تجاهل نصرالله للاستحقاق الرئاسي يثير انتقادات وتساؤلات

السيد حسن نصر الله
إذا حسنت النيّات، يمكن القول ان المعنيين بالملف الرئاسي "كل يغني على ليلاه"، وهذا يعني ان لا نقاط التقاء بين هؤلاء. وفي حين كان الرئيس سعد الحريري يعتبر ان انتخابات الرئاسة هي القضية رقم 1 بالنسبة لاهتماماته، سواء في أحاديثه في الاجتماعات التي يعقدها أو مع الصحافيين أو خلال ترؤسه اجتماع كتلة "المستقبل"، كانت "الكلمات المتقاطعة" أو "لعبة الغميضة" تحكم مواقف كل من "حزب الله" و"التيار الوطني الحر".

نصرالله يتجاهل الإستحقاق الرئاسي: هل تصمد سياسة صم الآذان؟

فيما تجاهل الامين العام لـ”حزب الله ” السيد حسن نصرالله في خطابه مساء أمس في “ذكرى القادة الشهداء” الملف الرئاسي كلاً، وان يكن توجه “بمشاعر المواساة” في ذكرى الرئيس رفيق الحريري، فان الاوساط الدائرة في فلك 8 آذار عموما و”الحزب” خصوصا لا تبدي أي اشارة الى امكان تبديل المشهد في الفترة الفاصلة عن موعد الجلسة الانتخابية المقبلة اذ لا يزال التشدد حيال الشرط الثابت للمشاركة في الجلسة من حيث التسليم بترشيح رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون من دون أي لبس.

ولم يأت نصرالله على ذكر اسم سعد الحريري لمرة، ولم يقارب الاستحقاق الرئاسي بحرف، مكتفياً بتقديم التعزية الى ورثة الرئيس الشهيد رفيق الحريري برغم الخصومة السياسية، آملاً أن تصبح ذكرى استشهاده قادرة على جمع اللبنانيين ,وبحسب “السفير” تفادى نصرالله عبور الزواريب الداخلية في طريقه نحو سوريا وفلسطين وتحديات المنطقة، مخصصاً خطابه بالكامل للملف الإقليمي، وحتى عندما تطرق الى لبنان، فعل ذلك ربطاً بالصراع مع اسرائيل واحتمالاته المستقبلية.

ومع ذلك، تعتقد الاوساط المواكبة للحركة السياسية النشيطة الجارية وفق “النهار” بان توافق قوى “14 آذار” مدعومة بموقف مماثل من رئيس “اللقاء الديموقراطي ” النائب وليد جنبلاط حول المشاركة في الجلسات على اساس تعدد المرشحين فضلاً عن الموقف الثابت لرئيس المجلس نبيه بري في حضور كتلته باتت تشكل عامل ضغط سياسياً ومعنوياً لا يمكن الثنائي “التيار الوطني الحر” و”حزب الله ” ادارة الظهر لمفاعيله ولو استمرا في تعطيل الجلسات .

وازاء انعدام اللغة المشتركة، عادت الرئاسة الأولى وفق “اللواء” إلى نقطة الصفر. والسؤال: لماذا تجاهل الأمين العام لـ”حزب الله” الإدلاء بموقفهما من الدعوة إلى الذهاب إلى المجلس من ضمن الآليات الدستورية وانتخاب من يراه النواب مناسباً للرئاسة الأولى؟

السيد حسن نصر الله
السيد حسن نصر الله

واذ لم ير بعض المعنيين وفق “النهار” ان يكون في تجاهل نصرالله الشأن الداخلي دلالة سلبية، برزت في كلمته نبرة متشددة حيال الملفات الاقليمية، فكرر هجماته على السعودية والخليجيين متهما اياهم بالعمل مع اسرائيل لاسقاط النظام السوري واعتبر ان “زمن الانتصارات الكبيرة في محورنا يقترب”:

– أعلن أنّه “لن يُسمح للجماعات الإرهابية ولا للولايات المتحدة وخلفَها السعودية وتركيا بالسيطرة على سوريا، كما أنه لن يُسمح لإسرائيل بأن تحقّق أحلامها وأهدافها”.

– ولفت الى انّ اسرائيل تَعتبر “وجود الجماعات الارهابية في سوريا أفضل من بقاء النظام السوري القائم حالياً، لأنّ هذا النظام يشكّل خطراً على مصالحها وبقائها في المنطقة”.

– أوضَح أنّ “الرهان على الجماعات الارهابية بات غيرَ مضمون النتائج بالنسبة الى تركيا والسعودية، لذلك بدأوا بالحديث عن دخول بَرّي تحت عنوان “ائتلاف دولي”.

