أحمد اسماعيل يروي سمير القنطار(3): «سمير المحرّر» اصبح غريبا عنّا!

احمد اسماعيل وسمير القنطار
في الحلقة الثالثة والاخيره من حديث الاسير المحرّر أحمد اسماعيل عن رفيق سجنه وصديقه في زنزانة العدوّ الشهيد سمير القنطار الذي اغتالته اسرائيل قبل أيام بغارة جويّة في سوريا، نصل لنهاية صداقة بطريقة دراماتيكية مستهجنة، واذا كان خلاف الرأي لم يفسد في الود قضية في سجن العدو، فان الخط السياسي والديني الجديد الذي اعتنقه سمير بعد تحريره كان كفيلا بجبّ كل ما قبله من علاقات وصداقات.

يقول الاسير المحرر أحمد اسماعيل: “في عام 1993 نقل سمير القنطار إلى سجن بئر السبع، وأنا نقلت الى سجن عسقلان وذلك بعد الإضراب عن الطعام لفترة طويلة من قبل جميع المساجين، وكان القنطار عضواً فاعلاً في اللجنة التي قادت الإضراب وبقيت العلاقة مستمرة بيني وبينه عبر المراسلات السرية بين السجون، خصوصاً على صعيد ما يتعلق بالوضع المتوتر بينه وبين العديد من الشباب المعتقلين حول مواقفه الأخيرة ورسائله الموجهة للصحافة الإسرائيلية، يومها تعاطفت معه وتفهمت الظروف القاسية التي عانى منها كل هذه السنوات”.

إقرأ أيضاً: أحمد اسماعيل يروي سمير القنطار(2): اختلفنا معه لأنه أيّد اتفاق أوسلو وعزّى بـ«اسحاق رابين»…

ولكن الاتصالات بقيت بين الصديقين ويفصّل اسماعيل: “وبعد تحريري من سجن الاحتلال في صفقة تبادل عام 1998 بقيت والقنطار على تواصل لأجل الاستمرار في إثارة قضية الأسرى المتبقين، وأذكر أن سمير اتصل بي عبر الهاتف الخلوي المهرّب داخل السجن في 2004 بعد صفقة تبادل خرج على إثرها الشيخ عبد الكريم عبيد وأنور ياسين ورفاقهما من السجون الإسرائيلية ولم يخرج فيها سمير، وقد كان مزاجه سوداوياً وعصبيا في اتصاله هذا، ومصدوماً لأن جميع الأسرى اللبنانيين تحرّروا في صفقات تبادل متباعدة عدا هو، وكان فحوى الاتصال طلبه مني أن أثير قضيته من جديد في الإعلام وفي المحافل السياسية، وأن أصدر بيانا يوضح ويبرز قضيته، ويحمّل حزب الله مسؤولية استثنائه من الصفقة الأخيرة، وعدم شموله حتى النهاية في المفاوضات التي تمت بينه وبين العدو الإسرائيلي عن طريق وسطاء، بسبب عدم إصرار الحزب (برأيه) على إطلاق سراحه أسوة بالشيخ عبيد ورفاقه، ولكني انا لم أقبل ولم أجاريه بطلبه هذا وحاولت ثنيه عما ينوي أن يفعل ويعلن، ونصحته أن يصبر لأن هذا الأمر لن يكون في مصلحته”.

ويؤكد اسماعيل ان “هذا كان آخر اتصال بيني وبينه قبل إطلاق سراحه عام 2008 الذي أعقب حرب تموز 2006 وأسر الجنديين الإسرائيليين”.

سمير القنطار

وعن سؤال إسماعيل عن علاقته بسمير القنطار بعد تحريره أجاب: لقد أدهشني ما قام به وفاجأني عندما التقيته لأهنّئه بالسلامة، أنه لم يسلّم عليّ بحرارة وعاملني كأنني أحد الأشخاص العاديين الذين كانوا يحتفون به يوم استقباله، وعزّز لدي هذا الشعور بالتجاهل المقصود، وحتى الإقصاء تماماً من أي محاولة للقاء معه، هو ما قاله لي الإعلامي زاهي وهبي الذي أعرفه ويعرفني، وأخبرني أنه طلب من سمير القنطار أن يستضيفني معه في برنامجه التلفزيوني الشهير “خليك بالبيت”، غير أن سمير رفض أن أكون معه، كما رفض سمير أن يستضيف وهبي معه في الحلقة أي رفيق له من رفاق السجن.

