عند كلّ معتقل لحظات ضعف يعرفها كلّ من ذاق طعم السجون العبرية

العبريون لا يستعملون العصا والكرباج و"زبّ العجل" كثيراً، ولكنهم قادرون على التأثير على الحالة النفسية والمعنوية للسجين لديهم من دون أن يشعر. هم كالطبيب الماهر الذي يتقن "غزّ الإبرة" في عضلة المريض من دون أن يشعر ذلك المريض بوخزها.

المعتقل إنسان، والمناضل هو أكثر من إنسان، فكيف لا، وهو كان على استعداد للموت من أجل قضية آمن بها. وكلّما زادت إنسانية الشخص وتفانيه من أجل الغير فإنّ ذلك يعني بأنّه معرّض للإبتزاز والضغط أكثر من غيره، لأنّه وببساطة، يتمتع بفائض من الشعور الإنساني وحب الحياة بحرية وكرامة.

اقرأ أيضاً: أحمد اسماعيل يروي سمير القنطار(1): الأسير المنسي

كلّنا مرَرْنا بلحظات ضعف، فكيف بمعتقل حُكَم عليه بأكثر من خمسمائة عام من السجن.
سمير القنطار شارك بعملية وهو في سن المراهقة، لم يَرَ من الحياة شيئاً. كان يعرف بأنّه لن يخرج من سجنه إلاّ في صندوق خشبي عتيق. القليل من نقطة ضعف لا تنفي عنه صفة المناضل، ولا أعتقد بأنّها تغطّي على تاريخ ناصع لا غبار عليه.
من هنا: من خلال معرفتي بالصديق أحمد اسماعيل فإنني أجزم بأنّ أحمد لم يقصد سوى عرض مذكرات، مع أنّ توقيتها كان خاطئاً، بل غير مناسب… سمير رحل منذ يومين فقط…
ولكن هذا لا يُبرّر تخوين صديق سمير لسنوات في الزنزانة – أي أحمد – من قبل أشخاص لا يعرفون ماهية السجون والزنازين. النقاط الإيجابية التي أوردها أحمد في نصوصه حول سمير ومناقبيته ونضالاته داخل السجن كانت كافية لنفهم إحترامهما سوياً لتجربة فريدة.

اقرأ أيضاً: أحمد اسماعيل يروي سمير القنطار(2): اختلفنا معه

المعتقل هو مجتمع من نوع آخر. فيه كلّ الأشياء كما في الخارج… فالشخص قد يُخاصم شريك حياته خلال “كزدورة” على “الشانزيليزيه”، فكيف في داخل معتقلات القهر.
أخطأ أحمد بتوقيت نشر مذكراته، كما أخطأت “جوقة التخوين” في الشتم والذم والمعزوفة المعروفة في فحص الدّم الوطني، والتي خبرناها جميعاً كلّما تجرأنا على الكتابة والنقد.

سمير القنطار
من ليس معي فهو عدوّ وصهيوني الهوى… هذا المنطق لا يحل مشكلة ولا يوصل لأيّ مكان. النقاش المفيد الواعي المتّزن يكون أجدى وأنفع وأفيَد… سمير القنطار قتلته إسرائيل وهذا يعني بأنّه مناضل، بغضّ النظر عن النقاش عن ظروف ومكان استشهاده، الذي يعجب البعض ولا يعجب البعض الآخر!
فليتمثّل الشيوعيون بشخص أتشرف بصداقتي معه اسمه بشّار حسين، وليصغوا الى آرائه وكتاباته.

اقرأ أيضاً: أحمد اسماعيل يروي سمير القنطار(3): «سمير المحرّر» اصبح غريبا عنّا!

 

السابق
موسكو: حددنا بعض الجماعات المتورطة في تفجير الطائرة الروسية
التالي
«التّقريب بين المذاهب الإسلامية في القرن العشرين» عن الأزهر والتَّشيُّع محاولاتٌ وتحفّظات