مضايا…تحاصر حزب الله

حزب الله ارتضى لنفسه أن يدخل مداخل السوء، وذلك باللحظة التي وضع سمعته وتاريخه وحاضره ومستقبله وكل ما يملك في كفّة واحدة مع نظام ال "الأسد" وقمع ال "الأسد" وأجرام ال "الأسد" وتاريخ وحاضر ومستقبل ال "الأسد"، بحيث لم يعد معه ينفع أيّ فصلٍ بينهما، فما يمارسه الأوّل، فإنّ تبعاته وما يتفرع عنه لا بد وأن يوضع في رصيد الثاني، شاء أم لم يشأ، حيث يصح المثل أن يقول " قل لي مع من تقاتل... أقل لك من أنت ".

قتال حزب الله إلى جانب قوات بشار الأسد دفاعاً عن نظام البعث، بمَا يشكّل هذا النظام من أبشع صور نماذج الأنظمة الديكتاتورية بأخبث ما يمكن أن يمارس من ممارسات المخابرات، وما يمتلك من أظلم أقبية السجون ووسائل التعذيب في العالم، إنّ نفس هذا الخيار هو بحد ذاته تهمة وجريمة لا يمكن أن تجد لها أيّ مبرر أو معذورية مهما بذل أصحابها من محاولات سوف تذهب حتماً بمهبّ الريح، ولن تعدو أكثر من زبدٍ لا يغيّر حقيقة ولا يبدل واقع .

إقرأ ايضاً : شخصيات شيعية لبنانية تطلق «إعلان مضايا»

وبالعودة إلى مضايا وما أصابها ويصيب أهلها هذه الأيام من حصار جائر، بغضّ النظر عن حجمه وماهيته وضراوته ودرجة إشتماله على كل أهلها أو على بعضهم، يبقى أنّ الحقيقة الثابتة، هي انّ حصاراً مضروباً عليها منذ أشهر وله ما له من أثار لا يمكن وصفها إلاّ بالتوحش واللا إنسانية.

مضايا

صحيح بأنّ حزب الله وعلى طول سيرته الحربية والعسكرية لم يكن ليلجأ إلى مثل هذه الأساليب، بل وأستطيع أن أجزم في هذا السياق وحرصاً على الموضوعية بأنّه كان يراعٍي إلى حدّ بعيد أن تكون مواجهاته وحروبه مع أعدائه ما يمكن أن تسمّى بالحروب النظيفة، ومن موقع العارف يمكن أن أشهد أنّ الكثير من العمليات العسكرية ضد العدو الصهيوني إبان احتلاله لجنوب لبنان كانت تؤجل أو تتوقف نهائياً إذا ما افترض احتمال وقوع ضحايا أبرياء فيها. ولا شكّ أيضاً بأنّ ممارسات الحزب بعد التحرير وبعد الإنسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان كانت بمثابة ممارسات الأنبياء الذين يقيسون تصرفاتهم بميزان الذهب، فقدّم أنموذجا راقياً وحضارياً لا يمكن التعبير عنه أو ذكره إلا بالكثير من الإحترام والتقدير، فلا عمليات انتقامية ولا تعّد على عائلات ولا حتى “ضربة كف” واحدة خارج الضابطة القانونية أو ” الشرعية ” .

إقرأ ايضاً : #مضايا: «صورة المقاومة» يا حزب الله؟ صورة المقاومة؟

هذه الصورة الرائعة التي كانت تحيط بالحزب وسلوكياته في أحلك الظروف وأصعبها ، هي التي يحاول الحزب أن يبقيها في أذهان الرأي العام أولاً وفي أذهان جمهوره ثانياً  وأولاً ، ولكن خياره الإستراتيجي الخاطئ وتموضعه إلى جانب قوات الاسد، الذي إن سُئِل الحزب نفسه عن إمكانية أن تقوم هذه القوات بتجويع أهل قرية بأمّها وأبيها من أجل تحقيق مصالح سياسية لأجاب فوراً وبدون أي تردد : “بيعمل اكتر”.

إقرأ أيضاً :هكذا تشوه صورة «المقاومة»

فالنظام الذي يقصف شعبه بالبراميل ويضربهم بالكيماوي وبالصواريخ البالستية، فإنّ أسهل ما يكون أن يعمد إلى تجويع مدينة، وللأسف فأنت يا حزب الله شريك حقيقي لكل أفعاله، وإنّ كل محاولات التبرير والتكذيب والتلفيق لن تساهم مثقال ذرة في تبرئتك، وبات من المستحيل عليك استعادة صورتك القديمة، فأنت اليوم شريك في جيش الأسد الذي يحاصر مدينة مضايا وبالتالي فإنّك وصورتك القديمة محاصرة هي الأخرى من كل المدن السورية وفي مقدمتهم مضايا .

السابق
ايران تؤكد..محادثات فيينا لن تتأثر
التالي
«إعلان مضايا» الشيعي: ليس بإسمنا يا حزب الله