هل يتحوّل زواج المتعة الى دائم بين «القوات» و«التيار»؟

جعجع عون
تحت ظل الفراغ الدستوري لكرسي رئاسة الجمهورية لأكثر من سنة ونصف، حصل إعلان معراب بتبني رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع ترشيح الجنرال ميشال عون لرئاسة الجمهورية، بعدما طغى هذا الاعلان على الحدث البارز الذي شكل صدمة قوية على الساحة القضائية اللبنانية تضمن في إطلاق المجرم ميشال سماحة الى الحرية.

لأكثر من 25 سنة من الخصومات والخلافات والنزاعات والمناكفات السياسية القوية الجارحة، تراوحت أحياناً بالإستهزاء والكلام المسيء وبتقليل المكانة السياسية للآخر، جمعت معراب القطبين المسيحيين العدوين اللدودين الدكتور جعجع والجنرال عون، بعدما جلسا جنباً الى جنب مع الخلفية للأرزة اللبنانية، ليعلن الأول عن سحب ترشيحه لرئاسة الجمهورية لصالح الثاني أي الجنرال عون، وذلك ضمن التفاهم على بنود وشروط سياسية تدخل ضمن المصلحة السياسية المسيحية وللمصلحة السياسية الخاصة لكل من الطرفين.

“الحكيم” المحنك سياسياً، وبعد تبنيه وبذكاء ترشيح الجنرال ميشال عون غير المتزن سياسياً لرئاسة الجمهورية، استطاع الأول أي “الحكيم” ان يقلب الطاولة على الجميع ويخلط جميع أوراق الرئاسة والتحالفات والتفاهمات السياسية على الساحة السياسية اللبنانية، ضارباً بذلك عصافير عدة بحجر واحد أهمها:

اولاً، إفهام الجميع ان انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية لن يكتب له النجاح قبل المرور بـ معراب.

ثانياً، إعادة توحيد الساحة المسيحية وجعلها رقم يحسب لها ألف حساب، وذلك بعد التقارب الذي حصل بين القطبين المسيحيين “القوات” و”التيار” على الساحة المسيحية.

إقرأ أيضاً: بعد 11 سنة ناموا «الحراس» … وجعجع مش حكيم!

ثالثاً، استمالة شعبية التيار الوطني وكسب ثقة كتلة التيار البرلمانية لتفاهمات سياسية مستقبلية تصب في مصلحة المسيحيين بشكل عام ولحزب القوات بشكل خاص.

جعجع وعون

رابعاً، استطاع “الحكيم” توجيه لكمة سياسية قوية للرئيس سعد الحريري ولسياسته الركيكة، كرد على الاتفاق الذي حصل بين الحريري وبين سليمان فرنجية لجهة ترشيح الأخير للرئاسة. وايضاً إفهام الرئيس الحريري انه بالإمكان الاستغناء عن التحالف معه في حال دعت الحاجة والتطورات السياسية بذلك.

خامساً، الاستفادة من الدفرسوار الذي حصل بين الحليفين الصديقين ميشال عون وسليمان فرنجية، والانقسام والإحراج على ضفتي معسكر “8 و14 آذار” بين مؤيد وغير مؤيد لكل من الطرفين، وذلك بسبب إعلان جعجع ترشيح عون واستمرار فرنجية في معركته الرئاسية.

سادساً، إحراج الحليف الرئيسي للجنرال ميشال عون “حزب الله” الذي ما فتئ ينادي ويجاهر دائماً ان مرشحه الأول والأخير للرئاسة هو الجنرال ميشال عون، ناهيك ايضاً ان الحزب لا يزال يلوذ بالصمت بعد الإحراج الذي سببه له تبني ترشيح عون من قبل “القوات اللبنانية”، وإلى عدم التجواب بملاقاة تبني الترشيح تلك من أجل إيصال الجنرال عون الى سدة رئاسة الجمهورية.

إقرأ أيضاً: هذه هي تفاصيل «يوم معراب» التاريخي…

سمير جعجع “الحكيم” رئيس حزب “القوات اللبنانية”، الذي رشح الجنرال ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، يعلم علم اليقين ان الجنرال عون لا يهمه حقوق المسيحيين ولا حتى مصلحتهم سوى غرامه بحلمه الدفين الوحيد ان يضع على رأسه تاج رئاسة الجمهورية.

سعد الحريري سليمان فرنجية

أما الاتفاق الذي قام به رئيس تيار “المستقبل” الرئيس سعد الحريري مع سليمان طوني فرنجية لجهة ترشيح الأخير لرئاسة الجمهورية، فهذا يعتبر غدر سياسي بحق الحليف الرئيسي في “14آذار” “القوات اللبنانية” ورئيسها الدكتور سمير جعجع، وليس كما يشاع في بعض الصحف بأن جعجع هو من قام بالإنقلاب على الحريري. فالغدر السياسي الذي قام به الرئيس الحريري بحق “الحكيم” من الممكن ان تؤدي في المرحلة القادمة إلى تحالفات جديدة بين قوى سياسية وحزبية، وليس من المستبعد ايضاً ان تشكل مبادرة تبني القوات هذه، في تعبيد الطريق لوثيقة تفاهم وتحالف سياسي بين “القوات اللبنانية” و”حزب الله” على طريقة وثيقة التفاهم بين الحزب والتيار العوني.

مبادرة معراب هذه هي بمثابة زواج متعة بين “القوات” و”التيار”، إلا إذا ثبت العكس وتحول هذا الزواج الى زواج أبدي من أجل مصلحة لبنان بشكل عام ومن اجل وحدة الصف المسيحي بشكل خاص، وأن يكون كلا الأثنين أي جعجع وعون صادقان في اهدافهما ونوايهما، وبعيدان كل البعد عن الكيدية السياسية وأن لا يكونان بالشكل الظاهري شيئا ويضمران شيئا آخر.

السابق
الجربا لـ«جنوبية»: لن يفلح حزب الله باخفاء جرائمه بسواد اكاذيبه
التالي
لماذا تراجع الداعية السعودية عن عبارته «البنت عار»؟!