حزب الله المُحرَج… ينتظر المَخرج

حزب الله وميشال عون
المحرّك الوحيد الذي يحكم حركة الجنرال ميشال عون السياسية منذ العام ١٩٨٨ حتى هذه اللحظة، بطلعاتها ونزلاتها وخيباتها ومغامراتها وحروبها العبثية المدمرة وأوراق تفاهماتها وأوراق نياتها وصولاً إلى إحتفالية معراب هو حلم الوصول إلى كرسي رئاسة الجمهورية.

فالجنرال عون يريد الوصول إلى هذا المنصب مهما كلّف الثمن، لا يهمه قبل ولا بعد، لا يهمه دمار أو خراب أو فراغ أو ضياع الجمهورية، لا يُشغل باله ببرنامج رئاسي أو بخطاب قسم، يريد كرسي الجمهورية ولو ليوم واحد ومن بعده الطوفان. يريد الوصول إلى كرسي بعبدا ولو على كرسي المقعدين، فهو يعتقد بأنّ منصب رئاسة الجمهورية صُمّم من أجله وعلى مقاسه، وهو خلق لأجله، والله خلقه وكسر القالب، ولهذه الأسباب رفع شعار “أنا أو لا أحد”، حتى أنه لا يريد منافسين له في جلسات إنتخاب الرئيس، يريد أن يكون وحيداً، يريد الإجماع على إسمه وعلى شخصه من الخصوم قبل الحلفاء، يريد من الذين يتوعدهم بالسجن أن يصوتوا له ويستغرب عندما يرفضون تأييده!

إقرأ أيضاً:ولكن أين أصبح الوفاء لـ«عون»؟!
وعندما كانت طاولة الحوار تناقش بذاك الموضوع السخيف المسمّى “مواصفات الرئيس”، كان الجنرال عون وتياره ومن ينوب عنه على الطاولة، يتحدثون عن مواصفات الجنرال ميشال عون بعينه ولا يخطر في بالهم أي شخص آخر، فلولا هذا الحلم الكابوس الذي يلازم الجنرال عون منذ شبابه حتى اليوم وهو في منتصف العقد التاسع من عمره، ما كان ليفعل كل ما فعله في حياته السياسية من مغامرات بهلوانية وحروب عبثية وتفاهمات ورقية وأوراق مبنية على النيّة، وعشاوات سريّة وعلنية، وكأنّه يقول للقاصي وللداني: خذ مني ما تريد وأعطني رئاسة الجمهورية.

نصرالله عون
فأعطى حزب الله ما يريده وأكثر وأعطى النظام الإيراني وأعطى النظام السوري وأعطى السعودي والقطري وأعطى تيار المستقبل حتى وصل إلى معراب، لكنه عجز عن تأمين العدد الكافي من الأصوات لإنتخابه رئيساً للجمهورية، وهو لا يزال عاجزاً عن تأمين الحدّ الأدنى لإنتخابه رئيساً، ومع ذلك، لا يتوانى عن وصف نفسه بالمرشّح القوي للرئيس القوي، فهو ينتقل من ضفة إلى أخرى، يلاحق سراب حلمه الرئاسي، فيكسب تأييداً هنا، ويخسر تأييداً هناك، يمشي خبط عشواء، ينام وهو يظنّ أنه أصبح قاب قوسين أو أدنى من كرسي الرئاسة الأولى، ليصحوَ على خيبات جديدة وعقبات لم تكن في حسبانه، فتبعده عن الكرسي أكثر، لكنه لم ولن ييأس من الركض خلف ذاك السراب.

إقرأ أيضاً:هل يئس ميشال عون من «الوعد الصادق» فصعد إلى معراب؟
الجنرال عون كان مقتنعاً بأنّه مرشح حزب الله الوحيد لرئاسة الجمهورية، وسبق لحزب الله أن قال للجنرال عون إذهب إلى خصومك وآتنا بتأييدهم ونحن لك من المؤيدين، لم يكذّب الجنرال خبراً، ذهب إلى باريس وإلتقى بالرئيس سعد الحريري، وناقشه بالموضوع، لكنه لم يفلح، وأوفد صهره جبران باسيل إلى السفارة السعودية وإلى السعودية ولم يفلح، وعند كل خيبة يتلقاها الجنرال عون، كان حزب الله يعبّر عن إستمراره بتأييد للجنرال عون لرئاسة الجمهورية، إلى أن أقدم الرئيس سعد الحريري ومعه الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط على إعلان تأييدهم لترشيح النائب سليمان فرنجية، هذه الخطوة أزعجت الجنرال عون كما أزعجت الدكتور سمير جعجع، فجاء ” إعلان معراب” ليعرب عن هذا الإنزعاج ويعيد خلط الأوراق، فعبّرت كل الأطراف عن رأيها بالموضوع، وحده حزب الله ذهب في سبات وصمت عميقين، وهو الذي لطالما طالب الجنرال عون بأن يأتيه بتأييد أي طرف يؤمن له الأكثرية النيابية المطلوبة لإنتخابه ولن يتردد بإنتخابه، لكنه على الرغم من تأييد القوات لترشيح الجنرال عون، لم يفعلها حزب الله لغايةٍ في نفس إيران.

إقرأ أيضاً:عون بين ورقة حزب الله وورقة القوات
سبق لحزب الله أن قالها صراحةً لتيار المستقبل في إحدى جلسات حوارهما الثنائي:” لن نُفرج عن الإنتخابات الرئاسية في لبنان حتى يتم الإتفاق على هذا الملف بين إيران والسعودية…!”، لكن إيران والسعودية أصبحتا في حالة عداء بعد إعدام الشيخ نمر النمر والسعودية قطعت علاقتها الدبلوماسية بإيران، وبالتالي أصبح ملف إنتخابات الرئاسة في الثلاجة بالنسبة لحزب الله، هذا بالنسبة لحساباته الإقليمية، أما بخصوص حساباته الداخلية، فإنّ حزب الله يريد رئيساً خصماً لخصومه وليس رئيساً متحالفاً مع ألدّ خصومه، حزب الله لا يريد تكرار تجربة الرئيس ميشال سليمان، بل يريد تكرار تجربة الرئيس إميل لحود، ويرى بالنائب سليمان فرنجية النموذج الصالح لتكرار تجربة الرئيس لحود، لكن حزب الله لا يستطيع أن يقفز فوق الجنرال عون والإتيان بالنائب فرنجية رئيساً للجمهورية، لأن ذلك سيفقده حليفه المسيحي الأقوى الذي لطالما أمّن له الغطاء لكل إرتكاباته ومغامراته داخل الحدود وخارجها، فكان خياره الصمت والإنتظار.

إقرأ أيضاً: هكذا سيهزم سليمان فرنجية ميشال عون في المعركة الرئاسية
حزب الله يريد رئيساً يضرب بسيفه ويعمل حسب تعليماته ووفق أجنداته، حزب الله لا يريد رئيساً يصل إلى بعبدا من بوابة ألدّ أخصامه، لأن ذلك سيمنح الرئيس العتيد القدرة على الإنعتاق من وصاية حزب الله عليه، وعليه، ذهب الحزب إلى سياسة الصمت التي إعتاد إعتمادها عند كل موقف مُحرج، بإنتظار المَخرج والمُخرج!

السابق
عن المعركة النفطية القادمة بين السعودية وايران…
التالي
لماذا تأخر السيد حسن عن اعلان تأييده لترشيح الجنرال؟