إقرأ أيضاً: أحمد اسماعيل يروي سمير القنطار(1): الأسير المنسي

وعند سؤال إسماعيل عن رأيه بهذا الرفض وتنكّر سمير القنطار له ولرفاقه، أجاب أنه “وصلتني رسائل غير مباشرة منه تقول أنه أصبح في خط وتوجه سياسي مخالف للتوجّه القديم الذي كان يجمعني أنا والرفاق اليساريين معه، ويعني بذلك انه أصبح منحرطا في صفوف حزب الله، ولكن هذا الردّ مستغرب من قبله (كما قال اسماعيل)، فكيف ينسى سمير سنوات من الأخوّة والمشاركة الانسانية الرائعة التي جمعتنا في زنازين العدوّ، فالصداقة التي جمعتنا سوية هي أقوى من أي موقف سياسي مختلف، ويمكن أن تتجاوزه بسهولة على قاعدة التنوع السياسي وحرية الرأي التي تعوّدنا عليها سابقاً، والتي بادرته فيها يوم توتّر الجو في المعتقل حين جنح هو نحو أوسلو والسلام، فتفهمته ولم أخاصمه أو أبتعد عنه كما فعل هو الآن بعد تحريره ومن دون اي مبادرة سلبية مني”.

هل هذا الموقف الجديد المقاطع لكم من قبله نابع برأيك من قناعته، أم  انه التزم به بناء على طلب قادة الخط الجديد الذي اعتنقه؟ يجيب أحمد إسماعيل: “لا أعتقد أنها قناعته الشخصية، ولكن لاحظت وظهر لي جليا أن سمير، ومن حين تحريره التزم ببروتوكول محدد وصارم مرسوم من قبل من انضم إلى صفوفهم بعد التحرير”.

سمير القنطار

وماذا تقول لروح سمير القنطار الذي سيشيع شهيداً في الضاحية الجنوبية اليوم؟

يجيب اسماعيل : ” اعتصرني الألم والحزن عندما سمعت بخبر استشهاد سمير امس الاحد، وهو سيبقى بنظري بطلاً كبيراً من بلادي، وأعذره عن كل ما بدر منه تجاهي وتجاه الرفاق الذي كانوا مخلصين له وأصدقاء طيّبين أيام السجون الإسرائيلية، إذ ربما أملت عليه ظروف قاهرة لم نعلمها، وهو في النهاية عاش مظلوماً في السجن واختار حياة أخرى ملتزمة بخط معين بعد خروجه”.

إقرأ أيضاً:استشهاد القنطار… أسئلة لا بد منها
وأنهى المقاوم المحرّر أحمد اسماعيل رثاءه بقوله:”سمير سوف يبقى صديقا ورفيقا، ولن أنسى سنوات السجن الأربع التي قضيناها سوية، والأخوّة التي ربطتنا حينها، ولروحه ألف تحية وسلام رغم الغصّة التي أشعر بها، فكما لم أستطع أن أراه بعد التحرير، فإنني لن أستطيع حضور جنازته وتشييعه في غمرة إحاطة جثمانه من قبل أنصاره الجدد وحجبه بما يحاط بالشهداء عادة من حرس هذه الأيام. وأقول له سأبقى وفيّا لذكراك كما عرفتني وعرفتك في أحلك مرحلة من حياتنا، وستظل رفيق سجني الوفيّ… لك الرحمة والخلود”.

(انتهى)

السابق
هنيبعل القذافي يدّعي على حسن يعقوب
التالي
الشاب حسين رمضان العويد (27 عامًا) جثة هامدة في سهل الدلهمية بقضاء زحلة