نعم لـ 14 آذار جديد يقلب الطاولة فوق رؤوسكم جميعًا…

جميلٌ هو تذكر مشهد 14 آذار 2005، ثورة الأرز ثورة الحرية، وانتفاضة الاستقلال التي ولدت حينها بدماء الشهداء، ولكن "فذكر إن نفعت الذكرى"...

اليوم في مطالعة بسيطة للمشهد الذي كان اكتسح لبنان في الـ2005 لا نجد من 14 آذار إلا الصور القديمة والزعامات التي كونت يوما ما صوتاً لبنانياً جامعاً في وجه الوصاية، فـ 14 آذار الحالية أصبحت قوى متشرذمة منهكة بلا قيادة، وروحيتها تماهت مع الخصوم من بنشعي إلى الرابية.

إقرأ أيضاً: عن سعد الحريري عشية 14 آذار آخر!

ولربما يكون التوصيف الأكثر دقة هو أن 8 آذار اخترقت لائحة الرابع عشر، فكل من الإتفاقين الرئاسيين، إن في باريس مع سعد الحريري، أو في معراب مع سمير جعجع، أثبتا أنّ هذه القوى لم تعد ذات بعد سياسي واحد وإنّما بات التباين هو سيد الموقف.

في المفاضلة بين هذه القوى، أقرّ الرئيس بري في العام 2013 أنّه آن الأوان لنعي 8 آذار، وأردف مؤخراً أنّه ما عاد على الساحة السياسية اللبنانية لا 8 و 14، إلا أنّ صراحة بري قوبلت بإعتراضات بالجملة من القوات والمستقبل، وبتأكيد حازم على أنّ المشروع الاستقلالي باقِ وأنّ الثوابت التي تأسس عليها التحالف في العام 2005 ما زالت هي الجامعة.

حسناً لنسلم جدلاً، ان مبادئ الثورة راسخة، والمفاهيم والخطوط العريضة واضحة، ولكن لنتأكد من اليقين الذي يصرون عليه، فليدعو زعيم هذه القوى الأفرقاء والمؤيدين للنزول إلى الساحات ولنرى من سيحضر وكم هو عديد الجمهور الذي سيلبي…

بالطبع الكل يدرك، أنّ دعوة هذه القوى لن تشعل الحماسة الوطنية في صفوف جمهورهم كما حصل قبل 11 عاما، ولن ينزل الا بضع مئات،و سيكشف كم تعرّت التحالفات، وكم باتت المسافات بعيدة بين الحلفاء وقريبة بين الخصوم، فقوى 14 آذار التي خضعت لمنطق اجتياح بيروت في 7 أيار 2008، سقطت هناك، وفي تلك اللحظة كان الأوجب على زعاماتها دفن الثورة مع الشهداء.

الثورة انتهت مع رجالها الذين دفعوا لأجلها الدماء، ولأكن أكثر وضوحاً وربما أكثر قسوةً فاليد السوداء أدركت جيداً أين نقاط القوة للثورة فإستهدفتها، لتظلّ المنابر الآذارية ضعيفة دون جبران تويني وسمير قصير، والمواقف باتت ركيكة لا تعرف الحزم بغياب جورج الحاوي، وبيار الجميل، ووليد عيدو وغيرهم.

مظاهرات 14 اذار
مظاهرات 14 اذار

الشهداء هم ثورة الأرز، والأحياء قد اغتالوا الثورة بالضعف السياسي أولاً، وبوضع المصلحة الطائفية على الوطنية ثانياً، وبظنهم أنّ الإعتدال هو الإنبطاح للسلطة الميلشياوية ثالثاً.

في 14 آذار، ننتظر إعلان نهاية المسرحية وإسدال الستار على “دراما” الثورة، وعلينا أن نخصص في هذا اليوم مساحة لأن نشعل شموعاً للشهداء، وأن نحاسب النفس من رؤساء السياسة وصولاً إلى المواطنين، نحن من لم نحفظ حرية حصلنا عليها بشهادة رفيق الحريري ورفاقه.

إقرأ أيضاً: ثورة 14 آذار في ذكراها…هل ماتت أم ستقوم؟

فما المطلوب؟

من 14 آذار لا شيء مطلوب سوى إطلاق رصاصة الرحمة ودفنها، والبحث عن خطة جديدة ومعالم ثورة جديدة، فالشعب اشتاق الى الساحات واشتاق لأن يصرخ “بدنا حرية”، أجل نريد الحرية، ولكن لا الحرية من 14 و 8 آذار، نريد ان نتحرّر أيضا من كل الطبقة السياسية، ونتحرّر من الوصاية الإيرانية ومن حزب الله الذي ما ترك طريقاً للقدس إلا وشقه في لبنان وبلاد الشام حتى ضاعت فلسطين وضاعت الهوية اللبنانية.

نريد الحرية من هيمنة السلاح الغير شرعي لحزب الله، وحتى من الزعامة الحريرية، ومن الرابية ومعراب، نريد ان نتحرّر أيضا من آل جميل وجنبلاط ومن كل “بك” و “باشا”، وببساطة نحن من نريد أن نقلب الطاولة عليكم، لتكون ثورة آذار ثورة الشعب الذي يكمل مسيرة الشهداء، لا آذار السياسي الذي سقط وطناً وتاريخاً.

السابق
الجيش يوقف مجموعة إرهابية تحضر لعمل أمني
التالي
سورياليّة التعذيب في جحيم السجّان البعثي