عون بين ورقة حزب الله وورقة القوات

السيد حسن نصر الله
فعلها سمير جعجع، فمشهدية البارحة في معراب، وإعلان رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية انسحابه من السباق الرئاسي وإعلان دعمه لخصمه التاريخي ميشال عون، ;كل ذلك شكلّ حدثاً مفصلياً في مسار اللعبة السياسية. ليس من باب الإنتخابات الرئاسية فقط وإنّما ما لهذه الخطوة من تداعيات تصل إلى حد خلط الأوراق وإعادة التموضعات على مساحة كل الأفرقاء وبما قد يتخطى بأشواط الإستحقاق الرئاسي.

نجحت القوات اللبنانية بشكل باهر في تظهير وإخراج سيناريو الحدث، بحيث بدا الأمر وكأنّه عملية تسلّم وتسليم بين العماد ميشال عون وسمير جعجع، فيسلّم سمير جعجع مفاتيح قصر بعبدا التي لا يملكها ولا يملك حتى نسخة عنها إلى الجنرال، وفي المقابل يسلّم هذا الأخير الزعامة المسيحية بما فيها التيار العوني ومعه الصهر الرئيس للحكيم.

اقرأ أيضاً: هذه هي تفاصيل «يوم معراب» التاريخي…

هذا هو الإيحاء الأوّلي والإنطباع السريع في تقييم ما حصل بالأمس، وعليه فيكون الرابح الأكبر من كل هذه “المسرحية” هو حكيم المسيحيين بلا أدنى شك. أما بالمنظار السياسي المجرد، فإنّ محاولات سمير جعجع إضفاء أبعاد منهجية على الصورة من خلال إعلان بنود اتفاق سياسي على ضوئها كان هذا الدعم، فإنّها لا تعدو أكثر من مؤثرات صوتية لا تسمن ولا تغني عن مواقف.

فموافقة جنرال الرابية على ورقة النوايا مع القوات اللبنانية، لا تكاد تشكل بالنسبة له أكثر من مجرد موافقة صورية طالما هي تصب بخدمة تسهيل الهدف الأكبر والأوحد أمام الجنرال وهو الوصول إلى بعبدا، تماماً كالموافقة على ورقة التفاهم بينه وبين حزب الله، والتي ظلّت حبراً على ورق بكل محتوياتها، ما دامت الغاية من وجودها ومن توقيعها لم تتزحزح باستمرار عون كمرشح رئاسي للحزب.

ترشيح ميشال عون

إذ لا يمكن فهم السلوك السياسي للجنرال إلاّ من خلال هذه الخلفية، فلا مانع عند ميشال عون أن يوقع تفاهم أول لا يجد حرجاً من خلاله بدعم قتال حزب الله في سوريا وبنفس الوقت يوقّع على تفاهم ثاني مع القوات اللبنانية ينص ببنده الثامن على “ضبط الأوضاع على طول الحدود اللبنانية السورية في الإتجاهين وعدم استعمال لبنان مقرّاً أو منطلقاً لتهريب السلاح والمسلحين”، وكذلك التناقض الفاقع بالجمع بين حليف الورقة الأولى بتهجمه على المملكة العربية السعودية، وخوضه حرب إعلامية شعواء معها وحليف جديد يطالبه بالإلتزام بسياسة خارجية تطمح “لنسج علاقات تعاون وصداقة مع جميع الدول، ولا سيما العربية منها ” !! والأمر نفسه من التعارض والتناقض يكاد ينجر ويسري على مجمل ما جاء بالورقة الجديدة واختلافها العميق مع الورقة القديمة.

اقرأ أيضاً: هكذا سيهزم سليمان فرنجية ميشال عون في المعركة الرئاسية

المؤكد أنّ هذا التصادم بالتزام ميشال عون بالشيء ونقيضه ليس خافياً على مخضرم عتيق كسمير جعجع، والتاريخ الطويل بين الرجلين كفيلٌ بأن لا ينخدع أحدهما بالآخر، وعليه فالمطلوب مقاربة هذا التفاهم بينهما وفق معطيات تتناسب مع المعرفة المسبقة أحدهما بالآخر. فإذا كان همّ الجنرال هو كسب غطاء مسيحي من القوة الثانية بهذا الشارع، وربح سبعة أصوات في صندوقة الإقتراع، فإنّ جعجع استطاع أن يضع ميشال عون بين ورقتين مختلفتين عليه أن يختار واحدة منهما بحيث ستثبت الأيام أنّ الجمع بينهما هو تماماً كالصياد الذي يركض خلف أرنبين فيضيّع الاثنين معاً.

السابق
وزارة الصحة تحذر من الانفلونزا: الوقاية والعلاج
التالي
هكذا تعاطى الإعلام اللبناني مع «مضايا»