إيهود أولمرت، من سجنه، يتفوّق على أخلاق حزب الله

إيهود أولمرت في السجن ونوح زعيتر حرا. إيهود أولمرت في السجن، ومن سرقوا تعويضات أهل الجنوب بعد حرب تموز باتوا قادة "المقاومة". بعضهم ضُبِطَ بالجرم المشهود يتعامل مع إسرائيل واستخبارات أميركا، وبعضهم يفاخر بقراره احتلال جزء من سوريا. حين تغيب "العدالة" عن "عقل" حزب ومجموعة بشرية، تتحوّل إلى وحش لا يوقفه إلا العنف، ولا يفهم إلا بالقوّة.

إيهود أولمرت، في سجنه الإسرائيلي، يقول لحزب الله، ومن ورائه بيئته في الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع والجنوب وعموم لبنان، أنّه يحترم الدولة التي حكمها، والتي سرقها، وارتشى خلال حكمها. يحترمها ولم يهرب أو يختبىء، بل دخل السجن ليدفع ثمن أخطائه. في حين يتستّر حزب الله على مجرمين، متهمين بقتل وبسرقة سيارات، متهمين بتصنيع حبوب كبتاغون، متّهمين بزراعة الحشيشة وترويجها…

إقرأ أيضاً: الإسرائيلي أعيد إلى بلاده من دون أن حزب الله عن الأسير سكاف

رئيس وزراء العدوّ الإسرائيلي سابقاً، إيهود أولمرت، سيسجن بعد إثبات تهم عليه تتراوح بين تلقي رشوة وبين عرقلة سير العدالة. أدين وسيقضي 18 شهرا في السجن. مثله وزراء ونواب وقادة رأي إسرائيليين كثيرين سبقوه إلى السجن. هذا ليس خبرا لإثارة إعجاب الغرب، ولا لتعيير العرب بفساد قادتهم. هذا خبر حقيقي من “دولة” مجاورة للدول العربية، تحتلّ “دولة” عربية هي فلسطين، وتقيم “حكما” يسجن السارق والقاتل. بالطبع إسرائيل تغتصب حقوق شعب كامل. وهذه مقارنة يجب ألا تفوتنا. “تسرق” أرض الفلسطينيين وتاريخهم ومستقبلهم وحاضرهم وأرواح أبنائهم وأطفالهم. تقتل وتتجاوز المواثيق الدولية والمنطقية والدينية والأخلاقية والسياسية والقانونية… في علاقتها بـ”الآخر” العربي. لكن في “مجتمعها” الإسرائيلي تقيم دولة تحترم القوانين. في “الداخل” أمر آخر، وهذا أحد أسباب “تفوّقها” على العرب.

المقارنة تجوز هنا بين “المجتمع الشيعي” في لبنان، وبين المجتمع “اليهودي الإسرائيلي” في فلسطين المحتلة. مجتمعان “متجاوران” في جنوب لبنان. حزب الله، الممسك بجزء كبير من السلطة في لبنان، لا يتفوّق على “إسرائيل” في شيء.

إضافة إلى أنّه يمارس دورا احتلالياً في سوريا، هجّر سوريين من بلادهم وقتل آلافاً منهم، وشرّد عشرات ومئات الآلاف. ومثل العدو الإسرائيلي بات حزب الله عدوا لملايين السوريين، وارتكب مجازر في بعض مدنهم وقراهم، ليس أولها القصير، ولا آخرها في حمص وحلب ومضايا والزبداني.

لكن في المجتمع الشيعي لا يوجد أيّ ملمح من ملامح “الدولة”. الدولة بمعنى العدالة. العدالة بمعنى المساواة بين المواطنين، ومحاسبة المخطئين منهم، ومكافأة المميّزين. حتى التنظيم الحديدي الذي بناه حزب الله، لا يقيم وزناً للعدالة والقوانين، أيّ قوانين، دينية كانت أو وضعية.