– رأى أنّ “السعوديين والأتراك يريدون إيجاد موطئ قدم لهم في سوريا، ولذلك هم جاهزون لأخذ المنطقة الى حرب إقليمية لتحقيق مصالحهم ولا يريدون أخذ سوريا إلى تسوية”.

– قال: “نحن من موقع الشراكة بالدم مع سوريا، نفتخر بأننا ساهمنا بمقدار جهدِنا وطاقتنا بمواجهة هذه المشاريع الخطيرة لمنع تحقيقها”.

– اعتبر أنّ “شهداء المقاومة في سوريا هم كشهداء المقاومة في عدوان تمّوز الذي سقوا مشروع “الشرق الأوسط الجديد” لأن الاهداف والغايات نفسها”.

– جدّد الوعد: “حيث يجب أن نكون سنكون”.

– تحدّثَ عن سعي إسرائيل المستمر لتشويه صورة المقاومة للقضاء عليها.

– قال: “الحرب النفسية للعدوّ لن تنفعَ معنا، ونحن لن نستسلم ولن نضعف، وسنواصل جهدنا في عملية التجهيز والتطوير على كافة المستويات”.

– طمأنَ الى أنّ “في لبنان مقاومة قوية وقادرة وتملك قدرات دفاعية جديدة وقادرة أن تلحق الهزيمة بإسرائيل في أيّ حرب قادمة”.

– اعتبر أنّ “الاسرائيلي يحسب ألفَ حساب قبل ان يفكّر في أيّ حرب مقبلة ضد لبنان”.
إقرأ أيضاً: إنتبهوا جيداً لجلسة 2 آذار

نصرالله لم يكن موفقاً

وإذا كانت مصادر الحزب امتنعت عن إعطاء أي تفسير، عن تجاهل نصرالله للملف الرئاسي، عزا مصدر نيابي في كتلة “المستقبل” عبر “اللواء” هذا التجاهل إلى أحد سببين: اما انه ليس لديه شيء ليقوله، أو انه تعمد إيصال رسالة للخصوم بأن موقفه من الاستحقاق الرئاسي لم يتغيّر لجهة اصراره على ان يكون النائب عون مرشحاً وحيداً، أو لا انتخابات رئاسية. وحول ما قاله السيّد نصر الله عن أهل السنة، بناء على كلام إسرائيلي، اعتبر المصدر ان نصر الله لم يكن موفقاً لا على المستوى الاستراتيجي ولا على المستوى التكتيكي، لا وطنياً ولا إقليمياً، مشيراً إلى ان النظام السوري الذي دافع عنه لم يُطلق وردة على إسرائيل، مؤكداً ان إسرائيل هي التي تحمي نظام الأسد، وهي, أي إسرائيل هي التي ضغطت على واشنطن لعدم الذهاب بعيداً في دعم الثورة السورية.

إقرأ أيضاً: خالد حدادة يحتج على «الميادين»: الحزب الشيوعي أطلق المقاومة…
وفي رأي مصادر خبيرة في تعاطي “حزب الله” مع الملفات لـ”اللواء” ان نصرالله تعمد عدم التطرق إلى الملف الرئاسي مستفيداً من طبيعة المناسبة حيث احتلت التهديدات الإسرائيلية وكيفية ردّ الحزب عليها القسم الأكبر من الخطاب الذي ناهز الساعة (70 دقيقة) الأمر الذي لا يعني ان الحزب غير معني بما استجد على صعيد الرئاسة الأولى، بل الاعداد لمفاجآت ضمن سياسة التكتم والتنسيق فقط مع التيار العوني، خاصة وأن مرشحه عون خارج التوافق الوطني والإقليمي والدولي. واستناداً إلى هذه المصادر، ارتأت قيادة “حزب الله” الابتعاد ما امكن عن الأخذ والرد في هذا الملف، وترك الحريري يصفق بيد واحدة، وهو يسعى لإنهاء الشغور الرئاسي. وقالت ان الامتناع عن التعليق أو إصدار أي موقف يعني ان تحالف حزب الله – عون هو في موقف الدفاع وليس في الهجوم، ويتعاطى مع الرأي العام النيابي والسياسي الضاغط لانتخاب الرئيس بعدم ارتياح، بعد تمسك الرئيس الحريري بترشح النائب سليمان فرنجية، والإعلان صراحة ان لا فرصة متاحة الآن لقبول النائب عون مرشّح توافق أو إجماع وطني.

السابق
الملك سلمان واردوغان: لا حلّ مع الأسد
التالي
كيف ستكون تداعيات «فضيحة النفايات» الجديدة؟!