هكذا تخلّى حزب الله عن جريدة السفير.. لصالح «الأخبار»

"أنا أيضًا أحب جريدة السفير"، هي "عبارة غريبة"، ولم أكن بوارد قولها. حتّى أنّني لم أكن قد وضعت هذا الخط لمقالتي هذه، لكن مطالعة ما كتبه الزميل جهاد بزّي أعادني لمرحلة كنت أحسبني نسيتها.

أنا أحب السفير، ومثل كثيرين كانت أولى قراءاتي وتعرّفي إلى لبنان والعالم من خلالها. حتّى أنني تعرفت إلى “الأدب” في الكتيّب الذي يصدر في السبت الثاني من كل شهر. هذا الكتيب كنت أترصده بشغف وكنت أعد الثلاثين يومًا بانتظار قاتل.. ومنها كنت أبحث عن كتب أخرى للكاتب الذي أتعرّف إليه من خلالها.
إقرأ ايضًا:نديم قطيش ينعي «السفير»: خسرنا نكهة الاشتباك الصباحي

تلك المراهقة التي لا تفهم في السياسة أو زواريبها اخترقت بيتها الكتب المترجمة من جريدة يومية، أحتفظ بها ككنز ثمين. لكن منذ سنوات أفتقدها. منذ سنوات والسفير غريبة عني. نعم، لقد تخلّيت عن كتيّباتها، فقد باتت ملامحها، كجريدة، غريبة عني. وبوصلتها السياسية أوصلتني إلى أن أبتعد وأتخلّى عن “صيدي الشهري”.

أسباب تحوّل السفير وبوصلتها لتصل إلى تموضعها الأخير ليس “مادة” هذا المقال. لكن ما سأبحث به هو ما نشره موقع “ليبانون فايل، إذ أورد أنّ “رئيس تحرير السفير طلال سلمان التقى منذ أيام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للتداول في قضية إقفال الصحيفة وتحوّلها إلى موقع الكتروني، وعلم أنّ اللقاء لم يكن جيدا ولم تنتج عنه أيّ نتائج ملموسة لبقاء واستمرار الصحيفة العريقة”.

السفير

وأضاف الخبر بقلم الزميل جورج غرّة أنّ “اجتماعا عُقِدَ صباح اليوم بين سلمان ورؤساء الأقسام في الصحيفة، أعلن خلاله سلمان اقفال الصحيفة انطلاقا من 1 نيسان كما اقفال الموقع الالكتروني، وأن آخر عدد لـ”السفير” سيصدر في 31 آذار المقبل”.

لقاء سلمان بنصر الله كان يوم الثلاثاء فيما نشرت السفير تقريرًا يوم الاثنين تحت عنوان “حقيقة مرض الملك سلمان.. بالتقارير الطبية”، في محاولة من الصحيفة للتشكيك بأهلية الملك السعودي واستمرار حكمه.

 

هذا التقرير كان “البرازق” التي اصطحبه طلال سلمان مغلفًا بعدد السفير، وأهداه إلى السيّد، لكن يبدو أنّ حلويات السفير فيها بعض من المرورة، وإن استكانت إلى نهج “الممانعة” وطردت كلّ صوت فيه شبهة “اختلاف” أو “سؤال”.

هكذا بدا أنّ لا مكان لـ”السفير” في المشروع الإيراني الذي لا يقبل لإعلامه إلا أن يكون “كما يشاء”، ويسقط الهوامش، فلم يحظَ طلال سلمان برضا “السيّد” على ما يبدو.

فلماذا يدفع الحزب، ومن وراءه، لجريدة “السفير” في حين أنّ الأبواق الالكترونية الممانعة عديدة ومسخّرة لنقل سياسات إيران وتمثيلها خير تمثيل، كأبواق صمّاء، تنفذ ولا تعترض، ولإعلان العداء لدول الخليج ولتخوين كلّ من يفتح فمه بما لا يرضي الولاة في طهران.

فحزب الله يملك ماكينة إعلامية إلكترونية متكاملة، وبالتالي لا ضير إذا توقفت “السفير” الورقية عن الصدور، ولا إذا توقف الموقع الإلكتروني.

إقرأ ايضًا: السفير.. ليست حكاية حنين

ثانيًا لدى حزب الله ونظام الأسد والمشروع الإيراني صحيفة أخرى منافسة لـ”السفير”، ولا سقف لها في إدانة العرب والعروبة، وتكتب ما يطلب منها وتنفذ الأومر بحرفية. هكذا يبدو الاستثمار في “السفير” مشروعًا خاسرًا بالنسبة إلى الحزب وقيادته ومحوره.

لا بأس بتشريد 150 موظفًا، أي 150 عائلة، تعتاش من “السفير”، خصوصا أن لا بديل لهؤلاء في حين يعاني قطاع الإعلام اللبناني من أزمة على اختلاف تصنيفاته.

“السفير” اليوم خسرت المعركة، سلّمت كلّ رصيدها إلى “الممانعة”… فإما “لبّيك” أو “التجويع”.

السابق
نديم قطيش ينعي «السفير»: خسرنا نكهة الاشتباك الصباحي
التالي
السفارة الأميركية تطلق مشروعاً لدعم قطاع المياه في لبنان بقيمة 65 مليون دولار