فصور بعض مسوؤليه مع أكبر مزارع وتاجر حشيشة في لبنان، نوح زعيتر، توضح كيف أنّه يقبل الخارجين على القانون في “حماه” و”بين أنصاره”، لا بل يكرّمهم ويكافئهم بصور “تحميهم” وتجعلهم “فوق القانون” وفي مصاف المحصّنين.

ثقافة الخطف والسرقة لا يمانعها. يتعامل مع بعض الخاطفين، ممن شاركوا في عمليات خطف بالبقاع، ومع بعض السارقين (متهم بسرقة سيارات شقيق أحد نوابه)، وبعض مصنّعي المخدّرات (متهم بتصنيع الكبتاغون شقيق أحد نوابه أيضاً)… هذا عدا عن حمايته متهمين بعمليات اغتيال سياسي… يمكن وضع هذا في سياق العلاقة بـ”الآخر” في لبنان. كذلك “الآخر” السوري، يمكن تحييده في هذه العجالة – المقارنة.

حزب الله، الذي جعل ضاحية بيروت الجنوبية متنفساً لمروّجي المخدرات، وتجارها،وملاذا لهم وجعل البقاع “واحة” لمزارعي الحشيشة، عدا عن أخبار تضج في العالم عن تجارته بالمخدرات في أميركا اللاتينية وبعض أفريقيا، وعدا عن أخبار تبييضه الأموال غير المشروعة، هذا الحزب لا يؤمن بالعدالة، حتى بين مناصريه. بعضهم يقتل بعضهم برصاص الابتهاج من حين إلى آخر، ولا من يحاسب. بعضهم يقتل بعضهم في مناوشات مع حركة أمل من حين إلى آخر، ولا من يحاسب. بعضهم يقتل بعضهم بتروجي المخدرات بينهم، ولا من يحاسب. بعضهم يسرق سيارات بعضهم ويبيعها أو يصدّرها إلى مناطق الحرب السورية، ولا من يحاسب…

ربما لسائل أن يسأل: ولماذا المقارنة بين حزب ودولة؟ ولماذا لا تقارن “دولة إسرائيل” بدولة لبنان؟ لكن أليس حزب الله من “يمسك” بهذه الدولة؟ أليس هو من يمنع اعتقال الفاسدين في بيئته؟ وفي مناطق سيطرته؟ أليس هو من يعتبر خصومه إما فاسدين أو عملاء لإسرائيل؟ أليس هو من يعتبر نفسه صاحب اليد البيضاء والانتصارات الإلهية والممهّد لقيام دولة الإمام المهدي، دولة الحقّ الالهي؟

إيهود أولمرت في السجن. الرئيس الإسرائيلي الذي كان على رأس من شنّوا حرب تموز 2006 علينا في لبنان. وهو نفسه من ادانه تقرير فينوغراد عن اخطائه في هذه الحرب، فيما احد لم يسأل عن من يتحمل مسؤولية دمار لبنان في 2006 بعد العدو الاسرائيلي.

إقرأ أيضاً: وجوه الشبه بين «ارهاب» طرابلس ومخدرات نوح زعيتر

في حين أنّ من سرقوا أموال تعويضات حرب تموز في جنوب لبنان، من المحسوبين على حزب الله، داخل جسده التنظيمي وعلى أطرافه، والذين زوّروا واختلسوا، في المقلب الآخر، هنا، بعد انتهاء الحرب، لا يزالون في أمكنتهم. وبعضهم “قرّر” احتلال جزء من سوريا، لأسباب مذهبية.

غياب العدالة عن “عقل” حزب الله لا يتجزّأ. لا يمكن لمن لا يعترف بالعدالة، أن يكون عادلا في أيّ مكان، لا في لبنان، ولا في سوريا، ولا في أيّ مكان تطأه قدماه. إنّها منظومة كاملة من الفساد، مهترئة، سوسة تنخر في جسد لبنان، بالتعطيل، وسوريا، بالقتل والتدمير…

السابق
الساحر مختص العلاقات العاطفية والإنجاب في قبضة قوى الأمن
التالي
وفاة الامين العام السابق للامم المتحدة بطرس غالي