياسة الأميركية أقلق السعودية التي لم تعتد أن تكون وحيدة في الصراعات الإقليمية».
ولفت محيو «إلى أنّ ما حققته روسيا من إنجازات في الحرب السورية لن يدوم طويلاً، كذلك معطيات التسوية في الأمد القريب، لم تتوفر حاليًا لذلك فمن المتوقع أن تطول الحرب السورية بل تشير التوقعات أن هذه المتغيرات الإقليمية تتجه نحو تفاقم الأوضاع أكثر في سوريا».

إقرأ أيضاً: الإنسحاب الروسي من سوريا…خديعة للجميع!
إذًا يبدو أنّ الهدنة التي بدأت في سوريا على وقع عودة تثبيت مواقع النظام السوري بعدما أنقذه التدخل العسكري الروسي، ستنتهي بعودة انهيار النظام بعدما أثبت الشعب السوري الذي خرج من بين الأنقاض للتظاهر سلميًا والإصرار على إسقاط بشار الأسد وتحرير الأراضي السورية من التنظيمات الإرهابية، إنّها عودة قوية للثورة السورية في الذكرى الخامسة على بدئها.

السابق
اوساط غربية بشار يغادر وبشار يدخل….
التالي
الهريبة ثلثي المراجل: بوتين فقع قنيتة فودكا وانسحب‏